بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 كانون الأول 2020 12:02ص أيام غضب ضد «الدَولرة» تُوحِد طُلاب الخاص والرسمي

حجم الخط
تشابه إدارات الجامعات الخاصة في تعاطيها مع طلابها السلطة في أدائها حيال رعاياها ما فجر الغضب الشعبي المستمر بنسب متفاوتة منذ 17 تشرين حتى هذه اللحظة.

فقد جاء قرار «دَولرة» الأقساط في «الجامعة الأميركية» وسط أزمة معيشية عامة تطال اللبنانيين ومنهم طبعا طلاب تلك الجامعة التي افتتحت بقرارها حساب الأقساط على سعر صرف الدولار على المنصة الإلكترونية ذات سعر صرف الـ3900، سلسلة قرارات مماثلة في جامعات خاصة أخرى منها «الجامعة اللبنانية الأميركية» و«الجامعة اليسوعية» وغيرهما وهي جامعات ذات أقساط باهظة أصلاً.

لعل لا مقارنة بين واقع المؤسسات الجامعية الخاصة والفساد المستشري في الدولة اللبنانية، لكن تلك المؤسسات تتشابه مع الحكم اللبناني في ظلمها لطلابها الموصمين بـ«بورجوازية» طبقية الغالب الأعم منهم براء من «تهمتها» وكثير من الطلاب يحصل على المنح الجامعية لكي يستمر في تعليمه.

من هذا الباب نفذت إدارة «الأميركية» لتنفذ قرارها تحت حجة مساعدة الحاصلين على تلك المنح لكي ترفع عنها إتهام ظلامتها للطلاب. بالنسبة الى تلك الادارة، لا يبدو القرار عفويا بل تم اتخاذه عبر دراسة طويلة في جامعة يتذرع رئيسها وإدارته بأن جزءا كبيرا من عائلات الطلاب يعيش في الخارج ويرسل لذويه العملة الصعبة سواء بالدولار وباليورو، حتى أن الادارة تغمز من قناة أن طلابا استفادوا عبر ذلك لتنخفض تكلفتهم الدراسية الى الربع.

قد لا يصل المتجادلون حول أحقية الجامعات الخاصة في قرارها هذا الى نتيجة مطلقة، فقراءة واقعية لتكلفة تلك الجامعات ستدفعهم حتما الى زيادة في الاقساط، لكن المشكلة في أن التسعيرة الجديدة سترتفع الى أكثر من مرتين ونصف المرة عن التكلفة الحالية وهو ما لا تطيقه شرائح رأت في تلك الجامعات تعليما أفضل في بعض المجالات منه في الجامعات الرسمية التي تتفوق بدورها في مجالات أخرى. 

على أن قرار «الأميركية» شكل مفاجأة للطلاب الذين كانوا يتوقعون عدم بقاء الادارة مُسمرة تجاه تكلفتها المتصاعدة وهي بقيت على السعر السابق للأقساط حتى الخريف الماضي لتعلن تسعيرتها الجديدة بدءاً من الربيع المقبل. فقد ظن الطلاب أن الحديث عن زيادة الاقساط هو حديث موسمي لن تقدم عليه الادارة في ظل الواقع الإنساني الصعب على اللبنانيين. هذا مع العلم بأن الادارة تؤكد أنها أوضحت للطلاب نيتها تلك لكي يتدبروا أمورهم ويجهزوا أنفسهم في ظل واقع مالي واقتصادي صعب على الجميع.

تُجادل الإدارة بأنها تجهد الى التأقلم مع الواقع الحالي للبلاد لكي تتمكن من بناء خطة مالية للمستقبل مع أخذ ظروف الطلاب بعين الإعتبار، ومنهم من فقد معيلوه وظائفهم أو باتوا يتسلمون نصف راتب بالليرة اللبنانية.

ولكي تُسكت الطلاب، تعلن الإدارة أنها ستزيد من مساعداتها للطلاب الذين يتلقون المنح أو المساعدات لكي تصبح النسبة أكثر من 60 في المئة وما فوق بعد أن كانت 30 أو أكثر، مع وضع هدف رئيسي بعدم تسرب الطلاب من الجامعة. ولكن المسألة تبدو عملية طويلة وغير واضحة المعالم، ولذلك فإن الطلاب في الجامعة قد استنفروا بالتنسيق مع طلاب جامعات أخرى لا يشعرون بثقة تجاه خطوات إدارتهم ومنهم في «اللبنانية الأميركية» حيث ينتظر كثيرون استكمال إمتحاناتهم للخروج جديا على الإدارة، لإقامة تحركات على الأرض وصولا الى يوم غضب طلابي كبير السبت المقبل يجمع من هم في التعليم الخاص والرسمي.

مُواءمة الطلابي مع السياسي

سيتزامن الفعل الطلابي مع الحراك السياسي للشباب وهما مسألتان متداخلتان كون الطلاب يشكلون رافدا هاما للانتفاضة الشعبية، وهو دأب الاحتجاجات الشعبية على الدوام في لبنان ولا يختلف بذلك عن بلاد في الخارج.  

ومن المنتظر أن لا يقتصر الموضوع على المجموعات التي عكست واقع الحراك في خارج الجامعات، بل سيشارك آخرون من الأحزاب الموجودة في الحكم، فالمطالب واحدة ولا تطال شرائح سياسية دون أخرى. وبذلك ستتحد جهود هؤلاء الطلاب في تحركات تتطلب الوحدة.

وسيمثل الأمر تحديا بالنسبة الى الطلاب لفرض أنفسهم شارعيا وإجبار إدارات الجامعات على التفاوض معهم وسيكون تحديا مضاعفا على من نجحوا في إنتخابات مجالس الطلاب في الجامعات وهم الذين يمثلون نبض الانتفاضة الشعبية في الساحات. يتلقي هؤلاء مسؤولية الحل على وزارة التربية خاصة لإلزام الجامعات كافة إعتماد سعر صرف للدولار على أساس الـ1500 ليرة، إذ من الأهمية بمكان محاصرة قرارات جامعية كهذه قبل إعتمادها من قبل المدارس الخاصة وهو ما يبدو مسألة وقت ليس أكثر. كما ستتم المطالبة بفرض التطبيق الفوري لقانون الدولار الطالبي ومواجهة المصارف التي تتخلف عن تنفيذ هذا القانون.

وستكون ثمة مطالب لطلاب الرسمي بقضايا كتوفير التعليم اللائق في مؤسساتهم وتأهيل البنية التحتية المطلوبة لتعزيز جودة تجربة التعلم عن بعد بالإضافة الى إيجاد حلول داخلية تخفض الكلفة على الطلاب وهو ما سيتشارك به هؤلاء مع زملائهم في الجامعات الخاصة. على أن طلاب الرسمي سيشددون أيضا مع زملائهم في الخاص، على دفع وزارة التربية الى التعاطي بجدية مع أزمة «الجامعة اللبنانية» والدعوة الى إطلاق مسار يوصل الى إقرار مبدأ العقد الطلابي في جامعات لبنان كافة، ومطالب أخرى مثل تنفيذ الحلول الساعية الى توسعة الجامعة الوطنية وكثير منهم سيرفع شعار تحسين التمثيل السياسي، إضافة الى قضايا مثل عمليات الصرف.

وقد بدأت الاحتجاجات لرفع كل تلك المطالب وصولاً الى يوم السبت المقبل.. وما بعده.