بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 تشرين الثاني 2019 06:15ص نتنياهو يُواجه بـ«دكتاتورية» إقصاءه من رئاسة الحكومة و«الليكود»

قطعان المُستوطنين يقتحمون الحرم الإبراهيمي في الخليل قطعان المُستوطنين يقتحمون الحرم الإبراهيمي في الخليل
حجم الخط
ضرب زلزال سياسي الكيان الإسرائيلي، إثر توجيه لائحة اتهام بحق رئيس حكومة تصريف الأعمال بنيامين نتنياهو، من قِبل المُستشار القضائي لحكومة الاحتلال أفيحاي مندلبليت، بتهم الرشاوى والاحتيال وخيانة الأمانة، في 3 قضايا، معروفة بإسم «الملف 1000»، «الملف 2000» و«الملف 4000»، وتقع في 63 صفحة «فلوسكاب»، تتراوح العقوبات فيها بين 3-10 سنوات.

هذا التطوّر الهام، عصف بالكيان الإسرائيلي، ووضع المسؤولين فيه أمام مُعضلة رئيسية بشأن كيفية التعامل مع هذه القضية، التي تُصيبه للمرّة الأولى، بتوجيه اتهامات لمسؤول لا يزال على رأس السلطة التنفيذية، وهو ما يُهدِّد مُستقبل نتنياهو السياسي، ويُطيح به إلى السجن، لذلك، لا يُستبعد أنْ يعمد إلى تصدير أزمته بمُغامرة ما!

يعتبر نتنياهو نفسه آخر «ملوك بني إسرائيل»، ويُمارس ديكتاتورية التمسُّك بكرسي رئاسة الحكومة وحزب «الليكود»، رافضاً تقديم استقالته من أيٍّ منهما.

مَنْ ينازع، يُصرُّ على شن هجومٍ مضادٍّ، شكّك فيه بالمُستشار القضائي، الذي كان قد عيّنه، وبالمُحقّقين، الذين كان يحتمي بهم، والشرطة التي كان داعماً لها، وأداة طيّعة في يده ضد مُعارضيه، وفي طليعتهم الفلسطينيين.

السؤال، ما هي الصيغ المطروحة في هذه المرحلة، في ظل فشل نتنياهو أو رئيس حزب «أزرق أبيض» بيني غانتس في تشكيل حكومة، وانتقال التفويض من رئيس الكيان الإسرائيلي رؤوفين ريفلين إلى «الكنيست»، بانتظار مَنْ يتمكّن من الحصول على تأييد 61 عضواً لتشكيل الحكومة.

{ قانونياً:

- الجهود مُنصبّة على أنْ يُقدّم نتنياهو استقالته من رئاسة الحكومة، وهو ليس بالأمر السهل، ويرفض ذلك.

وهذا يعني الانتقال إلى خطوة أخرى للإطاحة به، وتتطلّب رفع الحصانة من قِبل لجنة «الكنيست» التي لم يتم تشكيلها منذ آذار الماضي، وبالتالي فإنّ إمكانية مُحاكمة نتنياهو قد تطول إلى فترة طويلة، يُحاول خوض هذه المعركة، وهو على رأس السلطة التنفيذية ورئاسة «الليكود».

وهنا تتوجّه الأنظار إلى المُستشار القانوني، لدراسة إمكانية تنفيذ قراره بشأن تقديم لائحة الاتهام، وهذه تحتاج إلى دراسة قانونية، لأنّها التجربة الأولى التي يمر بها الكيان الإسرائيلي في مثل هذه الحالة، بتقديم لوائح إتهام ضد رئيس الحكومة خلال قيامه بمهامه.

ولا يُوجد نص قانوني، أو سابقة قضائية تلزمه بتقديم استقالته قبل صدور الأحكام القضائية المُبرَمة - أي أنّه ليس من صلاحية أي مسؤول في الكيان الإسرائيلي عزل رئيس الحكومة من منصبه.

