دخل الحوض الشرقي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط عموماً، ولبنان على وجه التحديد، منذ ليل أمس (الإثنين) ويستمر حتى مساء اليوم (الثلاثاء)، مرحلة الذورة من المنخفض الجوّي، الذي يتواصل في تراجعه لغاية يوم الخميس، بعدما تحوّل إلى عاصفة ثلجية على الجبال الملامسة لارتفاع 1100/1200، فيما سماكة الطبقات الثلجية واضحة على ارتفاع 1500 متر من حيث التراكمات التي من المتوقع أن تتراوح بين 15سم و1 متر على ارتفاع 2000 متر.
تلال دير مار شربل فاريا تكلّلت بالأبيض
وفيما اشتدت سرعة الرياح متراوحة بين 90 و100 كم/س في معظم المناطق الجبلية والساحلية، لتحمل معها تدنٍّ كبير جداً بدرجات الحرارة، مع تكدّس للسحب الركامية فوق الساحل، في ظل عواصف رعدية وتساقط غزير للأمطار، لتبلغ نسبة ارتفاع الهطولات 100%، حتى فجر الأربعاء، بسبب عبور التيار النفاث الرطب القادم من البحر الاسود فوق سوريا ولبنان، وهو ما استرعى توجيه الجهات المعنية تحذيرات من خطر تشكل السيول وانجراف التربة، داعين المتوجهين إلى المناطق الجبلية ضرورة تجهيز سياراتهم بسلاسل معدنية، ومنبهين إلى سوء الرؤية بسبب الضباب الكثيف.
أحوال المناطق
وفي هذا الإطار، كانت أمطار وثلوج الخير ناشطة يوم أمس في مختلف المناطق فحملت معها الرزق الوفير من الهطولات كما «مال البحر».
{ ففي بيروت التي عاشت بداية أسبوع مليئة بازدحام السيارات نتيجة للأجواء العاصفة ولهطول الامطار الغزير، مصحوبة برياح عاتية رفعت مستوى مياه البحر إلى ما يُقارب الـ3 أمتار، ما دفع بعشاق هذه المناظر الطبيعية إلى زيارة كورنيش عين المريسة والمنارة، في حين غابت والحمد لله الطوفانات عن معظم الطرقات الرئيسية، لكن غرقت بعض المناطق كمحلة صبرا بالنفايات التي جرفتها سيول الأمطار.
النفايات تتجوّل في طرقات صبرا مسحولة بسيول الأمطار (طلال سلمان)
{ وجبلاً، تساقطت الثلوج على مرتفعات منطقة الشوف الأعلى بدءاً من صباح الأمس، على نحو خفيف، واشتدت وتيرتها بعض الظهر حيث لامست ارتفاع 1200 متر وما فوق، وأدت الى قطع طريق معاصر الشوف - الأرز - كفريا في البقاع، في ظل موجة من البَرَد الكثيف والضباب الذي لفَّ المنطقة.. في وعاليه أدى تساقط الثلوج الكثيف إلى تشكّل طبقة من الثلوج على المرتفعات في قرى جرد عاليه وبحمدون وكذلك المرتفعات في منطقة المتن الأعلى.
«الجنرال أبيض» في «عيون أرغش» .. ولله ما أبدع
{ ومن صيدا، أفادت مراسة «اللواء» ثريا حسن زعيتر بأنّ أجواء العاصفة اشتدت على الساحل الجنوبي، لا سيما في مدينة صيدا، حيث تساقطت الأمطار بغزارة مصحوبة بزخات البرد وسط تدنٍ ملحوظ بدرجات الحرارة، فيما تشكلت السيول على جوانب الطرقات وتأثرت حركة السير والتنقل بفعل غزارة الأمطار، كما تكسرت الأمواج العالية بفعل الرياح على رصيف الكورنيش البحري وعند أبراج قلعة صيدا البحرية، وشلّت حركتي الملاحة والصيد البحري، وأجبرت الصيادين على ملازمة منازلهم بعدما احكموا ربط شباكهم ومراكبهم عند رصيف الميناء.. كان مشهد واحد يكسر مشهدية العاصفة في صيدا، وهو خروج المواطن وفيق حنقير الملقب بـ»عاشق البحار» إلى شاطئ المدينة، حيث شوهد وهو يمارس رياضة السباحة بالرغم من الطقس العاصف.
{ ومن صور، تناقل ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي مجموعة من الصور تُظهر كمية كبيرة من الأسماك (لاسيما السردين) لفظها البحر على مراكب الصيادين، وذلك بفعل ارتفاع منسوب المياه جرّاء العاصفة، بحيث غمرت الأسماك المراكب، الأمر الذي أدخل الفرح إلى قلوب الصيادين... ولكن على المقلبة الآخر، عملت فرق الدفاع المدني على فتح العديد من الطرق بالتعاون مع وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور، ومعالجة مصافي المياه بعد أغلقت بالإضافة إلى سحب عدد من السيارات كانت قد علقت جراء تجمع المياه.
ويرزقكم من حيث لا تعلمون في ميناء صيّادي صور
{ أما شمالاً فقد غطت الثلوج القمم الشمالية أعالي محافظة عكار ابتداءً من 1500 متر، بشكل متسارع بفعل استمرار فعاليات المنخفض الجوي.. فيما ساحلاً كانت الأمطار تغسل الطرقات الطرابلسية على اتساعها وتبعث بأمل الخير، على الرغم من تحوّل العديد من المناطق إلى مستنقعات مائية.
{ وفي مناطق البقاع، أُفيد بأنّ قرى راشيا والبقاع الغربي غاصت في تأثير المنخفض الجوي، حيث تساقطت الثلوج فوق مرتفعات جبل الشيخ ابتداء من ارتفاع 1200 وما فوق ولامست الثلوج مرتفعات قرى ينطا وبكا ودير العشاير والسلطان يعقوب وراشيا وعيحا وكفرقوق وعين عطا وميدون، فيما هطلت امطار غزيرة بقاعا مشكلة بعض المستنقعات على الطرقات وفي السهول، كما أصبحت طريق كفرشوبا - شبعا سالكة فقط للسيارات المجهزة بسلاسل معدنية وطلب من السائقين توخي الحيطة والحذر.