بيروت - لبنان

اخر الأخبار

21 تشرين الثاني 2022 12:00ص أيُّها اللبنانيّون احتكموا إلى لغة العقل وتيقّظوا

حجم الخط
أيُّها اللبنانيّون، من المعروف أنّ السياسيين عندنا وللأسف يمتلكون أرشيفاً دموياً ضخماً مليئاً بالمآسي والويلات والفواجع التي لا يمكن محيُها بسهولة من التاريخ اللبناني الحديث والقديم لا بل لا أبالغ إن قلتُ أنها مستقبلياً ستنعكِس سلباً على أوضاعنا. نعم لا تزال كوارث الحرب التي دارت على عدّة خلفيات ماثلة أمامنا وما زلنا ندفع أثمان باهظة، علماً أنّ هذه الحروب كانتْ صنيعة خارج هدف إلى تمزيق الوطن ومؤسساته الشرعية على أيدي حفنة من زعماء مرتزقة ولا حاجة للقول أن الجراح ما تزال ماثلة أمامنا ولم تندمـــــــــــل لا بل أتانا من يغذّيها تحت ألف حجة وحجة ومنها رغبته الجامحة في إعادة ترأسه رئاسة الجمهورية وكأنه لم يكفيه سنوات وسنوات من العبثية السياسية وما أفرزتها من إنحرافات سياسية وعسكرية وإقتصادية.
أيُّها اللبنانيّون، دعاني أحد الأصدقاء إلى ندوة فكرية تحت عنوان «الإحتكام إلى القانون في حل النزاعات» حضرتها مع أحد مستشاريني السياسيين وفي الإعلان الرفيع على المستوى الدبلوماسي المعني بسيادة القانون، شدّد المؤتمرون ونحن كُنا أحد المتكلّمين في اللجوء إلى العدالة على قدم المساواة وأكدنا إلتزام الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة بإتخاذ كل الخطوات اللازمة لتوفير خدمات عدالة تتسِّم بالنزاهة والشفافية والفعالية وغير مرتهنة ومسيّسة وخاضعة للمساءلة، وأحلنا للدراسة ضمن إمكانياتنا المتواضعة والمتاحة أمامنا واقع القضية اللبنانية التي غالباً ما أضحت منسية إلّا من النخبة والغيارى ونحن من أركانها.
أيُّها اللبنانيّون، أزمة سيادة القانون وإحترامه والإلتزام به وفقدان الثقة به هي من أكبر الأزمات التي تمرُّ على وطننا لبنان والتي على ما يبدو تحول بين تقدُّم مجتمعنا اللبناني حيث حُصِرَتْ كل المهام السياسية بمجموعة دكتاتورية إنحرفت عن المسار الطبيعي للنظام الديمقراطي اللبناني وتحديداً للنصوص الدستورية ولا سيّما ما ورد في مقدمة الدستور الفقرة/ج/ والتي تنص « لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية تقوم على إحترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الإجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع اللبنانيين دون تمييز أو تفضيل». أين نحن من هذه النصوص الدستورية التي تعلو فيها المبادئ التي تعين على النهوض والتقدُّم في لبنان مع عصابات تحتكر العمل السياسي وترهن السيادة الوطنية للغريب وتتصرف بممتلكات اللبنانيين دونما خجل ووجل ضاربةً بعرض الحائط كل القوانين ومنها القوانين السياسية والمالية؟
أيُّها اللبنانيّون، هنا في فرنسا ومن خلال تعاطينا مع الجالية اللبنانية الموجودة في جميع أنحــاء العالم نلاحظ أنّ القوانين في أغلب هذه الدول تتضمن آليات وأساليب للتعديل والإلغاء والتطوير، حتى إنّ هذه الدول أعادت النظر في قوانين وتشريعات أثبتت الأيام أنها غير عادلة أو عدم جدواها وعملياً أصبحت غير ملائمة للتطورات التي تحدث في هذه الدول وتلك الآليات تكفل مشاركة الجميع في سنّ القوانين وتعديلها وبذلك قانونياً يعلــــــــــــــو حس الشراكة لدى الأفراد في إنتاج وتعديل قوانين ما لتخدم تنظيم الشؤون الداخلية والخارجية وضمان رفاهية هذه الشعوب. في لبنان الأمر معكوس بصلابة وتعنُّتْ وتكبُّر ودكتاتورية أحادية ومصالح خاصة وبالنهاية وطن بمؤسساته إنهار تماماً.
أيُّها اللبنانيّون، إحتكموا إلى لغة العقل في مقاربة الأوضاع العامة في البلاد حيث من الواجب عدم التأثر بما يقوله هؤلاء القادة سواء أكانوا علمانيين أو روحيين لأنهم بأغلبيتهم جماعة فاشلة ومتسلّطة وفاقدة للمصداقية وإلّا لِما هذا الوضع السيئ قائم ومن يتحمّل مسؤولية فشله؟ حاولوا أن تنعشوا ذاكرتكم وفكّروا في القوانين وتيّقنوا لعدم نزاهة من يُمسكون زمام الأمور. نعم لا شك أنّ الكذب والدجل السياسي القائمين هما إغراء شديد ولا يمكن لأحد أن يفْلِتَ منهما.
أيُّها اللبنانيّون، للأسف الشديد أصبح الكذب في لبنان خطة شائعة وغريزة طبيعية بالنسبة إلى السياسيين عندنا على الرغم من أنّ عواقبه قانونياً وخيمة، ومن المؤسف أنّ السياسيين يُمارسون الكذب بسهولة علينا وكأنه عادة طبيعية مثل التنفس أو شرب الماء لذلك المطلوب منّا في هذه المرحلة الحرجة والدقيقة أن نحتكِم إلى لغة العقل للقضاء على هذا النوع من السّاسة الفاسدين الذين خّرّبوا لبنان وباعوه بأبخس الأثمان؟ تلك هي مهمتنا لإسترجاع وطن أهلكته شياطين السياسة.