بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 شباط 2023 12:00ص الحل المطلوب سياسي بالتوافق... لكن بلا تسويات لا تدوم

الدولة شريك في المعالجة لأنها شريك أساسي في الأزمة الاقتصادية

حجم الخط
فرغت الساحة المحلية من أي حلول أو مبادرات أو مقترحات حتى الآن، للخروج من المآزق العديدة التي تورطت فيها البلاد، سياسياً واقتصادياً ومعيشياً وقضائياً ومصرفياً وتربوياً وصحّياً... كما ان الخارج المهتم بلبنان فَقدَ المبادرات واكتفى بالنصائح والطلبات والتحذيرات والتلويح بإجراءات ضد معرقلي الحلول، وأعاد كرة الحلول الى المسؤولين اللبنانيين، الذين ظهرت عليهم اللامبالاة وبقوا متمترسين خلف مواقفهم الخشبية وحساباتهم ومصالحهم الشخصية، ويرمون التهم الواحد على الآخر تبريراً للعجز وقلة الحيلة.
بقي التوتر السياسي وفي الشارع سيد الموقف ما استدعى استنفاراً للحكومة ومجلس الأمن المركزي بعد الاحتجاجات النارية أمام المصارف. وكأن النتيجة وردّ الفعل والغضب هي سبب المشكل وليس ضياع ودائع الناس وجنى عمرها ومدخراتها القليلة، فذهب المسؤولون الى التفرغ لحماية المصارف بدل حماية الشعب لرد بعض حقوقه إليه.
وفي هذا المجال تفيد معلومات مصادر متابعة مصرفية وسياسية، ان المشكلة لا تنحصر فقط بالمصارف ومنها المصرف المركزي، بل تتحمل الدولة جزءاً كبيراً منها لأن أموال المودعين في المصارف باتت منذ زمن بعيد في خزانة الدولة التي استدانتها وفرّطت بها وبددتها على أمور لم تخدم لا السياسة الاقتصادية ولا مصلحة الدولة ولا مصلحة المواطن. لذلك فالحل ليس عند المصارف وحدها بل الدولة هي شريك أساسي في الحل لأنها شريك أساسي في الأزمة وعليها تحمّل مسؤوليتها.
أما في المجال السياسي، فالأزمة تتحمّلها كل الطبقة السياسية القديمة والجديدة، وهي المطلوب منها إيجاد المخارج والحلول بالتوافق ووفق الدستور، لكن بعيداً عن التسويات المصلحية بين القوى السياسية التي أثبتت التجارب انها لا تدوم طويلاً كما حصل في تسوية اتفاق الدوحة الصعب وتسوية انتخاب الرئيس ميشال عون الأصعب بعدها. فكل التسويات التي حصلت بين القوى السياسية لم تُنتج حلولاً بل راكمت الأزمات والخلافات وغطّتها بقشرة رقيقة من التفاهم المؤقت لتقطيع مرحلة صعبة، فمرّت المرحلة بإشتباكات سياسية لاحقاً وانفراط التحالفات والتفاهمات الموضعية، وبخسائر إضافية ولم يتوصل الجميع الى حلول بدليل تنامي الأزمة السياسية وتعاظمها حتى باتت تهدّد فعلياً أسس النظام ودستوره وميثاقه.
ومع توقّع حصول مزيد من التوترات على الأرض، واستمرار الاشتباك والخلاف السياسي حول انتخاب رئيس الجمهورية وبرنامج الإصلاحات وحتى جلسات التشريع النيابية ومجلس الوزراء، انصبّ الاهتمام مؤخراً على تهدئة الوضع في الشارع ووقف الاحتجاجات، لكن بالتهديد الأمني وملاحقة مقتحمي المصارف، من دون حلول لسبب المشكلة. وهذا هو أحد الأسباب ربما التي دفعت عدداً من السفارات العربية والأجنبية من تحذير رعاياها في لبنان لأخذ الحذر في التنقل وعدم التوجه الى أماكن التوتر والصدام في الشارع، علماً ان هذه التحذيرات طبيعية ومن باب أخذ الحيطة وليست جديدة إذ تحصل منذ سنوات في لبنان.
وطالما الشيء بالشيء يُذكر، فقد تبيّن ان الدول المتابعة عن قُرب للوضع اللبناني، لم تعد ترى في لبنان سوى انهيارات كبيرة وخلافات عميقة ما يكبّل يديها ويخفف مساعيها للمساهمة بالحل، فيما يعتبر الكثيرون ان أحد أوجه الحل يكمن في تخفيف الضغوط الخارجية والشروط على لبنان لمساعدة الحكومة على إيجاد حلول لبعض المشكلات وتخفيف الأعباء على المواطن، ومنها حل أزمة استجرار الكهرباء والغاز من الأردن ومصر التي ما زالت مقيّدة بحجة «قانون قيصر» وشروط إجرائية أخرى بخلفيات سياسية. ومع ذلك بُذلت جهود محدودة من قبل بعض مسؤولي الدولة بهدف استثناء لبنان ومصر والأردن من عقوبات «قانون قيصر» اسوة بكثير من الدول، لكن يبدو ان القرار الأميركي ما زال قائماً بعدم تخفيف الضغط على لبنان لأسباب لا تتعلق بلبنان فقط، بل أكثر بالصراعات الاقليمية والدولية القائمة.