مع ارتفاع منسوب التفاؤل بتسوية باتت قريبة في ملف الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، فإن المعلومات الواردة من نيويورك تشير إلى أن الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي، لمس ارتياحاً في محادثاته العربية والدولية التي عقدها، وتحديداً الأميركية والفرنسية، في ما يتعلق بترسيم الحدود البحرية، وكذلك ما يتصل بالاستحقاق الرئاسي، لناحية التأكيد الخارجي على إجرائه في موعده، في وقت يتوقع في الساعات المقبلة عودة الرئيس ميقاتي إلى بيروت، لإنجاز الترتيبات المتصلة بتشكيل الحكومة، بعد قرار «حزب الله» الإفراج عنها. وقد استرعى الاهتمام الداخلي، الحراك اللافت للسفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري على القيادات السياسية، ربطاً بالانتخابات الرئاسية التي تفرض نفسها، حدثاً أساسياً على الساحة الداخلية، وما له من تأثيرات إقليمية ودولية، عبر عنها عدد من المسؤولين العرب والأجانب الذين التقاهم الرئيس ميقاتي في نيويورك، والذين أجمعوا على ضرورة إجراء هذا الاستحقاق في موعده.
ولا يغرب عن بال أحد أن حراك السفير بخاري، إنما يأتي انسجاماً مع قرار خليجي بتأمين أوسع دعم، يكفل نجاحه في الوصول إلى مسعاه، توازياً بمؤازرة فرنسية أميركية، حرصاً من جانب أشقاء لبنان وأصدقائه، على إنجاز هذا الاستحقاق في موعده، وبما يضمن انتخاب رئيس، قبل نهاية العهد الحالي. لأن هناك خشية خارجية على الاستقرار في لبنان، إذا حصل شغور على مستوى الرئاسة الأولى.
وأشارت المعلومات، إلى أن المملكة العربية السعودية والدول الخليجية، لا تدخل في لعبة الأسماء، وإنما يهمها بالدرجة الأولى تأمين مصلحة الشعب اللبناني، بوجود رئيس صنع في لبنان، لا ينضوي تحت أي محور، داخلي أو خارجي. وهي تتصرف على هذا الأساس، انطلاقاً من إيمانها العميق بالمحافظة على اتفاق الطائف وعدم المساس به. وهذا ما يؤكد عليه سفير خادم الحرمين الشريفين في جميع لقاءاته.
وفيما تنشط الاتصالات لتأمين أوسع مشاركة نيابية سنية في اجتماع «دار الفتوى» في الرابع والعشرين من الجاري، أشارت المعلومات إلى أن للسفير بخاري دوراً أساسياً في التحضير لهذا الاجتماع، من خلال اللقاءات التي يقوم بها مع مرجعيات الطائفة السنية ومع نوابها، في إطار حرص بلاده على تفعيل الحضور السني في التوازنات الوطنية المقبلة، ومن أجل أن يكون لسنة لبنان، دور أساسي في تسمية رئيس الجمهورية العتيد، بعد الغياب القسري عن الساحة السياسية، بعد تعليق رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري مشاركته في الحياة السياسية.
وفي الوقت الذي يحضر السفير السعودي، لاستكمال جولاته على القيادات السياسية والروحية، فإنه يقوم بجهود كبيرة من أجل أن يكون لبلاده دور أساسي في إنجاح اجتماع «دار الفتوى» للنواب السّنة، برعاية مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، والذي يعول عليه من أجل توحيد موقف الطائفة السنية السياسي، وبدعم مباشر من السفير بخاري الذي سيستقبل هؤلاء النواب، قبل اجتماع الدار المقرر في الرابع والعشرين من الجاري.
ووفقاً للمعلومات، فإن المملكة العربية السعودية، تؤكد على ضرورة عودة الحضور السني إلى المعادلة السياسية الداخلية، في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها البلد، كي لا يبقى لبنان ساحة للمحور الإيراني السوري الذي يحاول وضع اليد مجدداً على لبنان، بالسعي للمجيء برئيس جمهورية مطواع، ينفذ له أجندته السياسية والعسكرية. وهذا أمر لا يمكن للدول الخليجية أن تقبل به، بعدما حرق عهد الرئيس ميشال عون كل المراكب بينها وبين لبنان. وبالتالي لا بد من أن يستعاد الحضور العربي في لبنان، من خلال رئيس يعيد إصلاح العلاقات بين بلاده والعالم العربي.
الجهود الدبلوماسية العربية والدولية تهدف إلى إخراج لبنان من الحضن الإيراني إلى موقعه الطبيعي
وتشدد مصادر دبلوماسية، أن «كل الجهود المبذولة عربياً ودولياً، تركز على إخراج لبنان من الأحضان الإيرانية، والعمل بكل الوسائل من أجل إعادته إلى محيطه العربي، باعتبار أن مصلحة شعبه، أن يكون هذا البلد في كنف أشقائه، سعياً من أجل تأمين أوسع دعم سياسي ومالي له، لإخراجه من هذا المأزق. لأن أحداً لا يمكن مساعدة لبنان، إلا المال العربي والخليجي، وبدعم المؤسسات المالية الدولية.