بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2022 12:02ص واصف الحركة لـ «اللواء»: ائتلافات قريبة في بيروت والمناطق

«سأخوض المعركة في بعبدا.. والترشح رهن ظروفها»

حجم الخط
لا يملّ واصف الحركة حديث «الثورة». هي فعل مُستمر ونضال لا ينتهي. وإذا كان دأبها افتُتح في مرحلة «ثورات» العالم العربي في العام 2011، فإن عدالتها تراكمت حتى النضوج في 17 تشرين الأول 2019 مرورا بانتفاضة النفايات في العام 2015، وبين تلك التواريخ الكثير من تحركات الشارع في المناطق وفي البلديات ونضال سياسي خبره مؤسس «المرصد الشعبي لمحاربة الفساد» مذ كان طالباً.

المحامي والناشط السياسي الذي يوحي وكأنه قادم من زمن ثورات القرون الماضية، لا يخجل بتاريخه السياسي لكن البداية شكلت أساس تجربة نضجت اليوم عبر رؤية حداثية يعمل والمجموعات في سبيلها تطالب بالدولة العادلة والديموقراطية وبالدولة المدنية.

في مكتبه القائم في منطقة الطيونة على تقاطع بيروت الغربية والشرقية والضاحية الجنوبية، يبدو الحركة مقاتلاً في عرين الأسد الذي يخاصمه موجهاً الانتقادات الحادة للمنظومة السياسية والمالية والاقتصادية التي يشكل ثنائي «حزب الله» وحركة «أمل» جزءا لا يتجزأ منها كما يكرر.

هو يؤكد ان اشكالية السلاح خلقها «حزب الله» نفسه بعد استخدام سلاحه في الداخل ويستعير قولاً من الرئيس سليم الحص للسابع من أيار الذي كان «ليلة بهيمة»، وبالنسبة الى الحركة هو سلاح خرج عن مفهوم المقاومة والحل له هو ببناء الدولة القوية والقادرة التي تحمي لبنان من العدوانية الصهيونية أو أي عدوانية اخرى وتمنع قوى عسكرية من خارجها.

لكن «الدولة القادرة تلك تمنعها المنظومة المتكاملة المهيمنة على البلد منذ الطائف حتى اليوم والمدعومة خارجيا». ولتدشين مرحلة نهاية هذه المنظومة، تستعد مجموعات الحراك للانتخابات النيابية بعد أشهر، وسط اتهامات تطاولهم بتمويل خارجي وتنفيذ اجندات غير لبنانية. 

البيّنة على من ادعى

لكن الحركة يدفع عنه تهمة الـ«إن. جي. أوز» والسفارات التي باتت مذمّة من قبل السلطة للناشطين، ساخرا من «لعبة المنظومة التي تهاجمنا لخلق بلبلة وهي بالعلن تابعة لسفارات ودول ومحاور وتأتمر من الخارج»، مسترجعا الاتفاقات التي حصلت منذ الطائف مرورا بالدوحة وما بينهما وصولا الى ما يدور من اتفاقات اليوم وما يسعى إليه اللاعبون الفرنسي والايراني والروسي بغض طرف أميركي.. و«من يسعى الى الارتباط بسفارات فهو بذلك يخرج عن العناوين الاساسية التي نخوضها وأهمها عدم التبعية للخارج، واذا وجدت حالات إرتزاقية كهذه فهي استثناء خاص ونحن لا نعرفها». 

هو يؤكد ان قوى السلطة عندما تريد ان تدخل في العمل الانساني فإنها تدخل من هذا الباب لا سيما اننا امام انهيار اقتصادي يُسهِّل ذلك بدلا من تأمين واجبات اللبنانيين عليها. ويدعو الى التمييز بين الجمعيات التي تعمل في شكل واضح وصريح وشفاف وجمعيات غامضة، «ونحن أقمنا دعاوى على بعض الجمعيات منها، من هنا يرمون من باب الاتهام الخارجي المسؤوليات علينا ويبررون ما يفعلونه بأفعال لسنا مسؤولين عنها وفي النهاية فإن البيّنة على من ادعى».

على ان موضوع المجموعات يفتح الباب أمام مسألة الخلافات بينها حيث يؤكد الحركة ان المسألة ليست مزاجية وشخصية «ونحن نتعاطى بالسياسة وفق شروط وعناوين. فهناك في التصنيف قوى منظومة منها ما هو في السلطة ومنها من خرج منها ليصبح من قوى الاعتراض، وهناك قوى تغييرية تعتبر ان المشكلة هي في النظام والمنظومة التي اوصلت البلد الى هنا».

طبعا نتحدث هنا عن رفض بعض المجموعات والشخصيات التحالف مع من كان في السلطة مثل حزب «الكتائب» الذي يصنفه الحركة ضمن «قوى الاعتراض». «بالتأكيد اننا اقفلنا باب الحرب الاهلية ولكن من تعاقبوا على السلطة هم من يتحمل المسؤولية عبر سياسات اتبعت وقوانين اقرت في مجلس النواب ويجب ان يحاسبوا».

وبذلك يرفض الحركة التحالف مع اركان سابقين في السلطة الأمر الخلافي بين المجموعات التي يعتبر بعضها ان هذا جائز لمصلحة انتخابية. «نحن لا نتعامل بردات فعل ولا نقارب الانتخابات على طريقة السلطة ونتعاطى مع القوى السياسة وفق مشروع تغييري واحد وواضح فالانتخابات هي وسيلة وليست الهدف».

