بيروت - لبنان

اخر الأخبار

25 كانون الثاني 2020 07:51ص إلى مَن يهمه الأمر فعلاً!

حجم الخط
النتيجة الجدير استخراجها حتى الساعة من هذا الحراك القائم في مختلف المناطق اللبنانية، هي انه يجب ألّا يستخفّ المرء بأية حالة ولو تجلّت أحياناً على جانب من الاعتباطية أو العفوية.

المحرّك الفعلي الفاعل لكل إصلاح وتغيير حقيقيين في أية أمة، يكون على عاتق رجالات أنعم عليهم بمواهب طبيعية، أضافوا إليها مزايا اكتسابية، جعلتهم يفوقون أهل عصرهم في مزاولة أعمالهم. فازدانوا من البدن بأفواه واكمله، ومن النفس بأبهاها، ومن الشعور بأدقّه وأرقّه، ومن العقل بأمضاه وأثقبه، ومن الإرادة بأحكمها وأحزمها.

فكانوا ولا يزالون في كل عصر «آية الله في خلقه». وذلك بإحاطتهم علماً بأغوص الأمور وأبعدها غوراً، مما عجزت العامة عن بلوغه، فتمكنوا من نقل الإلفة من حال سيئ إلى حال صالح، ومن حال حسن إلى حال أحسن. فجاراهم في ذلك السبيل قومهم، وانقادوا إليهم عن رضى وارتياح، لما توسّموا فيهم من الكفاية لتحقيق ما كانوا هم يدركونه إدراكاً ناقصاً ومبهماً، ويسعون في اقتنائه بإرادة واهنة.

في بلادنا يجسّد معظم مسؤولينا حالة الوهن هذه عن جهل أو تجاهل أو تجهيل، بعيداً عن كل مخططات أو رؤى مستقبلية، وبالتنسيق المؤسف مع نفوذ خارجي.

مسؤولو الأمة الحقيقيون، والقادة العظيمي النفوذ في الإلفة والثقة وأسباب الازدهار الذين ينتظرهم شعبنا في رغبة لاهبة، لا يكونون متحكّمين تحكّم المسيطرين المستبدّين الذين كثيراً ما يسيرون بل يلهثون وراء الخارج... وقى الله عباده شرّ أمثال هؤلاء الطغاة، وأكثر للأوطان من الخَدَمة آمنهم، ومن الزعماء أقدرَهم وأنشطهم، ومن النوابع أذكاهم وأدهاهم، ومن الأبطال أشجعهم وأبسلهم.

وبعدّ، ان القائد النزيه الحكيم الغيور على مصلحة أُمته، والهادف إلى تحقيق آمال شعبه، هو ذلك القائد، الذي يسعى بنفسه إلى شعبه، ويختلط به، ويُصغي إليه بوعي واهتمام، ليطّلع على ما طلبه، وليدرس ما يُبسَط أمامه من مقترحات ضرورية بنّاءة.



أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه