بيروت - لبنان

اخر الأخبار

19 نيسان 2021 12:00ص إلى جمال

حجم الخط
الطيبون يا صديقي يمضون ويتركون أنقى الأثر عند من عرفهم لا تمحوه الأيام، فكيف بمن كنت زميله ورفيقه في المشاوير والمهمات الصعبة أو الجميلة أو تلك التي صارت جزءا من تاريخنا.

هأنذا يا صديقي يحضرني شريط من الذكريات معك، أيام كنا نذهب معا في منتصف ثمانينيات القرن الماضي لتغطية معارك محاور الجبل, وخطوط التماس في الحروب العبثية في العاصمة وفي أكثر من مكان، فكنت نِعمَ الرفيق والصديق الذي يزيل الهم عن القلب.

تعال معي يا جمال نذهب الى جنوب الجنوب في 22 أيار 2000، لنكون أول الواصلين لنتابع الحدث الكبير الذي يحصل للمرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي باندحار العدو من دون قيد أوشرط.. وبُعيد وصولنا الى بنت جبيل كان الزحف البشري الى الأرض المحررة، وصار شاغلنا كيف نؤمّن صورة - حدثا، فوجدت أنت الحل بسؤالك عجوزا كم مضى على غيابه عن بنت جبيل، فأجاب: أكثر من خمسة وعشرين عاما، فصرخت به: وماذا تنتظر حتى تقبّل تراب أرضك، فنفّذ الأمر فورا وعلى منواله فعل آلاف البشر فكان منظرا مدهشا ومهيبا وتزاحم مصوّرو الإعلام المحلي ووكالات الأنباء العالمية والتلفزة لالتقاط اللحظة النادرة التي صنعتها.

يا صديقي..

عينك كانت النيشان الذي يترصّد اللحظة..

اصبعك كانت زناد يتحفّز لتمتطي صهوة الريح..

فتخترق الضوء لترسم بعدستك خارطة الحدث..

عينك يا جمال كانت النيشان، بوصلة الجهات، نجمة المسار، واصبعك كانت طلقة الضوء.

بالنسبة لنا، الكتابة مهمة ومزاج ووظيفة.. بالنسبة لك الصورة هي حقيقة ووضوح تخرج من جوف الكاميرا لتنطق الحدث.

أتخيلك يا جمال بضجيج حركتك، ببسمتك الهادئة.. ولن تغادر ذاكرتي.

أيها المستقيم وسط التعرّجات... 

سأبقى أتخيّلك مثقلا بالكاميرا والأفلام، والنوايا القروية النظيفة. سأبقى أتذكّر مشاورينا سويا.

رحمك الله يا جمال الشمعة الطيب والآدمي.