بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تموز 2018 12:31ص هل نسفت «نظرية المهنية» واستعادت كرة القدم بساطتها؟!

حجم الخط
صحيح ان المواجهة بين الجارين فرنسا وبلجيكا انتهت بفوز «الديوك» وعبورهم للنهائي المقرر في موسكو الأحد المقبل، غير ان الحديث عن المباراة وما كشفته من خبايا لم ينته بعد، بل انها شرعت السجال على مداه حول المعايير التي باتت ترسو عليها كرة القدم العالمية، كونها نسفت كما معظم مباريات المونديال الروسي الذي يلفظ انفاسه، النظرية التي سادت بالسنوات الاخيرة، بان اللعبة الشعبية الاولى باتت صناعة واحتراف ولم تعد مجرد هواية.
وكما أشرنا سابقاً في هذه الزاوية، إلى ان كل تلك المعايير قد تكون سقطت بفعل المفاجآت التي بدا عليها المونديال الحالي، فان دربي الجارين بالمربع الذهبي قطعت الشك باليقين، فرغم كل الخطط المعقدة وأساليب اللعب الحذرة، اتضحت بساطة كرة القدم مرة أخرى حيث تأهل الديوك إلى نهائي كأس العالم بفضل ركلة ثابتة تقليدية، وذلك بمجرد ان أرسل أنطوان غريزمان تمريرة عرضية من ركلة ركنية عند الزاوية القريبة قابلها صمويل أومتيتي برأسه متفوقًا على مروان فيلايني في الهواء ليسجل الهدف الوحيد ويمنح فرنسا الفوز بهذا الهدف التقليدي البسيط، ويحجز بالتالي مكانًا في المباراة النهائية.
وصنع هذا الهدف الفارق بطريقة غير معقدة في مباراة ضمت العديد من لاعبي كرة القدم البارعين الذين يمتلكون مهارات رائعة وتحركات مدمرة وإنهاء مذهل للهجمات.
وأوحت انطلاقة كيليان مبابي في الجناح الأيمن خلال أول 15 ثانية بأن فرنسا ستسحق المنتخب البلجيكي لكن هذا التفكير تلاشى سريعًا مع اتباع المنتخب الفرنسي لخطة تناقض ذلك تمامًا، وتراجع الفرنسيون للدفاع، وفي بعض الأحيان من عند حافة منطقة الجزاء، وسمحوا للمنتخب البلجيكي بامتلاك الكرة واختاروا بدلًا من ذلك الاعتماد على الهجمات المرتدة، وليشكل ايدن هازارد والكرة في حوزته عند حافة منطقة الجزاء وقدرة كيفن دي بروين على التحكم في اللعب خطورة، وكان ذلك مغامرة كبيرة من المنتخب الفرنسي، لكن عندما سنحت فرصة شن هجمات مرتدة كان سريعًا كالبرق وخطيرًا بالقدر نفسه.
وكان الأمر في تلك المواجهة أشبه بمنازلة بين اثنين من ملاكمي الوزن الثقيل وهما يراقبان بعضهما بعضًا وينتظران مَن تطرف عيناه أولًا، وحين جاء الهدف الأول، لم يكن من تحرك سلس أو بمهارة فردية لكن من موقف معتاد، وهو أمر لا يزال حاسمًا في أعلى مستويات اللعبة، ومع زيادة تعقيد كرة القدم بوجود علوم عصرية وتكنولوجيا الفيديو، كان هدف فرنسا بمثابة تذكير بمدى بساطة هذه اللعبة.
واللافت ان الهدف أعطى رخصة لفرنسا من أجل اللعب براحة أكبر لكن ليس على حساب الشكل الدفاعي للفريق، وأغلق الفرنسيون كل المساحات أمام دي بروين وهازارد، وتصدى هوغو لوريس بصورة رائعة لمحاولة توبي ألدرفيريلد في الشوط الأول لكن بعد الاستراحة لم يكن عليه سوى إنقاذ تسديدة أكسل فيتسل الصاروخية من مسافة بعيدة مع تحكم زملائه في اللعب.
وبعد انتقادات بسبب بدايتها البطيئة للبطولة، تصل فرنسا إلى قمة مستواها في الوقت المناسب وربما تتطلع مرة أخرى لمزيد من البساطة في النهائي، خاصة انها تعلمت الدروس والعبر ممن تصدروا الارقام والإحصاءات أمثال اسبانيا والبرازيل على سبيل المثال لا الحصر، وها هم اليوم يتفرجون عليها مُمَدّدين على ارائكهم كل في منزله، كيف بلغت النهائي، وربما احراز اللقب الأحد المقبل.