بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 حزيران 2018 12:00ص آليات عمل مفوضية اللاجئين تضع إعادتهم في قعر أولوياتها وتقدّم التوطين والإندماج

باسيل رفع سقف المواجهة إلى الحد الأقصى بعدما توثّقت لديه الإعاقة المنظَّمة للعودة

حجم الخط

لمس باسيل في لقائه دي ميستورا  مناخاً دولياً جديداً حيال مشارفة الحرب  في سوريا على الانتهاء

رفع جبران باسيل منسوب المواجهة مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين UNHCR الى الحد الأقصى الذي لم تكن تنتظره أو تتصوره لا المفوضية بأمانتها العامة في جنيف ولا حتى أطراف داخليون كثر طالما تلكأوا عن مقاربة موضوعية وصلبة لمسألة النازحين. وحتّم السقف الأقصى هذا توثيق وزارة الخارجية مروحة واسعة من الإجراءات التي تثير الشك في أداء المنظمة وتشكل مصدر قلق لناحية إمكان وجود عدم رغبة دولية – إقليمية لعودة النازحين الى سوريا، أكثرها فظاظة أسئلة (أقرب الى تحقيق أمني - استخباري) تحمل الكثير من الالتباسات وجهها في عرسال موظفو المفوضية الى النازحين الراغبين في العودة الى ديارهم.
التبريرات التي ساقتها المنظمة الدولية لم تقنع وزارة الخارجية وأطرافا كثر وجدوا فيها عملية إعاقة منظَّمة للعودة أو لعرقلتها في الحد الأدنى، وخصوصا أن الأرقام التي بحوزة المسؤولين المعنيين تؤشر الى أن ثمة ما يقرب الـ40 ألف نازح سوري حسموا أمرهم بالعودة في الأسبوعين أو الثلاثة أسابيع المقبلة.
كان من المفترض أن يرسي الاجتماع الذي عقده باسيل في جنيف مع المفوض السامي لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، نوعا من تفاهم الحد الأدنى يوضح الكثير من الالتباسات التي رافقت عمل المفوضية في الآونة الأخيرة، غير أن البيان الذي صدر عنها بعد يومين من هذا الاجتماع أتى من خارج السياق وحتّم سوء تفاهم جديد، وخصوصا لجهة «تقويل» وزير الخارجية ما لم يقله في الاجتماع.
ويورد معنيون ملاحظات أربع على لقاءات جنيف:
1- قال بيان المفوضية إن «موقف الأمم المتحدة هو عدم تشجيع العودة في هذه المرحلة. وهذا ما وافق موقف الوزير أن تشجيع العودة ليس ما هو مطلوب من الأمم المتحدة»، الأمر الذي تنفيه وزارة الخارجية التي تؤكد أن غراندي أعلم باسيل أن المفوضية تؤيد عودة النازحين السوريين لكنها لن تسوق لها، مع تعهده بتغيير النهج الكلامي لموظفيه في بيروت على أن يدرب هؤلاء على النهج الجديد.
2- لم يوافق باسيل على كل ما أورده غراندي في الاجتماع، وهو أثار ضرورة نقل تمويل النازحين من لبنان الى سوريا، مما سيشجعهم أكثر على العودة لضمان استمرار تلقيهم المساعدات.
3- لمس باسيل في لقائه ستيفان دي ميستورا، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الى سوريا، مناخا دوليا جديدا، إذ تحدث المسؤول الأممي عن مشارفة الحرب في سوريا على الانتهاء، واستعان بخارطة ليؤكد أن المناطق الآمنة في سوريا أصبحت كثيرة باستثناء إدلب، الأمر الذي يجعل الحديث عن العودة ممكنا، وإن فضّل الرجل عدم الحديث عن توقيت محدد لهذه العودة.
4- ثمة من يتقصّد، محليا، تظهير خلاف لبناني على مسألة نازحين بغية إبلاغ المسؤولين الدوليين أنها محط خلاف، ولا يجوز تاليا الأخذ بما تدأب فيه وزارة الخارجية تحديدا. هذا المقصد واضح لدى المعنيين، وباسيل لن يألو جهدا في سياق العمل على تكريس العودة، وستكون له قريبا لقاءات مع مسؤولين دوليين.
5- تكثر في الموقع الإلكتروني الرسمي لمفوضية اللاجئين السياقات التي تحمل مؤشرات عن آليات ما يسميه مسؤولون لبنانيون «التعامل السلبي» للمفوضية العليا مع ملف النزوح السوري. وتبيّن هذه السياقات أسباب هذا التعامل المتوقع أن يتغيّر في الفترة القليلة المقبلة، منها على سبيل المثال:
1- في تعريف اللاجئين، يرد أنهم «أشخاص يفرون من الصراع أو الاضطهاد، يعترف بهم القانون الدولي ويحميهم، ولا يجب طردهم أو إعادتهم إلى أوضاع تعرض حياتهم وحريتهم للخطر».
2- وفي تعريف العائدين أنه «بالنسبة لعدد كبير من ملايين الأشخاص الذين أجبروا على الفرار، قد تمثل العودة نهاية لفترة صعبة أمضوها خارج بلدانهم. قد يحدث ذلك بعد أشهر أو أعوام أو حتى عقود بعد مغادرتهم - وأحياناً، قد لا يعودون أبداً».
3- وفي باب «توفير الحلول»، أن «المفوضية تعمل بجدّ لحماية اللاجئين ومساعدتهم، ولكنّ هدفها النهائي يتمثل في العثور على حلول تسمح لهم بإعادة بناء حياتهم. ويعتبر إيجاد الحلول التي تمكّن اللاجئين من أن يعيشوا حياتهم بكرامة وسلام جزءاً أساسياً من عملنا، وقد تشمل العودة الطوعية إلى الوطن وإعادة التوطين والإدماج».
4- وفي باب «العودة الطوعية إلى الوطن»، ورد «العودة الطوعية إلى الوطن في أمان وكرامة تتطلب التزاماً كاملاً من جانب بلد المنشأ للمساعدة في إعادة إدماج أبناء البلد. كما يتطلب ذلك أيضاً دعماً مستمراً من جانب المجتمع الدولي من خلال مرحلة ما بعد الصراع والتي تعتبر حاسمة لضمان تمكين أولئك الذين يتخذون هذا القرار الشجاع بالعودة إلى ديارهم من إعادة بناء حياتهم في بيئة مستقرة. وعندما يتعلق الأمر بالعودة، فإن من أولويات المفوضية تهيئة الظروف المواتية للعودة الطوعية إلى الوطن، وضمان ممارسة الاختيار الحر والواعي، وحشد الدعم للعائدين».
5- أما في باب «بيئة العمل»، ففيه: «سيساهم كل من الإنجاز المحقق في مجال الإقامة القانونية في عام 2017 وإعفاء فئات معينة من السوريين من دفع رسوم التجديد، في الحد من بعض مخاطر الحماية وتعزيز حرية تنقل اللاجئين. وستواصل المفوضية دعم السلطات في تنفيذ عملية التجديد، وستشجع على توسيع نطاق الإعفاء للوصول إلى اللاجئين غير المشمولين حالياً. منذ عام 2014، ما زالت هناك قيود مفروضة على الدخول إلى الأراضي كما أن عملية التسجيل لدى المفوضية ما زالت معلقة. ويحد ذلك بشكل كبير من قدرة المفوضية على تلبية احتياجات الحماية لجميع اللاجئين بشكل شامل وتخطيط وتسهيل الحلول الدائمة خارج لبنان. تبقى إعادة التوطين الحل الدائم الوحيد المتاح حالياً للاجئين في لبنان. وبالتالي، يشكل الانخفاض المتوقع في حصص إعادة التوطين مصدر قلق كبير، مما يزيد من صعوبة الحفاظ على حيز اللجوء. وفي الوقت نفسه، يفيد معظم اللاجئين السوريين بأن العودة الطوعية هي حلهم المفضل، وبأنَّ الأمن والسلامة في سوريا هو العامل الرئيسي الذي يؤثر على القرارات المستقبلية المتعلقة بالعودة. وعلى الرغم من أن الوضع في سوريا ما زال غير ملائم للعودة، إلاَّ أنه يمكن أن تحدث بعض عمليات العودة الفردية والتلقائية. وستراقب المفوضية عن كثب التطورات في سوريا، وستكيف استعدادها إذا أصبحت الظروف تدريجياً أكثر ملاءمة للعودة». 
6- حددت المفوضية أولوياتها للعام 2018 والمتمثلة في «الحفاظ على حيز اللجوء للاجئين السوريين ما داموا بحاجة للحماية، والعمل على عدم الإعادة القسرية(...) والحفاظ على رفاه اللاجئين وكرامتهم بما في ذلك من خلال توفير المساعدة النقدية لتلبية احتياجاتهم الأساسية ودعم الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم والمأوى الملائم وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة. 
تحمل الاقتباسات الستة هذه أجوبة شافية عن آليات عمل المفوضية. هي تقدّم أمن النازحين أو ما تسميه العودة الآمنة و«إعادة توطينهم وإدماجهم» في أماكن اللجوء و«العثور على حلول تسمح لهم بإعادة بناء حياتهم»، على أي اعتبار آخر بما فيه القرار السيادي للدولة الحاضنة لهم، فيما يقع خيار إعادتهم الى بلادهم في قعر الأولويات، إذ «قد يحدث ذلك بعد أشهر أو أعوام أو حتى عقود بعد مغادرتهم - وأحياناً، قد لا يعودون أبداً». وفي العبارة الأخيرة كل الفائدة!