هذه شروطي.. ولن أُثير أزمة

ويشير الى ان بعض قوى الاعتراض تقول انها لن تترشح تسهيلا لعمية مواجهة السلطة، وطالما ان ظروفا خاصة بالدوائر تحكم العمل الانتخابي، «فإن جاءت قوى الاعتراض وقالت إنها ستسير مع قوى التغيير ولن تُرشح، فهل أثير أزمة؟».

واذ يقدم مثال ائتلاف «شمالنا» الذي يقول إن قوى الاعتراض ليست متحالفة معه، يكون الحركة بذلك قدم المخرج لمن مثله في مقاربة معركة الانتخابات «ويبقى ان التعاطي مع اي فريق يتم حسب رؤيته في مواجهة النظام ورؤيته لأي نظام اقتصادي واجتماعي نريد». 

لم يحسم القيادي في الانتفاضة ترشيحه في بعبدا، «لقد عرض عليّ الترشح في بيروت أو البقاع الاوسط أوالغربي وحتى في جبيل، صحيح ان اي نائب هو نائب عن الامة لكن لن اترك معركة بعبدا سواء ترشحت ام لا». 

يكشف ان على صعيد لبنان يُعمل على ائتلاف سياسي تغييري ويجري تطويره على المستويين الوطني والدوائر، وقريبا ستخرج ائتلافات في البقاع الشمالي والاوسط وفي البقاع الغربي وهناك نقاش في الجنوب أيضا وطبعا في العاصمة بيروت في دائرتيها الاولى والثانية.. وقد أطلق ائتلاف من عكار ويتم العمل الآن في طرابلس وفي كل مكان حيث تنضج الظروف».

ماذا عن «كلنا ارادة» و«نحو الوطن»؟

في هذه الاثناء تبرز منصة «كلنا ارادة» و«نحو الوطن» التي لا يبدو الحركة معنيا بها: اي مجموعة تأتي للدعم يجب ان لا تتدخل في السياسة او في اختيار المرشحين وآلياتهم او في التحالفات، وأي دعم لوجستي او مادي شرطه ان يصدر عن لبنانيين يحملون مشروعا مثلنا وغير فاسدين وان يكونوا من خارج قوى السلطة ويتمتعون بشفافية واضحة للتمويل، كوننا لا نربط بمشاريع خارجية ولا نقبل بوصاية مقابل الدعم، وقد وضعنا فعلا خطة في الموضوع المادي تحت عنوان تشاركي حسب قدرتنا وعلى اساس خياراتنا السياسية.

لا يود الحراكيون النقاش في مسألة الاحصاءات، فمن المبكر بالنسبة الى الحركة الحديث عنها. «نحن لسنا قوى حزبية منظمة وتاريخية قادرة على الاحصاء وفي كل دول العالم من يقوم بمثل تلك الاحصاءات مؤسسات منها الحكومي ومنها المختص واذا لم تكن شفافة فهي تُحاكم». 

معركة ما بعد المجلس هي الأهم

هو يفضل اختيار عنوان «التقديرات» بديلا عن الاحصاءات. «وبالفعل هناك دوائر نستطيع الحصول على مقاعد فيها، لكننا نخوض انتخابات على ارضهم وبين جمهورهم وعبر قانون يناسبهم وبمساعدة اموال طائلة لديهم، وفي كل الاحوال لا يكفي الوصول الى مجلس النواب بل الاهمية تكمن في هوية من يصل وفي مواصفاته وفي استكمال المعركة بعدها».

على ان الاهم بالنسبة الى المجموعات يتمثل في نقطة التحول التي جاء بها تاريخ 17 تشرين كما هو معروف، والذي أفقد السلطة المشروعية الشعبية وكسر هيبتها. وأبرز ما حققه هذا التاريخ تمكُنه من الدخول «في الوعي الجمعي للناس باعتبار ان هذا النظام الطائفي يجب اسقاطه وهو ولاّد للأزمات على المستوى السياسي والمالي والقضائي والمصرفي والاداري حيث يهيمن الفساد».

فللمرة الأولى يقوم شارع وطني حقيقي وسيتبع ذلك الكثير على مستوى تراكم الوعي للتغيير والمواجهة وباتت هناك جرأة وتم كسر المقدسات. لكن الحركة يُقر في مواجهة سؤال أين أخفقت الانتفاضة، بأن المواجهة صعبة وسط انهيار اقتصادي مخيف ومن الطبيعي ان تتأثر المواجهة وتختلف ولم نتمكن من اسقاط النظام الذي سيتطلب نضالا طويلا.. من دون انكار الاخطاء الذاتية وبعض الانانيات والضعف واسبابا اخرى، «اذ اننا بشر نخطىء وقد يمل البعض من التغيير ولا ننسى ان الثورة اندلعت منذ سنتين ونصف شابهما كورونا هزّ العالم لسنة ونصف بينما كل الثورات في التاريخ اتخذت وقتا».

إلى أين من هنا؟

سؤال نختم به الحوار مع الحركة الذي يرد مبتسماً: لنقل إن قطار التغيير بدأ وسيُمهد لأجيال ستنتجها قوى التغيير أيضا، فالثورة فعل مستمر لن ينتهي.