ويُحدّد «قانون أساس: الحكومة» (البند رقم 18) حالتين ينبغي فيهما إنهاء ولاية رئيس الحكومة في الكيان الإسرائيلي في أعقاب مُخالفة جنائية، وكلتا الحالتين بعد صدور قرار حكم قضائي بإدانته جنائياً:

- الأولى: قرار يتّخذه «الكنيست» بأغلبية أعضائه، بعد أنْ تكون محكمة أولى قد قرّرت إدانة رئيس الحكومة بمُخالفة جنائية فيها وصمة عار.

- الثانية: بعد صدور قرار حكم قضائي نهائي ومُطلَق (بعد استنفاد جميع إمكانيات الاستئناف) يتضمّن إدانة رئيس الحكومة بارتكاب مُخالفة جنائية.

لكن يتم تقديم إلتماس إلى «المحكمة العليا» الإسرائيلية بشأن إذا ما كان ينطبق على نتنياهو القرار الذي أصدرته المحكمة في ملف «درعي - بنحاسي» في عام 1993، والذي أجبر رئيس الوزراء - حينذاك - إسحاق رابين، على عزل الوزير أرييه درعي ونائب الوزير رفائيل بنحاسي بسبب تقديم لائحة اتهام صارمة ضدهما.

لكن في ما يتعلق بنتنياهو، فإنّ ملفّاته تتوزّع إلى قسمين:

- الأوّل: ما يتعلّق منها بمنصب رئيس الوزراء.

- الثاني: الحقائب الوزارية الأربع التي يتولاها، وهي: الصحة، الرفاه الاجتماعي، الزراعة والشتات.

في الشأن الأوّل، فإنّ الأمر مرتبط بقرار «المحكمة العليا».

وأمس، رفضت «المحكمة العليا» الإلتماس، الذي قدّمته «الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل»، وطالبت فيه بإصدار قرار قضائي يُلزِم نتنياهو، بالاستقالة الفورية من منصبه كرئيس حكومة ومناصبه الوزارية، أو إعلانه عن التعذّر بالقيام بمهامه.

أما في الشق الثاني، فإنّه مُضطر لأنْ يُذعِن بالتخلّي عن هذه الحقائب.

{ سياسياً:

بدأ حراك يُطالب نتنياهو بالاستقالة من رئاسة الحكومة وأيضاً «الليكود»، وتوزّع على شقين:

- الأوّل: التظاهرات التي نفّذها عدد كبير داخل الكيان الإسرائيلي، تدعو إلى أنْ يُغادر نتنياهو مقر إقامته الرسمي (بلفور)، حيث هتف المُحتشدون في الساحات: «نتنياهو إلى البيت ... ليس إلى بيتك في بلفور، بل بيتك الحقيقي في قيساريا».

قبل أنْ ينتقل عدد منهم للتظاهر أمام مقر «الليكود» في تل أبيب، بالقرب من (قلعة زئيف)، حيث قذف أحد المُتظاهرين بالبندورة صورة نتنياهو المُعلّقة على واجهة المبنى، مع هتافات ردّدها آخرون «نتنياهو الفاسد ليس لديك تفويض» و«بيبي قدّم استقالتك».

وعلى صعيد «الليكود»، بدأ التحرّك بين أعضائه، مُطالبين بتنحّي نتنياهو عن رئاسة الحزب، وداعين إلى إجراء انتخابات تمهيدية عاجلة، تجنّباً لانتخابات عامّة ثالثة، يُحمِّل فيها الناخبون نتنياهو المسؤولية عن عرقلة تشكيل حكومة.

وهذا الموضوع يستأثر بالاهتمام داخل «الليكود»، الذي لم يتعوّد أنْ يبقى خارج السلطة في صفوف المُعارضة، وحتى لا يُؤثّر ضغط الداعمين له عليه.

وأيضاً سيتكثّف حراك غانتس مع مسؤولي «الليكود»، كما رئيس حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، من أجل العمل على تشكيل حكومة خلال الـ17 يوماً المُتبقية من المُهلة لدى «الكنيست».

