بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2021 12:00ص برصيدها ٩٠٠ مليار ليرة... بلدية بيروت غائبة عن واقع العاصمة المأساوي

حجم الخط
من يسير في شوارع بيروت نهاراً أو ليلاً، لا فرق، ويعاين حجم الإهمال الذي يشمل كل شيء من أرصفة وشوارع وإنارة ونظافة وخدمات. فعلاً كل شيء. يدرك أنها مدينة متروكة لقدرها وأن القيّمين عليها فاقدون الحس بالمسؤولية أو عاجزون عن العمل لأسباب وجيهة.

وكانت «اللواء» طرحت هذا الواقع وألقت الضوء على بعض حاجات بيروت البديهية التي لا يتم تأمينها من قبل المجلس البلدي أو المحافظ، على الرغم من صرفهم مبالغ بالمليارات على شكل سلف مالية اعطيت لبعض الموظفين المقرّبين. كما أن «اللواء» سبق لها أن لفتت الرأي العام البيروتي إلى أن البلدية لا تزال تملك ما يقارب ٩٠٠ مليار ليرة ورغم ذلك تغيب عن شوارع العاصمة أية صيانة جدّية أو متابعة تذكر. وهنا لا يحسب للقيّمين عدد البيانات الإعلامية التي يصدرونها حول أعمالهم وإنجازاتهم التي لم يظهر أي منها بصورة لافتة، ولم يتأثر البيارتة فعلياً وبشكل إيجابي بأي منها.

وبعد البحث والتدقيق، وبدل الاهتمام بمشاكل أهالي بيروت وهمومهم وأزماتهم المستعصية، صبّ المعنيون إهتمامهم على التصويب والهجوم على مرحلة المحافظ السابق زياد شبيب، في محاولة واضحة لصرف الأنظار عن فشلهم وتقاعسهم في إدارة شؤون بيروت المنكوبة منذ إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020.

وهنا لا بد من طرح عدة أسئلة توضع برسم الرأي العام البيروتي، من كان على علم بوجود نيترات الأمونيوم في العنبر رقم 12 وترك عناصر فوج الإطفاء يسقطون على باب العنبر المشؤوم؟، ومن أطفأ أعمدة الإنارة حتى باتت بيروت مدينة مظلمة من شرقها إلى غربها؟ ومن أفشل مشروع مكننة بلدية بيروت وترك السرقات والرشاوى والمحسوبيات تعشعش في إدارة البلدية؟ ومن يمنع بلدية بيروت من إقرار قطع الحساب لعدم تبيان مداخيل البلدية ومصاريفها السنوية؟ ومن يبتز الشركات المتعهدة ويهدد البيارتة بتراكم النفايات في شوارعهم وبيوتهم لأنه غير قادر على حل الأزمة؟

إن أهالي بيروت وسكانها متروكون لمصيرهم، الأزمات تحاصرهم من كل حدب وصوب، لا خدمات صحية وإستشفائية سوى غرفة لفحوصات الـ PCR موضوعة في حرج بيروت، لا إنارة ولا صيانة للطرقات سوى بعض الأعمال التي لا تغطي شوارع قليلة في العاصمة، النفايات تتراكم على جوانب الشوارع وأمام الأبنية السكنية دون حل جديّ لإنهاء الأزمة، لا مشاريع ولا خطط إنمائية بل سلف بالملايين دون جدوى.

يعلم القاصي والداني، أن البيارتة وغير البيارتة المقيمين في نطاق العاصمة، لا يحظون بمساعدة ودعم بلدية بيروت التي تُعدّ أغنى بلدية في لبنان، وهي عاجزة عن لعب دورها الإنمائي والخدماتي والأمني، في ظل الأزمات التي تحاصر العباد، وإن غياب البلدية عن المشهد المأساوي اليومي يغضب أهالي وسكان بيروت، لكن ما يغضبهم أكثر هو عندما يرون ما تقوم به بلديات أخرى ضمن نطاقها وهي بلديات ليست بحجم وقدرة بلدية بيروت.

وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم بلدية الغبيري أقرب البلديات إلى بيروت، بتقديم خدمات صحية عبر ثلاثة مراكز رعاية صحية أولية تابعة لبلدية الغبيري في إختصاصات متنوعة كأمراض القلب والشرايين، طب أسنان ، والصحة العامة ورعاية صحية للأطفال والنساء، إضافة إلى تقديم إرشادات صحية حيث تخصص أيام صحية مجانية وفحوصات pcr بالتعاون مع وزارة الصحة، كما أطلقت مشروع «خير الناس» لإعارة المستلزمات الطبية والتأهيلية، كالعكاز، ومكنات الأوكسجين، فضلاً عن متابعة الحالة الصحية للمصابين بفيروس كورونا في منازلهم وتأمين المعقمات وحاجاتهم الأساسية، هذا غير المساعدات الإجتماعية والمالية والعينية التي تتضمن مساعدات مدرسية لشراء الكتب والقرطاسية أو أدوية، بالإضافة إلى أنها تقدم خدمات يومية من صيانة عامة للكهرباء والماء والكنس وتنظيف الطرقات وتنظيم السير والحدائق وحالات الطوارئ.

أما بلدية الشياح فتقوم بتأمين الحليب والحفاضات للإطفال، كما توزع أدوية للأمراض المزمنة والمستعصية، وتعمد منذ أيام على إزالة النفايات المتراكمة في الشوارع بعد توقف شركات النفايات عن العمل بسبب إضراب عمالها، وأيضاً، تتبع بلدية صيدا إستراتيجية قديمة قائمة على التشبيك الكامل مع المجتمع المدني لسد أكبر قدر ممكن من إحتياجات الناس وخدمتهم، حيث تتعاون البلدية مع مختلف الجمعيات الرياضية والصحية والإجتماعية والكشفية وتؤمن لهم المظلة للعمل، وتم تأسيس خلية إدارة الأزمات والكوارث في البلدية، منذ بداية أزمة كورونا، لتقديم المساعدات الإجتماعية وتم تقديم 3 مليار و200 مليون ليرة قدمتها البلدية لأهالي صيدا كمبالغ نقدية وتجري فحوصات pcr مجانية في الملعب البلدي لمدينة صيدا، والجمعيات قدّمت خدمات لمراكز اللقاح في مستشفى الحكومي والمستشفى والتركي وكانت خلية الأزمة تصدر التقارير اليومية بالنسبة لأعداد المصابين ومتابعتهم في منازلهم وتأمين إحتياجاتهم اليومية من وجبات غذائية والمعقمات والمستلزمات الطبية، كما قامت البلدية بتأمين 40 مكنة أوكسجين، كإعارة، مجانًا لمن هم بحاجة.

هدفان أساسيان وراء تسليط الضوء على ما تقوم به البلديات، الأول للإشادة بها وبجهودها وعملها في سبيل تأمين حاجات المواطنين، والثاني هو لإخبار بلدية بيروت المتليهة بمحاولة إلقاء الملامة على غيرها، أن أهالي بيروت لن يصبروا طويلاً.