بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الأول 2019 12:10ص بعد هدم الاحتلال منزلها للمرّة الخامسة «خنساء فلسطين» لـ«اللواء»: لن يهدّوا حيلي

الحاجّة «أم ناصر» أبو حميد فوق أنقاض منزلها الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي أمس في مُخيّم الأمعري - رام الله الحاجّة «أم ناصر» أبو حميد فوق أنقاض منزلها الذي هدمه الاحتلال الإسرائيلي أمس في مُخيّم الأمعري - رام الله
حجم الخط
عندما تتحدّث إلى «خنساء فلسطين» الحاجّة لطيفة محمّد ناجي أبو حميد «أم ناصر» (73 عاماً)، لتواسيها عمّا يقترفه الاحتلال الإسرائيلي ضدّها وأفراد عائلتها، وليس آخرها هدم منزلها للمرّة الخامسة أمس (الخميس)، في مُخيّم الأمعري - رام الله في الضفة الغربية المُحتلّة، إلا ونجدها تمتلك قوّة وثباتاً وإصراراً على الصُمود ومُواجهة المُحتل.

الحاجّة «أم ناصر» أبو حميد، زوجة شهيد ووالدة شهيد، ولديها 6 أبناء وحفيد في سجون الاحتلال، علّقت لـ«اللواء»، على هدم الاحتلال منزلها للمرّة الخامسة، والثانية خلال أقل من عام، بالقول: «أفتخر بأنّني أُمُّ الشهداء والأسرى وليس العملاء، هم يهدمون البيت، لكن لن يهدّوا حيلي، الحيل قوي ما بينهد، وسأُعيد بناء ما هدّموه مُجدّداً، هذه الأرض أرضنا وطالما هناك احتلال سنُقاومه».

المرأة السبعينية، لها حكايات مع الاحتلال الإسرائيلي، تعود إلى أكثر من ثلاثة عقود ونيف، زوجها وأولادها العشرة دفعوا ضريبة النضال في سُجون الاحتلال، استشهد أحدهم وما زال 6 منهم في سجونه.

وأمس (الخميس) أقدمت قُوّات الاحتلال على هدم منزل «أم ناصر» أبو حميد في مُخيّم الأمعري، للمرّة الخامسة، والثانية خلال عام، والواقع حيث قتل الجندي رونين لوبرسكي من وحدة «دوفدفان» في شهر أيّار 2018، فحكمت «المحكمة العسكرية» الإسرائيلية على إسلام أبو حميد بالسجن المُؤبّد، ودفع تعويض مالي بقيمة 258 ألف شيكل بتهمة قتل الجندي بحجر كبير رماه فوق رأسه.

فقد اقتحمت قُوّة كبيرة من جيش الاحتلال الإسرائيلي فجراً مُخيّم الأمعري، فوقعت مُواجهات مع الشُبّان، قبل أنْ يتم هدم المنزل المُؤلّف من طبقتين.

وكان الاحتلال قد أقدم على تفجير منزل عائلة أبو حميد، بتاريخ 15 كانون الأوّل 2018، والمُؤلّف من 4 طوابق، ما أدّى إلى تدميره وتضرُّر عدد من المنازل المُجاورة.

لكن جرت إعادة بناء المنزل بتوجيهات من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أعطى توجيهاته لإعادة بناء المنزل مُجدّداً.

وكان الاحتلال قد هدم منزل عائلة أبو حميد 4 مرّات سابقة في الأعوام: 1985، 1994، 2005 و2018.

الحاجّة لطيفة أبو حميد، «أم يوسف»، لكنها تشتهر باسم «أم ناصر» أبو حميد، هي زوجة يوسف ناجي أبو حميد، الذي اعتقله الاحتلال مرّتين على الرغم من أنّه كفيف، وأنجبا 10 أولاد ذكوراً، جميعاً اعتُقِلوا مرّات عدّة، وأمضوا سنوات طوال في سجون الاحتلال، ما زال 6 منهم حتى الآن.

رحل الوالد بعد صراعٍ مع المرض، دون أنْ يتمكّن من رؤية أبنائه الأسرى واحتضانهم.