وكذلك دعوات للرئيس الأميركي دونالد ترامب بالتوقّف عن إنقاذ حليفه نتنياهو، الذي ثبت فشله، على الرغم من هدايا إدارة البيت الأبيض المُمنوحة له، والتي لم يسبقه إليها أحد في العلاقات الأميركية - الإسرائيلية.

وقرّر مندلبليت تقديم لائحة اتهام بحق نتنياهو، بشبهة تلقّي رشوة في القضية المعروفة بإسم «الملف 4000»، بالإضافة إلى تقديم لائحتي اتهام أخريين، بشبهتي الاحتيال وخيانة الأمانة في القضيتين المعروفتين بإسم «الملف 1000» و»الملف 2000».

وفي ضوء ادّعاء المُستشار القضائي، فإنّ هناك تضارب مصالح خطير بين التزامات نتنياهو تجاه الجمهور والمانحين، حيث ثبت أنّ هناك 3 حالات استخدم فيها نتنياهو منصبه كرئيس حكومة في «الملف 1000»، لصالح المُنتج الهوليوودي الإسرائيلي الأصل أرنون ملتشين، ومُساعدته في الحصول على تأشيرات إقامة في الولايات المُتحدة الأميركية، والعمل من أجل تمديد قانون إعفاء ضريبي غير معروف، يخدم مصالح المنتج الهوليوودي، والعمل من أجل الدفع بمصالح ملتشين الاستثمارية في القطاع الإعلامي الإسرائيلي.

وبلغت قيمة الهدايا في هذا الملف 701.146 شيكل (ما يُعادل 202.118$): 477.972 منها سيجار وشمبانيا ومُجوهرات من ملتشين، و229.174 سيجار وشمبانيا من المُستثمر الأسترالي جيمس باكر.

لكن خلافاً لتوصيات الشرطة و«النيابة»، لم يُقرّر مندلبليت توجيه تُهم تلقّي رشوة والاحتيال وخيانة الأمانة أو عرقلة الإجراءات التحقيقية والقضائية ضد زوجة نتنياهو، سارة، وألغى أيضاً تهماً شبيهة مُحتملة ضد نجل نتنياهو، يائير.

إلى ذلك، واصل المُستوطنون عربدتهم في الأراضي المُحتلّة، حيث اقتحم نحو 30 ألف مُستوطن، الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل،.

وأغلقت سلطات الاحتلال المسجد الإبراهيمي أمام المُصلّين الفلسطينيين، بحجّة تأمين احتفالات المُستوطنين.

هذا، ويستعد الفلسطينيون لتنفيذ إضراب عام غداً (الثلاثاء) ضد السياسية الأميركية المُنحازة لصالح الاحتلال الإسرائيلي.

وتتضمّن وقفات احتجاجية، وتوجّه إلى حواجز الاحتلال قي الضفة الغربية، بهدف إيصال رسالة واضحة برفض السياسية الأميركية.

وأمس، نظّم نشطاء من حركة «فتح» وقفة احتجاجية، على دوار الشهداء - وسط مدينة نابلس، ضد السياسية الأميركية المُنحازة إلى الاحتلال الإسرائيلي.

وجرى خلالها حرق الأعلام الأميركية والإسرائيلية وصور الرئيس ترامب احتجاجاً على السياسة العدوانية للإدارة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية.

في خضم ذلك، واستباقاً لأنْ تقود المُحاكمات نتنياهو إلى السجن، فإنّ كل احتمالات قيامه بالمُغامر واردة، ومنها: التحريض داخل الكيان الإسرائيلي، ما يُؤدي إلى حدوث إشكالات بين مُناصريه وخصومه، وزيادة المُمارسات العنفية ضد الفلسطنيين في الأراضي المُحتلة منذ العام 1948 والقدس الضفة الغربية، دون غفلان مُغامرته بعدوان على الجبهة الشمالية مع لبنان وسوريا، أو الجنوبية مع قطاع غزّة، لقلب الأوراق وهو على رأس «الكابينيت» الإسرائيلي.