بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 تشرين الأول 2019 12:00ص إن نفعت الذكرى

حجم الخط
في عهد عبد الكريم قاسم تم تعيين ابن خالته العقيد فاضل عباس المهداوي رئيساً للمحكمة العسكرية العليا لحكومة الثورة «محكمة الشعب»، وقد عرفها الناس باسم «محكمة المهداوي» وجرى تشكيلها لمحاكمة رجالات العهد الملكي وما يسمى بأعداء الثورة من مدنيين وعسكريين، ثم أحيلت عليها قضايا أخرى نظراً لتطور الأحداث السياسية. 

وقد صال المهداوي وجال في المحاكمات التي كانت تبث حيّة عبر الإذاعة والتلفزيون، وتميّز بصوته الجهوري وقدرته على محاورة الخصم وجذب انتباه الجميع من خلال تعليقاته وتلميحاته، وكان معروفاً بلسانه السليط واستعماله المتواصل لشواهد مناسبة من الشعر العربي والأمثال الشعبية واستشهاداته المليئة بالإهانات والكلام البذيء.

جعل المهداوي المحكمة وسيلة لتسلية الجمهور وإضحاكه، ولم تخلُ الجلسات من خروق قانونية وتعسف بحق المتهمين وإخلال بهيبة العدالة، إضافة الى الاعتداء بالتعليقات من قبل رئيس محكمة يفترض فيه الحياد وهو يحاكم متهماً لم تتم أدانته بعد. وأدى هذا الأمر الى انتهاك قيمة ومكانة المحكمة من خلال الهتافات السياسية التي صاحبت الجلسات ولم تجد رادعاً أو مانعاً لها حيث تحولت الجماهير قضاة يرسلون المتهمين بالجملة إلى العالم الآخر على وقع القصائد الشعبية التي تُلقى في قاعة المحكمة وتهجو المتهمين وتنتهي بعبارة المهداوي المفضلة «أحسنت صفقوا له»، ثم يضرب بالمطرقة على الطاولة، ويشير الى المتهم قائلاً:«إعدام» ... وتغرق الجماهير بالنشوة!

وأخيراً وفي انقلاب 8 شباط 1963، تمّت محاكمة عبد الكريم قاسم والمهداوي في دار الإذاعة حيث أعدما معاً.

فذكـِّر إن نفعت الذكرى!

 * كاتب وباحث.