بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 أيلول 2022 12:00ص كيوان لـ«اللواء»: لبنان بات مجتمعاً متهالكاً لخسارة شبابه

هجرة الفتيات ظاهرة خطيرة والسبب فقدان مقومات الحياة

د. فاديا كيوان د. فاديا كيوان
حجم الخط
بعدما اصبح مستقبل لبنان قاتما انطلاقا من ما نعيش فيه من ارتدادات لازمات مختلفة واستثنائية وافاق مقفلة تنذر بمزيد من التأزم في المرحلة المقبلة نتيجة سرقة امال ومستقبل الأجيال، فلم يجد الاهل سبيلا لهم سوى وضع عواطفهم جانبا وتشجيع أبنائهم للهجرة من اجل البحث عن مكان امن يحتضن أحلام وطموحات فلذات اكبادهم، مما يعني تشرذم العائلات اللبنانية في بقاع الأرض الواسعة نتيجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية الضاغطة التي يتعرض لها الشعب اللبناني لا سيما منذ سنوات وتحديدا ما بعد ثورة 2019، وهكذا يكون لبنان يواجه يوميا خسارة للأدمغة ولخيرة شبابه وشاباته.
واللافت ان لبنان الذي كان يُعتبر مستشفى الشرق وجامعته، أصبح اليوم يفتقد الى ادنى مستويات العيش الكريم بسبب عوامل متعددة ومنها خسارته لرأسماله البشري نتيجة المغريات المقدمة له من دول العالم، وبحسب اخر الإحصاءات فإنه من المتوقع ان تكون خسارة لبنان لشبابه في هذه المرحلة خسارة غير مسبوقة، نتيجة ارتفاع أقساط الجامعات المرموقة «بالدولار الفريش» وبحيث لم يعد بمقدور معظم الأهالي تكبدها خصوصا بعد ان تقلصت الطبقة المتوسطة وفي ظل وضع متهالك للجامعة اللبنانية، فكان التوجه هو لتصدير الأجيال الى الجامعات المجانية في دول العالم، او الاستغناء عن استكمال العلم حيث تعمد بعض العائلات الى تعليم أولادهم الصبيان دون الفتيات.
وحول هذه الظاهرة تقول المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان «للواء»: «يعيش لبنان من عقود وتحديدا منذ بدء الحرب اللبنانية مأساة تتمثل بهجرة الشباب، ولكن من حين الى الاخر يستعيد الشعب اللبناني الامل بإمكانية البقاء في وطنه ولكن لا يبرح الا ان يتلاشى هذا الامل بسبب استمرار العواصف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، مما يدفعهم مجددا للبحث عن بلد يلجؤون اليه او تحفيز اولادهم للهجرة، وبفعل هذه المعاناة فقد تشتت بعض العائلات في دول الاغتراب، وصعوبة الظروف الراهنة دفعت الأجيال الشابة الى ترك وطنهم واهلهم والبحث عن مستقبلهم في الخارج، وهذا الامر سيؤدي الى فقدان الروابط ببلدهم وستقتصر عودتهم الى وطنهم على زيارة مجاملة سنوية بهدف الاطمئنان على الاهل وربما زيارة أخرى للمشاركة بدفن ابائهم وامهاتهم ومن ثم يقومون ببيع ميراثهم للمغادرة نهائيا».
وتلفت كيوان الى ظاهرة جديدة وهي هجرة الشابات بهدف العلم او العمل حتى لو اضطررن للعمل بأجور متدنية ، وتشير الى خطورة هذا الامر على الصعيد الاجتماعي علما انهن يحصلن على مراكز هامة في عدد من الدول لا سيما دول الخليج العربي وبات هدفهم الأساسي تأمين حياة امنة وكريمة ولو كانت بعيدة عن منزل العائلة، واللافت حسب كيوان ان الاهل اصبحوا يحفزن هؤلاء الفتيات للهجرة لأنهن كما باقي الشعب اللبناني اصبحن يفتقدن لأساسيات مقومات الحياة.
