بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 كانون الأول 2022 12:00ص 2022 سنة الأزمات... والحلول المؤجلة

حجم الخط

تُقفل سنة 2022 على اللبنانيين بكثير من الأزمات التي لم تكن وليدتها بقدر ما كانت تلك الأزمات هي نفسها وليدة الماضي وستبقى تتوالد دوماً.. حتى أجل غير محسوم.

إذا كنا نستطيع تسمية السنة التي سيودعها اللبنانيون بعد ساعات بسنة الأزمات، فيمكن اعتبارها أيضاً بسنة الحلول لكن المؤجلة بدورها أيضا الى أمد غير محسوم.

وباستعراض للأحداث التي حفل بها العام المنصرم، فإنه حفل بخطط مالية واقتصادية وكهربائية كثيرة وطموحة لم تحصل بسبب غياب، أولاً للاتفاق السياسي الذي ينجم عنه الاستقرار الذي يعد مفتاح الحل الاقتصادي وبالتالي الخروج من الكارثة الاقتصادية للبنانيين.

كانت سنة مليئة أيضا بمفاجآت استهلها زعيم "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري باعتكافه السياسي الذي لم يصدق أحد ما تسرب عنه حتى إعلانه رسميا أوائل العام، والذي ترك فراغاً سنياً يقترب من اليتم لم يملأ أحد حتى اللحظة، ما أدى بدوره الى حالة بلبلة وإرباك في القرار السني ليس من المنتظر ان يخرج منهما قريبا في ظل غياب المرجعية السنية الخارجية أيضا نتيجة عوامل بات يعلمها الجميع.

لكن العام شهد إنجاز الانتخابات النيابية التي شكلت تحولاً جزئياً مقبولاً في الخارطة السياسية، لكنها أبقت على الوضع الطائفي من دون حل. إلا أنها جاءت بتغيير في صدارة القوى المسيحية لصالح "القوات اللبنانية" التي تلاها "التيار الوطني الحر" ثانياً رغم كل ما تعرض له من هجمات. وتقدم وضع حزب "الكتائب" وإلى جانب ذلك حضرت شخصيات مسيحية مستقلة فشكلت تلك التغييرات إيجابية في الوضع العام ليصبح المجلس النيابي، إذا ما أسقطنا ذلك على الخريطة السنية، متوازناً الى حد كبير مع مجموعة من الأقليات الكبرى بات معها الاتفاق السياسي بين المكونات الكبيرة والصغيرة التي طرأت على المشهد مفتاح أي حل.

نقطة الضوء الأكيدة أن السنة الجديدة حملت أملاً مع انضمام طبقة جديدة من السياسيين ما زالت في مهدها وتمخضت عن انتفاضة 17 تشرين. ورغم كل ما يشوب أداء هؤلاء من مآخذ، فإنهم، ومعهم بعض المستقلين، معقود عليهم الكثير للتأسيس لتغيير في العقلية السياسية، خاصة وأن 17 تشرين، وإن لم تنجح نتيجة الآمال الكبرى والوهمية التي علقت عليها وكان إسقاط الطبقة السياسية بالكامل أهمها، كما نتيجة عوامل ذاتية وموضوعية كثيرة، فإن هذه الانتفاضة أسست لما هو آت في المقبل من السنوات والعقود مع كسر الخوف من طبقة السياسيين والاقتصاديين والمصرفيين وغيرهم ممن تشكلت المنظومة الحاكمة منهم.

المؤسف في العام الذي نضع أوزاره اليوم، أن الفراغ المؤسساتي شكل معضلة للحكم مع العجز عن تشكيل الحكومة وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون من دون خلف.. حتى أمد بعيد كما هو ظاهر. لكن الإيجابي أيضا كان توصل لبنان الى اتفاق ترسيم الحدود مع العدو الإسرائيلي برعاية أميركية ومباركة دولية، مع ما يعنيه ذلك من حال استقرار نسبي للبنان جنوباً.

لكن اللبنانيين خرجوا سريعا من وهم استثمار ذلك سريعاً، وباتوا مقتنعين بأن الحل الخارجي ليس سريعاً، وبالتالي أصبحوا على يقين بأن عليهم تدبير أمورهم بأنفسهم من دون انتظار الخارج، ما يعني المزيد من الهجرة والمزيد من الاستنزاف لمقدرات البلاد وصعود مضطرد لسعر الدولار مقابل عملة وطنية تعاني.. باختصار: المزيد من الانهيار.

إزاء كل ذلك لا أفق لحل قريب، بل ان ما تشي به التطورات في الاقليم لا يعني ان الطبخة الدولية الاقليمية باتت قاب قوسين أو أدنى من التحقق. ولعل الايجابية الوحيدة تتمثل في نية أفرقاء لبنانيين في الحوار تمهيدا للتسوية التي سيأتي بها الخارج وإن كان كل ما يحصل هو جعجعة من دون طحين لكن يبقى تنفيس الاحتقان هو الأساس.

الأمر المؤسف كان وسيبقى أن كل عام جديد لن يحمل محاسبة للتركيبة السياسية التي أودت باللبنانيين الى حالهم هذا، لا بل أن الطبقة السياسية الشعبية التي تعاني من تلك المنظومة هي التي جددت لها وهذه مفارقة مؤلمة. وبذلك ستبقى، مع الأسف الشديد، فواجع اللبنانيين من دون محاسبة وعلى رأس تلك الفواجع مأساة المرفأ.. لمن يتذكر.