بيروت - لبنان

اخر الأخبار

20 أيلول 2022 12:00ص إبقاء الوزراء الفاشلين بمواقعهم يُبدِّد الآمال بحل الأزمة الضاغطة

مؤشرات على أن تعويم الحكومة مقدمة لفراغ رئاسي طويل

حجم الخط
تقدم خيار إعادة تعويم حكومة تصريف الأعمال هذه الأيام، على سائر الخيارات المطروحة لتشكيل حكومة جديدة، كحل وسطي بين خيار الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة من ٢٤وزيرا، ومطلب رئيس الجمهورية بحكومة موسعة من ثلاثين بينهم ستة وزراء دولة.
تبريرات الداعين لهذا الخيار الوسطي، تنطلق من ارضاء كل الاطراف السياسيين، من رئيس الجمهورية وصهره النائب جبران، ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي ومعه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وغيرهم، لتفادي «الشرور» والفوضى الدستورية، التي يلوّح بها رئيس الجمهورية وتياره السياسي، في حال انتهت ولايته المشؤومة، وتسلمت حكومة تصريف الأعمال مهمات رئيس الجمهورية، وبالمختصر المفيد ارضاء عون بنهاية عهده.
قبل عام تقريبا تسلمت حكومة «معا للانقاذ» مهماتها، وبشّرت اللبنانيين بسلة وعود والتزامات لحل الازمة الضاغطة، من خطة النهوض الاقتصادي، وقف الانهيارالحاصل، زيادة التغذية بالتيار الكهربائي والعمل على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها. بعد عام كامل، لم يتحقق من هذه الوعود، الا إجراء الانتخابات النيابية، الذي حصل بضغط خارجي ورغبة من معظم الاطراف، كُلٌّ لهدف ما، وحسابات سياسية تختلف عن حسابات الآخر.
وقف رئيس الحكومة بعد انتهاء الانتخابات النيابية واعتبر الحكومة مستقيلة، ليعلن ان حكومته أنجزت كلما هو مطلوب منها، مستثنيا بالطبع خطة النهوض بقطاع الكهرباء لتهرّب وزير الطاقة وليد فياض من مسؤولياته، بإيعاز من الوصي على الوزارة منذ أكثر من عشر سنوات متتالية النائب جبران باسيل.
والسؤال هو كيف قامت حكومة معا للانقاذ بكل ما هو مطلوب منها كما قال رئيسها؟
لو يعطي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مثالا واحدا على انجاز واحد للحكومة، باستثناء اجراء الانتخابات النيابية، وباقي الانجازات فراغية بالهواء، لا صحة لها على الاطلاق، وللدلالة على هذا الواقع، بالامكان من خلال جردة بسيطة، تبدأ بالتدهور المريع لسعر صرف الليرة قياسا عما كانت عليه اثناء تسلم حكومة تصريف الأعمال مهماتها، وما اصبح عليه اليوم، ناهيك عن الارتفاع الجنوني لأسعار السلع وتكاليف المعيشة، وتناسل الازمات، بدءا من ازمة الخبز، واختفاء الدواء، والارتفاع الفاحش لاسعار المحروقات على انواعها، وكلفة الاتصالات، والاهم انطفاء التيار الكهربائي بالكامل عن كل الاراضي اللبنانية بعدما كان معدل التغذية بالتيار، قبل عام بمعدل يتراوح بين ساعتين وأربع ساعات يوميا، وهو واقع لم يواجهه اللبنانيون من قبل، الا خلال الاعتداءات الإسرائيلية، او بفترات من الحرب الاهلية المشؤومة.

إدارة الظهر لمشكلة الكهرباء المنهارة والتلكؤ المشبوه في معالجة مشكلة الودائع

بالطبع، لا يمكن تجاهل تعطيل الحكومة من قبل حلفائها، حزب الله وحركة امل، لأشهر ثلاثة على خلفية التحقيقات والملاحقات بتفجير مرفأ بيروت، والعراقيل المفتعلة من قبل الفريق الرئاسي، لابتزازها بأكثر من ملف وعرقلة ملف الاصلاحات المطلوبة بالكهرباء وغيرها. ولكن تعويم الحكومة المستقيلة، يعني، اولا ان اجراء الانتخابات الرئاسية مؤجل بالوقت الحاضر، لان انضاج طبخة الانتخابات لم يحصل بعد، لتعذر الاتفاق بين الاطراف السياسيين ومكونات المجلس النيابي الجديد حتى الآن، وعدم قدرة اي طرف منهم لانتخاب رئيس جديد بمفرده، او لاستمرار رهن الاستحقاق الرئاسي والملف اللبناني بكامله من قبل حزب الله تحديدا، مع نتائج الصفقة التي يزمع النظام الايراني اجراءها حول الملف النووي مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما والمؤجلة للعام المقبل على اقل تقدير، ولان الدول المؤثرة بالوضع اللبناني اقليميا ودوليا، لم ترسل إشارات عن مواصفات او اسم الشخصية التي تحبذ انتخابها للرئاسة الاولى بعد. وهذا يعني ان مدة الفراغ الرئاسي طويلة نسبيا على الاقل والحكومة المعومة هي التي ستتولى المسؤولية طوال مدة الفراغ، وبالتالي ابقاء اكثرية وزراء الحكومة في وزاراتهم، بمن فيهم وزير الطاقة وليد فياض وغيره من الوزراء الفاشلين. وفي الخلاصة، ابقاء القديم على قدمه، وترحيل حل الازمات والمشاكل الضاغطة ماليا واقتصاديا ومعيشيا والكهرباء والمياه في مقدمتها، الامر الذي يزيد من معاناة الناس وعذاباتهم وإذلالهم كما هو الحال في الوقت الحاضر.ولذلك، لا يؤمل من عملية تعويم الحكومة المستقيلة، القيام بالانقاذ الموعود من الوضع الكارثي الذي يواجهه اللبنانيون حاليا، بعدما ظهر جلياً، ان المسؤولين بالسلطة، من قمة الهرم الى ادنى مسؤول، لا يشعرون مع المواطنين، ولا يشاطرونهم معاناتهم الصعبة، واكبر دليل على ذلك، ادارة الظهر لمشكلة الكهرباء المنهارة، التي تشلّ لبنان كله، وتستنزف الناس اموالهم، والتلكؤ المشبوه في الانكباب على ايجاد حل لمشكلة الودائع المالية في المصارف، وهي المشكلة المرشحة للتفاقم نحو الأسوأ، في حال استمرت الحكومة بالتغاضي عنها وتجاهلها، وعدم الاكتراث لحلها في وقت قريب.