من هنا تعتبر الدكتورة كيوان بأن لبنان اصبح ومنذ عقود مجتمع متهالك مفكك على المستوى الاجتماعي السياسي وهذا امر خطير يسبب خسارة لبنان لأجياله الشابة واستفادة الدول التي يهاجرون اليها من هذه القوة العاملة لتصبح داعمة لاقتصاديات الدول التي تعيش فيها، لذلك فهي تشدد على وجوب إعادة النظر بالكيان الوطني اللبناني وقدرته على الاستمرار، داعية الى الاستفادة من الطاقات الشابة من اجل القيام بنهضة اقتصادية شاملة للبلد من اجل استمراره في النمو والازدهار.
وإذ تشيد المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية بمستوى النظام التربوي في لبنان الذي جعل طلابه يتألقون ويبرزون في المراكز الهامة في الخارج، فإنها تدق ناقوس الخطر بالنسبة الى هجرة الشباب ومن الجنسيين وترى ضرورة بحثه على المستوى الوطني من خلال الوزارات والمؤسسات المعنية من خلال عقد مؤتمر وطني بمشاركة أهالي الطلاب ومدراء المؤسسات التربوية وبعض اركان الاقتصاد لبحث السياسات الشبابية وخطر هجرتهم على الاقتصاد واتخاذ خطوات لثنيهم عن ذلك والسعي لإيجاد فرص لبقائهم خصوصا ان لدى لبنان قدرة تربوية تنافسية وتشير الى ضرورة العمل لتحفيز تحسين شروط الحياة لدى جيل الشباب من خلال تأمين الكهرباء والتي يجب ان تكون من أولويات الرئيس المقبل وفق خطة جدية، بإعتبار ان من شأن ذلك تنشيط الدورة الاقتصادية، كذلك العمل على توفير المياه ووسائل النقل العام وتثبيت سعر صرف الدولار واعادة النظر بالرواتب ومداخيل موظفي القطاع العام ووقف الهدر والتهريب.
وختمت الدكتورة كيوان بالتأكيد على ضرورة إعادة الثقة بين المواطن والدولة واستعادة قدرتها من اجل القيام بخدماتها الضرورية.
وفي هذا الاطار تقول السيدة رنا بكري عن تجرتها بقرار سفر ابنتها دانا الى تولوز الفرنسية :«بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة التي نمر بها، وغياب افاق المستقبل كان لا بد لنا من اتخاذ القرار الصعب وهو دفع ابنتي الى السفر لكي تحظى بمستقبل افضل ولبدء مرحلة جديدة من حياتها من خلال دخولها الى احدى الجامعات الفرنسية الحكومية رغم ان عمرها لم يتجاوز ١٨ عاما».
أضافت:«للأسف نعلم ان هذه الخطوة ستكون صعبة جدا علينا باعتبارها الابنة البكر والوحيدة، كما انه سيكون لها انعكاس سلبي ونفسي على شقيقها الأصغر، علما انا وزوجي نعمل ليلا نهارا لتأمين متطلبات الحياة الأساسية وبدل قسط مدرسة ابني الذي اصبح «بالدولار الفريش»، كما أتطلع انا وعائلتي للهجرة في اقرب فرصة ممكنة بعدما فقدنا الامل بالطبقة الحاكمة التي اوصلتنا الى ما وصلنا اليه من ازمات».
اما الشابة لما سبليني الموجودة بهدف العمل في ابوظبي قالت:» بعد انفجار المرفأ في الرابع من اب 2019 ونتيجة ردة فعل قوية والضغوط المتعددة التي نعاني منها، قررت مغادرة لبنان رغم انني لم اكن أتوقع ذلك ابدا خصوصا انه معروف عني تمسكي ببلدي وتحديدا بمدينتي الاحب الى قلبي بيروت، ولكن فور ان تلقيت عرض عمل في دولة الامارات العربية وافقت دون تردد لا سيما بعد أن وجدت كل التشجيع من عائلتي الذين يعانون كما كل اللبنانيين من القلق والخوف في ظل مستقبل مجهول، لذلك اعتبر نفسي محظوظة بالمجيء الى بلد امن مستقر يهتم بحياة الانسان». 
شمس الدين
وحول اخر ارقام الأشخاص الذين غادروا لبنان بهدف الهجرة يقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين «للواء» للأسف ليس لدينا رقما محددا عن العام الحالي، ولكن في العام 2021 بلغ عدد الأشخاص اللذين هاجروا اكثر من 79 الف مواطن بينهم حوالي60 الف ما بين عمر 25 و35 عاما ولكن حكما فإن الاعداد هي نحو الارتفاع.