نجلها الشهيد عبد المنعم، نصب كميناً للاحتلال، واستدرج مسؤول المخابرات الإسرائيلية في الضفّة الغربية، وقتله مع جنديين، وتمكّن وأفراد المجموعة من التواري، قبل أنْ يستشهد برصاص الاحتلال بعدما أدّى الصلاة في المسجد الأقصى المبارك في القدس في 31 أيار 1994، حيث أعدمه جنود الاحتلال من نقطة صفر، وتبيّن وفق التشريح إصابته بـ150 رصاصة، فضلاً عن تشريح كافة جسده من قِبل الاحتلال. 

أما أولادها الستة، الذين ما زالوا في سجون الاحتلال، فهم:

- ناصر (38 عاماً) محكوم بـ7 مؤبّدات و50 عاماً، وهو مُمثّل الأسرى في سجن عسقلان.

- نصر (36 عاماً) محكوم بالسجن 5 مُؤبّدات.

- شريف (30 عاماً) محكوم بالسجن 4 مُؤبّدات.

- محمّد (25 عاماً) محكوم بالسجن مُؤبّدين و30 عاماً.

- جهاد مُعتقل إداري منذ العام 2018.

- إسلام (33 عاماً) محكوم بالسجن مُؤبّداً واحداً.

فضلاً عن 3 كان قد اعتقلهم الاحتلال قبل الإفراج عنهم، وهم: يوسف، شادي وباسم.

كما اعتقل الاحتلال قبل عدّة أشهر حفيدها رائد نصر أبو حميد.

وعلى الرغم من حرمان الاحتلال للحاجة «أم ناصر» من أبنائها، وحتى زيارتهم، لكنّها استطاعت أنْ تُخرِج «نطفة» إبنها نصر، وأنْ يتم تلقيح زوجته بها، فتضع مولوداً ذكراً، قبل عدّة أشهر.

كما أنّ ابنها محمّد، المحكوم بالسجن المؤبّد ويقبع في سجن عسقلان، أوصى خلال شهر كانون الأوّل 2018، بتبرّعه بكافة أعضاء جسده بعد وفاته إلى كل مريض يحتاج إليها.

أيُّ قُوّةٍ تمتلكها الحاجّة «أم ناصر»، وهي تُشاهد المُحتل يهدم حجارة منزلها للمرّة الخامسة، محاولاً محو الذكريات، لكن هي اعتادت على تقديم التضحيات، وتذكر أنّه خلال أحد الاقتحامات في العام 1994، دفعها أحد جنود الاحتلال أرضاً، وهي حامل في الشهر الثامن، قائلاً: «عندك 10 أولاد وبدّك كمان»، وعندما ذهبت إلى المستشفى وجدت أنّ الجنين قد مات.

وعندما التقيتُ بالحاجّة «أم ناصر» في منزلها بمخيّم الأمعري قبل هدمه، استعادتْ لحظة اعتقل نجلها إسلام بالقول: «بعد مقتل جندي من وحدة «دوفدفان» كانت أمام منزلي في شهر أيّار 2018، اعتقلوا إسلام وأبناء أولادي، لكن أفرجوا عنهم، كما أفرجوا عن إسلام بعد 8 أيام من التحقيق والتعذيب، لكن لم يعترف بأي شيء، وبعد عدّة أيام، وفجراً، وكنتُ نائمة ومعي في المنزل إسلام، إذ بي أُشاهد ضابطاً إسرائيلياً وجنوداً داخل المنزل، بعدما قاموا بتفجير باب المنزل بعبوة لم نسمع صوتها، وعندما سألتُ الضابط : «خير؟!»، أجابني: «إنتِ بيجي منك خير، إبنك قتل ضابط وجنديين، واليوم إبنك قتل جندي»، وقيّدوا يدَيْ إسلام، وأغمضوا عينيه ونقلوه إلى التحقيق القاسي لانتزاع اعتراف منه، قبل إصدار الحكم واتهامه بقتل الجندي».

إلى ذلك، زار رئيس الوزراء د. محمد اشتية، أمس (الخميس) في رام الله، الحاجّة «أم ناصر» أبو حميد، حيث قال خلال اللقاء: «أنقل لكم تحيات الرئيس محمود عباس، وأؤكد لكم أنّنا سنبقى على العهد في الوفاء بالتزاماتنا تجاه أسرانا وشهدائنا وعائلاتهم، فهذا يقع في صلب أولوياتنا واهتماماتنا، وسنبني ما هدّمه الاحتلال».

وأكد «أنّ «أم ناصر» مدرسة في الصبر، ونتعلّم منها الثبات والصمود، وإنْ شاء الله سيأتي اليوم الذي نقوم فيه بزيارتكم في منزلكم بالقدس».