بيروت - لبنان

اخر الأخبار

7 تموز 2018 12:30ص هل نسف مونديال روسيا قاعدة ان الفوز ليس دائماً للأفضل؟!

حجم الخط
درجت بالسنوات الاخيرة ظاهرة اهتمام الناشطين الكرويين بالإحصاءات التي تحفل بها المباريات، وخاصة الاستحواذ على الكرة، التي تبين مدى قدرة كل فريق على حسم المواجهة اعتماداً على التكتيك الذي يقدمه لاعبوه، بعدما تحولت كرة القدم كما سواها من الألعاب لميدان الاحتراف القائم على معايير علمية، حتى ظن كثيرون ان لم يكن الجميع، بانها أدت الى دفن نظرية الموهبة ومدى تأثيرها على الحسم.
لكن مونديال روسيا الذي نعيش احداثه حالياً، يبدو انه اسقط هذه النظرية، حيث بدا لافتاً ان العديد من المباريات التي اقيمت خلال بطولة كأس العالم بنسختها الحالية، أظهرت أن الاعتماد على سلاح الاستحواذ على الكرة لم يعد مجدياً لأصحابه لتحقيق نتائج جيدة، بعدما أقصيت منتخبات كبيرة من البطولة مبكراً رغم أنها سيطرت على مجريات مبارياتها وامتلكت الكرة في اغلب أطوارها.
والأغرب ان ثلاثة منتخبات كانت مرشحة للمنافسة على لقب كأس العالم بقوة، وجدت نفسها تودع البطولة من مرحلة المجموعات أو من دور الستة عشر، فرجال المانشافت غادروا أبكر من سواهم رغم انهم دخلوا البطولة كأبرز المرشحين للاحتفاظ بلقبهم، الذي احرزوه قبل اربع سنوات، وأكدوا جدارتهم به ببطولة كأس القارات على الاراضي الروسية قبل نحو عام، علماً ان الاخيرة تعتبر بروفة للمونديال، وكما المانيا ودعت كل من إسبانيا والأرجنتين (وصيفة حامل اللقب) بالدور التالي بعدما ظهر عقم سلاح الاستحواذ على الكرة لديهم.
وبالارقام بلغت نسبة امتلاك المنتخب الألماني للكرة بالإجمال 67٪‏، ولكنه على الرغم من ذلك وجد نفسه يخسر مباراته الأولى ضد المكسيك بهدف قاتل قبل أن يفوز بشق الأنفس على السويد 2-1، ثم يسقط أمام كوريا الجنوبية ويخرج من البطولة، أما ميسي ورفاقه فبلغت نسبة استحواذه على الكرة ما نسبته 62٪‏، إلا انه بالرغم من ذلك سجل الأرجنتينيون نتائج متواضعة جداً، حيث خسروا من كرواتيا بالثلاثة وتعادلوا إيجابياً مع آيسلندا ثم فازوا بصعوبة على نيجيريا في دور المجموعات قبل ان تفرملهم فرنسا في دور الستة عشر، ليودعوا المونديال.
وتبدو الطامة الكبرى عند المنتخب الإسباني الذي يعتبر مرجعية لهذا النهج التكتيكي، إذ بلغت نسبة امتلاكه للكرة ما نسبته 71٪‏، هذا عدا تفوقه في الكثير من ارقام الاحصاءات، ولكنه بالرغم من ذلك فرض عليه البرتغال والمغرب تعادلاً بطعم الخسارة ثم فاز على إيران بصعوبة بعد مساعدة من «تقنية الفيديو»، قبل أن يخرجه المنتخب الروسي من دور الستة عشر بركلات الترجيح.
من هنا يطرح السؤال نفسه: هل باتت السيطرة على المباراة ومساحات الملعب وامتلاك الكرة لأطول فترة ممكنة من المباراة غير كافية للفوز، ولا تمنح صاحبها أي فرصة للفوز بالمباراة طالما أن المنافس يلجأ إلى التكتل الدفاعي لتحصين مرماه وإبعاد الخطر عن حارسه؟!.
لا شك ان الإجابة كشفها مونديال روسيا، حيث ثبت أقله لتاريخه، أن الاستحواذ على الكرة أصبح تكتيكاً غير مجدٍ، خاصة في ظل غياب قلب هجوم أو رأس حربة صريح قادر على زعزعة دفاعات المنافس حتى التحرك بدون كرة من خلال إيجاد مساحات أمام زملائه للاقتراب من حارس المرمى، وبانتظار ما ستكشفه المباريات المتبقية، لا شك ان لحديثنا هذا صلة، سنعود اليه مع تقدم ادوار هذا المونديال الغريب العجيب!.