بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الثاني 2022 12:02ص أبناء بيروت أمام امتحان المحافظة على هويتها ودورها

حجم الخط
مع إعلان الرئيس تمام سلام عزوفه عن خوض الإنتخابات النيابية للعام 2022، يكون أحد أبرز الوجوه السياسية في العاصمة، الذي ينتمي الى أحد أكبر بيوتاتها السياسية قد إرتضى التخلّي طوعاً عن مقعده النيابي، ما يشير الى أن الإستحقاق الإنتخابي في بيروت سيكون مفصلياً ومختلفاً عمّا سبقه، وتحديداً منذ العام 1992.

إن أهمية إنتخابات العام 2022 في بيروت، لا يقتصر على عزوف الرئيس سلام وحده، إنما يشمل أيضاً إمتناع شخصيات بيروتية وازنة عن خوض النزال الإنتخابي، ما يترك الساحة البيروتية مفتوحة أمام إحتمالات شتى، وتجعل نتائجها مؤشراً عما ستؤول إليه الأمور السياسية المترتبة على التصويت البيروتي - إقبالاً أو إمتناعاً - ما سيترك تأثيراً بارزاً حول القرار السياسي في بيروت.

من المفارقات الغريبة، قلّة الإقبال من قبل أهالي بيروت على الترشح للإنتخابات، وهم الذين ترشحوا وتفرّقوا في لوائح عديدة في إنتخابات العام 2018، والغريب في الأمر أنه مع تنحي شخصيات كبيرة ووازنة عن خوض الإستحقاق الإنتخابي، يلاحظ ذلك الإحجام من باقي الشخصيات.

قد يكون سَهَا عن بال أهالي بيروت أنهم بإحجامهم عن الترشح والتصويت يكونون أمام خطر خسارة قرار مدينتهم، وبالتالي وجهها ودورها وهويتها، إن الإمتناع عن المبادرة لحمل هموم العاصمة ترشيحاً وإنتخاباً هو جريمة بحق هذه المدينة الصابرة، ولعلّ الواجب يقتضي على مختلف الوجوه البيروتية البارزة والنخب أن تتصدى لمحاولات إنهاء دور مدينتهم، والأخطر إلغاء هويتها.

في الخامس عشر من أيار، ستترقب بيروت ما سيفعله أبنائها، وهو يوم قد لا ينفع بعده الندم، ولعل ما سيفعله البيروتيين وقتها، سيكون محط أنظار محيطهم الطبيعي، المتمثل بأشقائهم العرب، وعلى أهالي العاصمة وأبنائها ونخبها مسؤولية مضاعفة، تتمثل في الإجتماع لا التفرقة، عليهم واجب توحيد البوصلة، لا البكاء والنحيب عن مجدٍ فات.

إن الإقبال على التصويت وإختيار الأفضل هو المعيار الأساس لنجاح التجربة البيروتية في إنتخابات أيار 2022، لعلهم بذلك يمحون آثار ظلمة بيروت وظلامها، ولعلهم يتمسّكون بدور عاصمتهم وأهمية قرارها في رسم السياسة على مستوى الوطن.

رغم كل ما تقدّم، فإن بعض الإيجابيات يمكن الركون إليها، وتتمثل بمحاولات تقوم بها شخصيات وجمعيات وهيئات طارحة التوحد والتعاون والتعاضد فيما بينها، تمهيداً لحسن تمثيل المدينة على المستوى النيابي والبلدي والإختياري.

منذ العام 1909 (مجلس المبعوثان)، وبيروت تخوض كافة الإستحقاقات النيابية، إلا أن إستحقاقها القادم هو الأهم، نتيجة ما لحق بها من إجحاف، وما تعرّضت له من ظلامة وظلمة، فضلاً عن خسارتها لرئتها في الرابع من آب، وإنحسار دورها التجاري والتربوي والثقاقي، ويبقى أخطر ما تتعرّض له بيروت هو خسارة هويتها، تلك الهوية الجامعة المنفتحة العربية.

في الخامس عشر من أيار، تتطلّع بيروت الى أبنائها، وتحمّلهم مسؤولية الحفاظ على هويتها ودورها.


كاتب – باحث