في ظل استمرار تفاقم الازمات على كافة المستويات لا سيما الاقتصادية والحياتية، يجد المواطن اللبناني نفسه متروكا لقدره مع غياب واضح لكافة السلطات المختصة، فليست الحكومة وحدها مستقيلة من واجباتها تجاه شعبها منذ قرابة ثلاثة عشر شهرا، بل ايضا المجلس النيابي الذي لا يجتمع الا نادرا ومن اجل تمرير مواضيع له مصلحة فيها، فهناك العديد من النواب وعلى الرغم من استمرارهم في مناصبهم قرروا الاعتكاف عن القيام بواجباتهم ولاسباب شخصية، كما ان هناك عددا كبيرا منهم غابوا كليا عن وجع ناخبيهم ومنهم ايضا من هو خارج البلاد. والسؤال المطروح في هذه الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها البلد اين هؤلاء النواب من مشاكل المواطنين؟ وماذا قدموا من حلول؟ والعتب موصول الى بعض نواب العاصمة التي هي قلب بيروت هذا القلب الدامي الذي له مكانة استثنائية لكل ابناء الوطن.
وللاطلاع على اوضاع العاصمة ومشاكلها التقت «اللواء» محافظ مدينة بيروت القاضي مروان عبود الذي كانت له حركة لافتة في الفترة الاخيرة لمعالجة بعض مشاكل العاصمة فقال عن دوره:«من واجباتي كمحافظ لمدينة بيروت العمل قدر المستطاع من اجل ايجاد الحلول لمشاكل العاصمة، رغم ان اليد قصيرة والعين بصيرة، خصوصا انني لمست ان لدى ابناء بيروت ثقة وامل بشخصي، وهذا الامر حمّلني مسؤولية كبيرة جدا، لذلك احاول ان اكون على مستوى ثقتهم بعملي من خلال وجودي الى جانبهم في المجالات كافة، على الرغم ان هناك امورا ليست من اختصاصي كمحافظ، مثل معالجة موضوع الكهرباء والمياه وهما من اختصاص وزارة الطاقة، فبيروت كما باقي المناطق اللبنانية تعاني من انقطاع كبير للكهرباء، من هنا قررت ان اقوم بما يمكن لتخفيف المعاناة هذه عن اهلي من خلال التواصل مع المسؤولين المعنيين في قطاعي الكهرباء والمياه من اجل توفيرهما لابناء العاصمة قدر المستطاع».
ضخّ المياه يحتاج كهرباء
أضاف:«بالنسبة لمسألة المياه هناك متابعة حثيثة من قبلنا مع وزير الطاقة، ومؤسسة مياه بيروت، ومؤسسة الكهرباء، كي تستمر التغذية الكهربائية لمحطات ضخ المياه، لانه وبحسب التقنيات الموجودة في هذه المحطات فانها تحتاج الى 14 ساعة كحد ادنى من التغذية في الكهرباء باليوم كي تبقى المياه متوفرة في الشبكة، لان هناك خطراً على عدم توفر المياه اذا لم تكن هناك التغذية المطلوبة للكهرباء لكي تستمر بضخ المياه لسكان بيروت».
اما بالنسبة لمسألة الكهرباء فهناك متابعة ايضا لهذا الملف كي تنعم العاصمة بأكبر قدر ممكن من الكهرباء حسب ما يشير القاضي عبود، مؤكدا انه سيتابع تفاصيل تغذية بعض المناطق في بيروت على حساب احياء أخرى مع مؤسسة الكهرباء من اجل ان يكون هناك عدالة ومساواة في توزيع الطاقة بين كل المناطق البيروتية.
أزمة النفايات قيد المعالجة
وعن موضوع تراكم النفايات في بيروت اعلن عبود ان هناك تواصلاً يومياً مع شركة «رامكو» المكلفة برفع النفايات من العاصمة من خلال مساعدتها في تأمين المحروقات لالياتها، كي يستمر عملها بشكل طبيعي وتأمين المازوت لها بالسعر المدعوم، ولفت الى ان هناك مفاوضات تجري مع الشركة حول كيفية تنفيذ العقد وتعديل الاسعار لاستمرار عملهم من خلال ايجاد حل رضائي واتفاق، خصوصا ان العقد بين الشركة والدولة اللبنانية هو بالدولار ولكن تتم محاسبتهم على سعر صرف الدولار على 1500 ليرة، مشيرا الى انه سيتم التنسيق لمعالجة الموضوع مع مجلس الانماء والاعمار.
الأمن والاستقرار أولوية
وعن كيفية الحفاظ على الوضع الامني في بيروت في ظل الفوضى التي تشهدها العاصمة، يلفت عبود الى ان هناك تنسيقاً دائماً ومستمراً مع كافة الاجهزة الامنية والعسكرية للحفاظ على امن المواطن البيروتي، رغم الاوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها السلك العسكري، كذلك الحرس البلدي الذي يعمل بشكل مكثف ومستمر منذ تفجير الرابع من اب، خصوصا ان رواتب هؤلاء اصبحت ضئيلة جدا، ويشدد على انه سيبذل كل ما يستطيع لمساندتهم ودعمهم لان الحفاظ على الامن والاستقرار هو اولوية في هذه الظروف الصعبة.
نعم لإحياء الوسط التجاري
وحول كيفية المساعدة على نهوض وسط العاصمة يكشف المحافظ عبود انه تم عقد اجتماع بينه وبين ممثلين عن شركة «سوليدير» مطلع الاسبوع، وتم الاتفاق على وضع خطة لاعادة احياء وسط بيروت من خلال بعض الحوافز التي يمكن ان تقدم للمستثمرين، ويؤكد انه لا يجوز ان يبقى قلب العاصمة من دون نبض، ويتوقع ان تعرض شركة «سوليدير» في وقت قريب خطة نهوض للمنطقة، مبدياً استعداده لدراستها وتقديم كل ما يمكن من تسهيلات لاعادة احياء المنطقة الى ما كانت عليه من ازدهار وانتعاش، خصوصا المنطقة المحيطة بمقر المجلس البلدي التي اصبحت مهجورة بالكامل، بسبب خوف اصحاب المؤسسات والمحلات من اعادة فتح مؤسساتهم والاستثمار مجددا في المنطقة خوفا من اعمال الشغب والتخريب بعد ان اصبحت المنطقة مركزا للمحتجين والمتظاهرين وبعض المستغلين.
ويختم القاضي عبود املا بإيجاد الحلول السريعة لاعادة إنعاش بيروت وازدهارها وعودتها الى سابق عهدها لانها كانت وستبقى قلب لبنان وعروس الشرق، واعدا بأنه سيبقى الى جانب اهالي العاصمة لمساعدتهم في هذه الظروف الصعبة.