بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 آذار 2021 12:02ص أبرز سلبيات الفساد على الأوطان

حجم الخط
يثير الفساد الحاد المنظم حفيظة وغضب السكان ما يحوله إلى عامل هدام يساهم بقوة وفعالية بالتسبب بالاضطرابات الاجتماعية و العصيان، كما يساهم في تعريض العلاقات الجيدة بين الدول وشبكات الجريمة المنظمة العابرة للحدود القومية، فضلاً عن أنه يؤجج نيران الخلافات العرقية والدينية واللغوية. 

يعتبر الفساد عامة اهتراءً قوياً في حواشي نظام ما أو علامة على فشل النظام في أسوأ الأحوال، لكن أقبح صوره تتجلى في الثراء الشخصي للشبكات الحاكمة، ولحواشيها من ماسحي أجواخ ومقبلي أيادٍ ومقبلي لحىً ولاحسي مبارد. 

وفي لبنان بدأت خطوة قانون حماية كاشفي الفساد بالظهور في أيلول من العام 2018، أما خطوة اقرار قانون حق الوصول إلى المعلومات فكانت في شباط 2017. 

يرتبط تفعيل قانون حماية كاشفي الفساد بشكل أساسي بتشكيل هيئة مكافحة الفساد. 

يتألف القانون من محورين، المحور الأول يتمثل بالحماية الشخصية والقانونية لكاشفي حالات الفساد وتقديم الحوافز المالية والقانونية لهم، أما المحور الثاني فينصب اهتمامه على محاربة اساءة استعمال الملاحقة المتعلقة بالقدح والذم بحق كاشفي الفساد عند تبيان حالاته. 

لقد احتل لبنان المرتبة 138 من أصل 180 دولة حسبما أفاد مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية وقد بقيت علامة لبنان في عالم الفساد 28/100 حتى ثورة 17 تشرين الأول 2019. 

تصرخ تلك الأرقام طالبة حاجة لبنان الماسة والملحة إلى محاربة  الفساد وخصوصاً بعد تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحته واقرار قانون الاثراء الغير مشروع. 

وفي هذا الاطار، قال مدير برامج مكافحة الفساد في البلدان العربية أركان السيلاني، أن مكافحة الفساد تحتاج إلى منظومة وأدوات معظمها غير متوفر في لبنان، لكن أول الغيث يجب أن يكون بتفعيل قانون حماية كاشفي الفساد وازالة المعوقات في تطبيق قانون الحق في الوصول إلى المعلومات لأن الفساد سلاح فتاك يستعمله الفاسدون لاستغلال السلطة العامة وتحقيق مكاسب خاصة مع أبواقهم ومحاسيبهم، وهو فعل يؤدي إلى زعزعة الثقة بمسار القطاع العام وبشفافية القيمين عليه. 

اما الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فتناط بها مهام العمل على كشفه وعلى المساعدة في ارثاء مبادئ قوة القانون، وتشكل هذه الهيئة المرجعية الوطنية الصالحة لتلقي تصاريح التي يقدمها المسؤولون عن أموالهم، اضافة إلى ضرورة امتلاكها القدرة على تدوين التقارير الدالة عن حالات الفساد في لبنان. 

إن لهذه الهيئة كامل الحق بمنع المشتبه بهم في ممارسة الفساد من السفر خارج البلاد ورفع السرية المصرفية عن حساباتهم. 

وبالمناسبة فإن تعيين الهيئة يتم من قبل مجلس الوزراء وقوامها  قاضيين متقاعدين ومتخصصين في علم الادارة والمال وشخصيات من المجتمع المدني وقد يصل عدد أعضائها إلى العشرة.

ويذكر ان استراتيجية مكافحة الفساد كان قد تم اطلاقها في عهد وزيرة التنمية الادارية السابقة عناية عز الدين في منتصف عام 2018، أما السبب في عدم البدء بمهمة محاربة الفساد فمرده بالدرجة الاولى إلى الخلافات السياسية الحادة القائمة في البلاد، وإلى محاولة فريق الرئاسة الأولى خرق الدستور واضاعة الوقت. 

اما أهم أسباب الفساد في لبنان وأخطرها بحسب الاستراتيجية فهي سياسية بالدرجة الاولى، إذ تحكم لبنان فئة صغيرة مهيمنة وهي عبارة عن طبقة سياسية تتقاسم السلطة فيما بينها وتعمل على تحقيق مصالحها الشخصية والطائفية خارج اطار أي محاسبة سياسية أو مساءلة ادارية أو قضائية.

تهدف الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد إلى نصرة الشفافية بهدف الوصول إلى المعلومات وخصوصاً المتعلقة منها بالصفقات العامة والقرارات الادارية والقضائية والتعاميم ونشوء الأحكام والتقارير الدولية والسنوية الصادرة عن القضاء وعن أجهزة الرقابة. 

كما ترمي إلى تفعيل المساءلة كي ينال مرتكبو الفساد وشركاؤهم عقابهم دون أي عائق دستوري أو اداري أو قضائي أو أي حسابات سياسية.

أما أهم مقومات نجاح الاستراتيجية فيتمثل فقط باتخاذ القرارات الصائبة والجريئة بغية التصدي للفاسدين ومحاكمتهم بهدف استرداد الأموال التي أدخلوها في جيوبهم، كي تعود إلى جيوب أصحابها الأصليين الناس والمواطنين والدولة. 

من هنا فإن الفساد على الصعيد الاقتصادي يهدر موارد الدولة ويجعل الاستثمارات سواءً الوطنية أو الأجنبية تهجر البلاد، وتصيب الادارات العامة بالوهن الشديد جراء التهرب من دفع الجمارك والضرائب والرسوم، ويؤدي الفساد إلى التأثير السلمي لسوق الانفاق العام لموارد الدولة عن طريق اهدارها في المشاريع الكبرى، الأمر الذي يجعل قطاعات هامة مثل الصحة والتعليم والخدمات تنكب بالحرمان.

أما على الصعيد السياسي فيؤدي الفساد إلى تشويه الدور المطلوب من الحكومة بشأن تنفيذ السياسة العامة للدولة وانهيار هيبة القانون عمودها الفقري، ويفضي ذلك إلى انعدام ثقة الأفراد في الدولة ومؤسساتها وإلى تزعزع الاستقرار السياسي، اضافة إلى اقصاء الشرفاء والأكفاء من الوصول إلى تبوُّء المناصب القيادية. 

أما على الصعيد الاجتماعي فيؤدي الفساد إلى بث روح العدائية بين فئات المجتمع، وهذا يؤثر سلباً على استقرار الأوضاع الأمنية ويتسبب وخصوصاً على المدى المتوسط بتعكير صفو السلم الأهلي.