عشرون يوما وتنتهي المهلة الدستورية لانتخاب رئيس للجمهورية، في وقت يفصلنا ساعات عن الجلسة الثانية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري لانتخاب الرئيس، حيث تشير كل المعطيات انه لن يتم خلالها انتخاب الرئيس العتيد، وبالتالي سيتواصل مسلسل الآلام اللبنانية والأزمات وتفاقمها في ظل العتمة وتدهور حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والصحية، مترافقة مع هجرات وقوارب الموت ومافياتها، حيث تؤكد الوقائع ازدياد عمليات الهجرة غير الشرعية التي يُقبل على المجازفة فيها لبنانيون وغير لبنانيين من المقيمين على الأراضي اللبنانية، هرباً من حياة تحوّلت إلى جحيم تساوى فيها خيارات الموت، غرقاً في البحر أو جوعاً وقهراً في لبنان.
وحسب «الدولية للمعلومات»، فانه منذ أيلول من العام 2013 ولغاية أيلول من العام الحالي 2022، بلغ عدد الضحايا الذين غرقوا في البحر أثناء محاولتهم للهجرة غير الشرعية 248 ضحية، يُضاف إليهم مئات هاجروا وانقطعت أخبارهم، فلم يُعرف إذا كانوا قد وصلوا إلى وجهتهم أو أن البحر قد ابتلعهم.
أما المحاولات التي تم كشفها وتوقيفها فهي عديدة منها، 25 مركباً في العام 2021 كان يقلّ نحو 750 مهاجراً، و4 مراكب في العام 2020 كانت تقلّ 126 شخصاً.
الجدير بالذكر، انه في شهر أيلول الفائت سجل غرق أو تحطم ثلاث من مراكب الموت، كانت على الشكل الآتي:
في 6 أيلول: غرق مركب موت قبالة سواحل مالطا كان قد انطلق من طرابلس وعلى متنه 60 راكبا فتم إنقاذ 59 ومقتل واحد.
في 13 أيلول: غرق مركب قبالة سواحل جنوب غرب تركيا، كان قد انطلق من ساحل طرابلس وعلى متنه بين 90 و100 وكان عدد الضحايا 6.
في 22 أيلول: غرق مركب قبالة جزيرة أرواد في طرطوس السورية كان قد انطلق من سواحل القلمون وعلى متنه بين 120 و150 راكبا وكان عدد ضحايا مركب الموت هذا 102 من الركاب.
ومقابل الهجرة غير الشرعية بواسطة مراكب الموت، يسجل ازدياد في عمليات الخطف (التي تشمل الميسورين عموماً)، من أجل طلب فدية مالية «حرزانة» من ذوي المخطوف، الأمر الذي يُعدّ نتيجة طبيعية للشلل والانحلال في الدولة اللبنانية، مع ما يرافقهما من ارتفاع في معدّلات الفقر والعوز وتراجع في المداخيل، وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل، وقد شهد العام 2022 حتى نهاية شهر أيلول 44 جريمة خطف ووفق إحصائية «للدولية للمعلومات» وصل عدد حالات الخطف في العام 2014 إلى 19 جريمة، مسجِّلاً، في السنوات التي تلته، تراجعاً ملحوظًا، ليرتفع مجدّداً في العام 2019 مع تسجيل 16 جريمة خطف، ثم في العام 2020 مع 47 جريمة، ليتدنّى في العام 2021، ثم يرتفع إلى حدّ كبير في العام 2022 مع تسجيل 44 جريمة مع نهاية شهر أيلول 2022.
تجدر الملاحظة هنا، الى أن عدد عمليات الخطف ربما تتجاوز هذه الأرقام لأن الاعداد الوارد ذكرها، تشمل الجرائم المُبلّغ عنها للقوى الأمنية فقط، حيث لم يتم التبليغ عن حالاتٍ خطف تمّت تسويتها خارج أطر القوى الأمنية.
قد تكون هاتين الاحصائيتين للدلالة على الحالة التي وصل إليها البلد، فكيف إذا أضفنا إليها جرائم السرقة والقتل لأتفه الأسباب والانتحار وغيرها من الجرائم. فهل سيكون نواب الأمة على قدر المسؤولية ويخرجون من حساباتهم الصغيرة وحتى الكبيرة ويقدمون على إنجاز الاستحقاقات الدستورية في مواعيدها، فيختارون رئيسا يستطيع أن يقود عمليات إصلاح واسعة، تنشل البلد وأهله وناسه من حالة الاهتراء التي وصل إليها، لن نعوّل على جلسة الخميس في 13 الجاري، فالكل يتحدث عن عدم إمكانية انتاجها لرئيس جديد، ويبقى من بعدها 17 يوما لنهاية المهلة الدستورية، فهل يكون النواب على قدر المسؤولية، مع الأسف الصورة الفسيفسائية للكتل النيابية لا توحي بالمرتجى، لكن نبقى مع ما ورد في لامية الطغراني المتوفي سنة 514:
«أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»