بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 تموز 2022 12:00ص الغليون تقليد اجتماعي عبر التاريخ

حجم الخط
بين الإنسان والتبغ علاقة قديمة بدأت منذ تعرف الأقدمون إلى خصائص هذه النبتة، وبدأوا يستخدمونها بطرق مختلفة، كان أهمها تدخينها بوساطة الغليون. من هنا احتل الغليون مرتبة سامية في تقاليد الشعوب وعاداتها وتعدّت الغاية من تدخينه الشعور بالارتياح إلى الارتقاء الروحاني وضروب الشعوذة.
ففي أميركا الشمالية، مثلاً، كان الهنود الحمر يتخذون قراراتهم الحاسمة وهم متحلقون حول غليون كبير. وكانوا يعتبرون الدخان المتصاعد رمزاً للدعاء والصلاة والتواصل مع الآخرين. إضافة إلى ذلك، كانوا يحفرون حفرة كبيرة في الأرض ويملأونها بالتبغ ثم يتنشقون الدخان المتصاعد منه بوساطة أنابيب خاصة.
عداوة وطلاق!!
وعند بعض القبائل كان الفرد يعرف عدوه من شكل غليونه. كما كان بعضهم يعتبره رمزاً للطلاق. ففي قبيلة «بنجوراس» في جنوبي أوغندا، تقوم المرأة بالعناية بغليون زوجها وتنظيفه وحشوه، ثم وضعه في مكان أمين. لذا فإن أراد الرجل تطليق زوجته، فإنه يغير مكان الغليون، ويعلقه بطريقة تعرضه للسقوط، حتى إذا سقط وانكسر، أصبح من حقه المطالبة بالطلاق. وفي حالة كهذه يمكن لعائلة الزوجة التوسط لإنقاذ الحياة الزوجية بشراء غليون جديد للزوج الغاضب. ويعرف أن قبائل إفريقية مختلفة تستخدم الغليون كالنارجيلة ، وذلك بالتناوب على تدخينه من قبل جماعة من الأهل أو الأصدقاء، كما تعتبره رمزاً للضيافة والتكريم.
الغليون في أوروبا
لم يكن الغليون معروفاً في أوروبا قبل اكتشاف كولومبس لأميركا الشمالية. وروى هذا الأخير في مذكراته أنه دهش لرؤية الدخان يتصاعد من أفواه وأنوف السكان الأصليين، الأمر الذي دفعه إلى نقل نبتة التبغ إلى أوروبا. ويذكر أن أول أوروبي عوقب بسبب تدخين الغليون كان البحار رودريغو دو خيريس الذي رافق كولومبس في رحلته، وحمل معه الغليون إلى إسبانيا. فقد حكم عليه أحد القضاة الإسبانيين بالسجن مدة عشر سنين لاتهامه بالشعوذة. ويذكر الرواة أن تدخين الغليون قد منع في القارة الأوروبية في بادىء الأمر وكان عقاب مدخنيه الشنق، إلا أن بطرس الأكبر سمح بتدخينه في روسيا.
وفي أواسط القرن السادس عشر، بدأت نبتة التبغ تتأقلم مع التربة الأوروبية، فتفشت عادة تدخين الغليون في تلك القارة، وأنشئت فيها معاهد لتعليم فن التدخين. كما عرف أن رجلاً في العاصمة البريطانية لندن أعلن عن رغبته في إعطاء دروس خاصة بأصول التدخين.
بهذا دخلت نبتة التبغ إلى منازل الأوروبيين على شكل زينة، كما روج السفير الفرنسي في برشلونه جان نيكوت استخدامها كنبتة طبية فنسبت إليه مادة «النيكوتين» الموجودة في التبغ. وفي هولندا لعب الغليون دوراً اجتماعياً مميزاً، وخصوصاً في شؤون الحب والزواج. فالشاب الراغب في الخطبة، كان يشتري غليوناً ويطلب من الفتاة المعجب بها إشعاله كدليل على موافقتها. كما أن الزواج كان يتم على مراحل، وذلك بعد إشعال الفتاة الغليون للمرة الثالثة.
وفي ألمانيا اعتبر الغليون من مواصفات الرجولة، بينما اتخذ في فرنسا طابعاً سياسياً واشتهر كرمز لأبطال الثورة.
 وقبل انتشار المقاهي في الغرب، أنشئت أماكن لتأجير الغلايين. أما الآن فتوجد نواد خاصة يجتمع فيها مدخنو الغليون الذين يفضلونه على السيجارة، كونه يشعرهم بعد تدخين محتواه بالمتعة والارتياح.