بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2023 12:00ص متى وكيف سينعكس الاتفاق السعودي - الإيراني على لبنان؟

مخاوف من مسعى المتضررين لا سيما أميركا لعرقلة تنفيذه

حجم الخط
قطفت الصين وقبلها روسيا حصاد المفاوضات الشاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية الإسلامية التي استمرت قرابة ثلاث سنوات، وتنقلت بين العراق وسلطنة عُمان وعواصم أخرى وأخيراً بكين، وانتهت بإتفاق تاريخي على استئناف العلاقات الدبلوماسية وتعهدات من الطرفين بعدم التدخل في شؤون الآخر الداخلية، وحفظ الأمن والاستقرار الاقليميين لا سيما في منطقة الخليج، علما ان مفاعيل الاتفاق العملية لن تظهر قبل شهرين الى ثلاثة أشهر أو أكثر بعد فتح السفارات، وتبيان إداء كل طرف تجاه الآخر، والأهم كيف ستُنفذ مفاعيل الاتفاق على الأرض في الدول مصدر الخلاف لا سيما في اليمن، ولاحقا في سوريا والعراق ولبنان.
أما للمهللين السعيدين بالاتفاق في لبنان والصامتين غضباً وخوفاً من نتائجه عليهم، والمترقبين انعكاسه على لبنان، فإن أفضل موقف يخص لبنان جاء على لسان طرفي الاتفاق، وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان الذي قال أن «لبنان يحتاج إلى تقارب لبناني وليس لتقارب إيراني - سعودي، وعلى لبنان أن يقدّم المصلحة اللبنانية على أي مصلحة، ومتى حصل هذا سيزدهر». ولاقاه السفير الإيراني في لبنان مجتبی اماني بتأييد موقف بن فرحان بقوله: «هذه هي رؤية الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضاً، على لبنان أن ينظر إلى مصلحته، وعلى السياسيين فيه أن يقدموا المصلحة اللبنانية على أي مصلحة أخرى».
بهذا المعنى من الصعب التكهن منذ الآن كيف سينعكس الاتفاق على لبنان، قبل اتضاح نتائج تنفيذه، بخاصة ان بعض الجهات اللبنانية والعربية وربما الإيرانية والسعودية، تخشى حصول تعقيدات أو ضغوط أو عمليات قد تعرقل أو تؤخّر التنفيذ، أو تحدّ من نتائجه الإيجابية المرتقبة على البلدين أو على الدول المعنية في المنطقة مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن، من قبل جهات متضررة لعل أولها وأخطرها الجهة الأميركية، التي أعلنت بتحفظ ترحيبها بالاتفاق، خلافاً للموقفين الروسي والصيني، وهو ما ظهر في تعليقات أميركية بعد الاتفاق أبرزها من صحيفة «نيويورك تايمز» التي رأت ان الاتفاق «يمثل هزيمة لأميركا وانتصاراً للصين وتحدّياً جيوسياسياً للولايات المتحدة». وأضافت الصحيفة أنّ «عودة العلاقات الإيرانية - السعودية، نتيجةً للوساطة الصينية، هو خسارة كبيرة ومضاعفة للمصالح الأميركية». كما أشارت إلى أنّ الصين «أصبحت الراعي الرئيسي لسياسات القوّة في الشرق الأوسط».
وأثارت أنباء الصفقة، ولا سيما دور بكين في التوسط فيها، قلق صقور السياسة الخارجية في واشنطن، إذ قال مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لـ «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» إنّ «تجديد العلاقات الإيرانية - السعودية نتيجة للوساطة الصينية هو خسارة وخسارة وخسارة للمصالح الأميركية».
وفي السياق ذاته، أكد مستشار مرشد الثورة الإيراني علي خامنئي للشؤون العسكرية اللواء يحيى رحيم صفوي أمس الأحد، أن «الاتفاق الإيراني - السعودي زلزال في مجال السياسة، ونهاية الهيمنة الأميركية على المنطقة، وان الاتفاق بوساطة الصين هو الضربة الصينية الثانية للولايات المتحدة». ورأى صفوي في تصريح له، ان «مرحلة ما بعد الولايات المتحدة بدأت في منطقة الخليج مع الاتفاق الإيراني - السعودي».
وثمة من رأى ان العامل الاقتصادي سيكون الأكثر تأثيراً على الإدارة الأميركية نتيجة تنامي القوة الاقتصادية للصين التي تحتاج الى مصادر الطاقة، لا سيما في منطقة الخليج حيث معابر النفط والغاز المائية من دوله، والاستثمارات الكبيرة لها في إيران ودول الخليج.وهو أمر يزعج أميركا التي يتراجع اقتصادها على نحو خطير مقابل نمو التنين الصيني أكثر.
وفي مجال آخر، تتوقع موسكو انسحاب الاتفاق على تهدئة أوضاع المنطقة العربية ومنطقة شرق المتوسط، حيث قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف تعليقا على الاتفاق: «نشجع أصدقاءنا في أنقرة ودمشق على تطبيع العلاقات السورية - التركية وفق مبادئ القانون الدولي. كما ونحيي التوجه نحو تطبيع العلاقات العربية - السورية، ونعتقد أن تطبيع العلاقات الإيرانية - السعودية سينعكس إيجابيا على مجمل أوضاع المنطقة التي تعتبر مناطق نفوذ للسعودية أو لإيران، وهنا يمكن الإشارة إلى عدد من البلدان مثل سوريا ولبنان والعراق واليمن».
ويبقى السؤال المركزي في لبنان: متى وكيف سينعكس الاتفاق السعودي - الإيراني على لبنان، وقفاً لزخم الانهيار واتفاقاً على الاستحقاق الرئاسي وتشكيل الحكومة؟
يبدو ان لبنان ليس في أولوية من ستشملهم إيجابيات الاتفاق، لأن اليمن تحتل المرتبة الأولى، ومن ثم سوريا ثم العراق، ولا بد أن يأتي دور لبنان لاحقاً إذا التزم كمقدمات نصيحة السعودية وإيران والدول الصديقة وبعض عقلاء الداخل اللبناني بأن يهتم بمصالحه أولاً من دون رهانات خارجية كبرى قد تُمر وقد لا تُثمر في المدى المنظور. لكن يمكن للاتفاق أن يدفع معرقلي الحلول الى إعادة النظر في حساباتهم وفتح الحوار للتوصل الى توافق على معالجة الأزمات وأولها أزمة الاستحقاق الرئاسي.