أظهر باحثو كلية الطب في جامعة ماريلاند، كيف يقلل تلوث الهواء من عدد الحيوانات المنوية في الفئران عن طريق التسبب في التهاب الدماغ. وتشير نتائج الدراسة الجديدة الى أنّ نوعاً معيناً من الخلايا العصبية المرتبطة بدورة النوم والسمنة كان مسؤولاً عن انخفاض عدد الحيوانات المنوية جرّاء تلوُّث الهواء. وأكّد الباحثون أنّ هناك خطأً مباشراً بين هذه الخلايا العصبية الموجودة في جزء الدماغ الذي يتحكّم عادة في الحاضر الجنسي والجوع والعطش، والأعضاء التناسلية والتي من جهتها تؤدّي الى استحابة الالتهاب وانخفاض عدد الحيوانات المنوية. وقال المؤلّف الرئيسي للدراسة الدكتور تشيكانغ ينغ الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة ماريلاند، أظهرت النتائج التي توصّلنا اليها أنّ الضرر المتأتي عن تلوّث الهواء، على الأقل لعدد الحيوانات المنوية يمكن علاجه بواسطة إزالة علامة التهاب واحدة من أدمغة الفئران. وهذا يعني أنّه يكون قد اصبحنا قادرين على تطوير علاجات يمكن أن تمنع الآثار الضارة لتلوّث الهواء على الخصوبة. وتشير التقديرات إلى أنّ نحو 92 بالمائة من سكان العالم يعيشون في مناطق تتجاوز فيها مستوى الجسيمات الدقيقة في الهواء الحدّ الأدنى من معايير السلامة التي حدّدتها منظمة الصحة العالمية. وتنشأ هذه المكونات من عدد من المصادر أبرزها دخان السيارات والمصانع وحرائق الغابات ومواقد حرق الأخشاب. وذكر تشارلز هونغ الحاصل على دكتوراه في الطب وميلفي شاروكي أستاذ الطب ومدير أبحاث أمراض القلب في كليّة الطب في جامعة ماريلاند بأنّ هذه النتائج لها آثار أوسع من مجرّد الخصوبة، حيث يتواجد العديد من الحالات كارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب التي يمكن أن تنتج عن التهاب الدماغ. وتعدّدت الدراسات حول موضوع التلوّث البيئي وخصوبة الرجل، على مر الشهر والسنين المنصرمة، في العام 2017 وفي شهر تشرين الأول، قالت مجلة فوكاس الايطالية أنه من المعروف أنّ تلوّث الهواء له تداعيات صحيّة على صحة الإنسان، إذ تسبّب بمشاكل في القلب والتنفّس والمخ اضافةً الى مشاكل أخرى كالحيوانات المنوية. وتابعت المجلة نذكر أنّ دراسة قديمة أو يمكن القول سابقة أجريت على 6500 رجل من تايوان في الفترة ما بين 2001 و2014، فوجدت أنّ الرجال الذين تعرّضوا للتلوّث تغيّر لديهم شكل وحجم الحيوانات المنوية، إلاّ أنهم أنتجوا منها أعداداً أكبر وأرجعوا ذلك الى تعويض تغيير أشكالها وتتضرّرها.
وهناك دراسة أخرى تفيد بأنّ جودة السائل المنوي بصفة عامة تتأثّر نتيجة التعرّض للتلوّث بدرجة خطيرة قد تتأثّر معها خصوبة الرجل وقدرته على الإنجاب، وعزا العلماء خطورة تأثير التلوّث على خصوبة الرجل الى تواجد عنصر الكادميوم السام في الهواء الملوّث بدخان السجائر والدخان الناتج عن المحروقات. يقول الدكتور رضا محمد طه لموقع منظمة المجتمع العلمي العربي، وهو أستاذ مساعد في الميكروبيولوجيا في جامعة الفيوم بمصر، أنه خلال بحث أجراه علماء في كلية الطب البيطري والعلوم في جامعة نوتينغهام في المملكة المتحدة، ونشرت نتائجه في مجلّة سيانيتفيك ريبورتيس في مارس/ آذار 2019 عن وجود ملوثات في بيئة المنازل التي يعيش فيها الأفراد وكذلك أماكن العمل بما تؤثّر سلباً على خصوبة الذكور البالغين، وكذلك على الحيوانات الأليفة الموجودة في المنازل كالكلاب التي تعيش مع الإنسان. وكشفت النتائج أنه كلّما تعرّض الأشخاص مدّة أطول للخبريات المشاهبة في صغر العمر وخصوصاً من بعض المواد الكيميائية التي يصنعها الإنسان مثل البلايستيسيزر DEHP تلك المادة تدخل في صناعة الأشياء الأساسية التي توجد غالباً في معظم المنازل مثل السجاد والأسقف والأرضيات والأسلاك والملابس ولعب الأطفال وفرش التنجيد وتوجد كذلك في الكيميائيات الصناعية. أيضاً وأيضاً نجد أنّ قائمة المواد المضرة تطول، فنتعرّف على الكلورين الثنائي الفينيل 153 المعروف اختصاراً بــ 153 PCB وهي محظورة عالمياً، إلاّ أنّ آثارها متواجدة في البيئة المحيطة وتوجد حتى في الطعام. إنّ تلك الملوثات أثبتت أنها قادرة على أحداث تشظٍ في مادة الحمض النووي «دي ان اي» بما قد يسبب حدوث طفرات أو تشوهات فيها، ومن ثم تصبح غير قادرة وغير صالحة للأخصاب، ويصل العطب فيها الى معدّل النصف (50 بالمائة) أو أكثر مقارنة بالتسليمة. وكلما ارتفعت معدلات التلوث زادت مخاطر تدهور الخصوبة عند الرجال، والتي قد تبلغ في بعض الأحيان درجة العقم، وفي 18 شباط 2022 أظهرت دراسة صينية أنّ تلوث الهواء يؤثر على جودة السائل المنوي وتحديداً على حركة الحيوانات المنوية ووفقاً لهذه الدراسة الجديدة التي حلّلت بيانات أكثر من 30 ألف رجل في الصين، فإنّ الرجال الذين يعيشون في المدن شديدة التلوث لديهم نطف أضعف، ويعتقد الباحثون الصينيون ان معالجة الهواء السام يمكن أن تعزّز خصوبة الرجال. ووجدت النتائج التي نُشرت في مجلة Jama Networks أنّ حركة الحيوانات المنوية أي قدرتها على السباحة كانت أسوأ لدى الرجال في أكثر المدن تلوّثاً. ومع ذلك لم يكن لديهم عدد أقل من الحيوانات المنوية.