بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 أيلول 2022 12:00ص استهداف الطائف نحر للوطن اللبناني (2/2)

حجم الخط
اتفاق الطائف وما أدراك ما الطائف الذي جاء نوره لنصرة الخير على الشر، ونصرة وحدة الوطن على التقسيم والانقسام، ووحدة الشعب على العنصريات الطائفية والمذهبية والعشائرية والمناطقية، ونصرة الوطنية اللبنانية على التبعية، والعروبة الحضارية التي جسّدتها الدول العربية اخوة عربية خالصة ودعما بالجيوش (قوات الردع العربية) وبالمال الوفير للبناء والاعمار بدون تفرقة أو تمييز على حسابات عنصرية طائفية ومذهبية لا تبغي إلا السيطرة ومدّ النفوذ والهيمنة والأضرار بأمة العرب التي وصفها الله تعالى بخير أمة أخرجت للناس، ومن أرضها المباركة كان مولد أنبياء الله ورسله ومبعث الرسالات السماوية الخالدة، وهي أمة الدعوة لإخراج أمم كبيرة وصغيرة من عبادة الأوثان والنار والشعوذات إلى عبادة الله رب السماء والأرض.
وبتاريخ 23 تشرين الأول 1989 وبعد سلسلة اجتماعات للنواب اللبنانيين باستضافتهم بمدينة الطائف بالمملكة العربية السعودية أقرّوا كل بنود الوثيقة التي حملت اسم وثيقة الوفاق الوطني اللبناني وجرى التصديق عليها بمنطقة القليعات بلبنان الشمالي بتاريخ 5 تشرين الثاني أي بعد اسبوعين من إقرارها، ولقد كان أمام لقاء النواب أولا وقف الحرب والصراعات الداخلية وإحباط وإفشال المشاريع التقسيمية الخارجية والتصدي للاحتلال الإسرائيلي، والتركيز على الإصلاح السياسي، والاهتمام بالجانب الدستوري، والاجتماعي، والقومي، لقد أسكت الطائف المدافع والإقلاع عن لغة السلاح, وحلّ المليشيات وانتخاب رئيس جمهورية، وتأليف حكومة مركزية ولقد حسم اتفاق الطائف بصورة حاسمة مسألة هوية لبنان وهي الحالة الخلافية والأكثر إثارة للجدل وهو بلد عربي الهوية والانتماء، وان لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، وأن طوائفه المعترف بها هي من المكونات الأساسية للنظام، وانه لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وتشكيل هيئة وطنية لإلغاء الطائفية وعزز من صلاحيات مجلس الوزراء مجتمعا كهيئة حكم جماعية تتولى صلاحيات تنفيذية، وقضى الاتفاق بتحقيق توازن عادل بين صلاحيات رئيس الجمهورية ومسؤولياته وبين صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الذي بات مجتمعا بكل وزرائه ركيزة السلطة التنفيذية، ونصت الوثيقة على إنشاء مجلس أعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء على مجلس دستوري كما نصت على إنشاء مجلس شيوخ تتمثل فيه الطوائف المعترف بها رسميا وقضايا أخرى مهمة.
وان لبنان نظام جمهوري ديمقراطي برلماني قائم على العدالة والمساواة والحريات العامة ومبدأ الفصل بين السلطات ورفض التجزئة والتوطين وتعزيز صلاحيات المجلس النيابي لجهة انتخابات رئيسه وحل قضية المهجرين بإعادة كل مهجر إلى مكانه، وإنشاء مجلس اقتصادي اجتماعي, واعتماد المناصفة بالتمثيل النيابي وبالوظائف العليا الأولى واعتماد الكفاءة. ومن شديد الأسف أن هذا الاتفاق لم تنفذ كل بنوده فأهملته الحكومات المتعاقبة، وهناك عمليات التفاف عليه وتجاوزه لمطالب وغايات سلطوية وعنصرية، وعادت أصوات تجاهر بعدائها للطائف ممن سبق لها وحاولت منع الوصول لأي حل لحروبها ومنع أي إصلاح حقيقي وعيش أمن وأمان بين جميع اللبنانيين ومن أبرز البنود التي لم تنفذ:
- عدم انتخاب مجلس الشيوخ - عدم انتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي - عدم إلغاء الطائفية السياسية وتشكيل الهيئة الوطنية لتنفيذها - اللامركزية الإدارية - الانماء المتوازن - اعتماد المحافظة دائرة انتخابية واحدة إلى التربية والتعليم وكتاب تاريخي موحّد، وتنظيم التربية والتعليم والإعلام، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وبات الطائف وثيقة على صورة ميثاق وطني متقدم جرى تكريس مبادئها دستوريا وهذا ما تم إنجازه في21 أيلول1990.
وبعد كل هذه المذاكرة والجهود المضنية التي بذلتها الدول العربية الشقيقة والعدد المشكور من ملوكها ورؤساء دولها ومن الأمراء للتوصل الى حلول ناجعة للشقيق الجمهورية اللبنانية وما كلفت حربه الأهلية لبنان واللبنانيين من تضحيات كبيرة بالأرواح والممتلكات والخراب والدمار والتهجير والهجرة هل يعقل أن تترك الأمور لمقامرين بالأوطان أو مغامرين ينحرفون بالبلاد نحو الدمار من جديد أما لمصالحهم الشخصية أو الحزبية أو لعنصريات طائفية ومذهبية وتبعية وارتباطات خارجية؟! لقد آن الأوان أن يتخلّى الحاقدون عن أحقادهم ويتركوا الوطن الجميل ومواطنيه الكرام أن يعيدوا بناء وطنهم من جديد بعد أن اسقطوا كل مقوماته ونهبوا كل ثرواته وأصبح طبقا للتقارير العالمية أن لبنان بات البلد الثاني الأسوأ عالميا بعد أن كان يوصف بأحلى وأجمل بلدان العالم.
ان اتفاق الطائف وحسبما أعلنت اللجنة الثلاثية العربية بأن الاتفاق الذي توصل إليه النواب اللبنانيون يؤكد أن الحل الوحيد للأزمة اللبنانية هو النابع من صميم الشرعية اللبنانية وان قضية السلام وإحياء المؤسسات الدستورية للحفاظ على وحدة لبنان وسيادته واستقلاله هو الطريق الوحيد لتحقيق ذلك الحل وانه شكّل ويشكّل إطارا عادلا ومتوازنا يحقق التطلعات اللبنانية في السيادة والاستقلال والوحدة والمساواة، وقد أنجز تحرير لبنان من العدو الإسرائيلي وأعوانه والأنظار تتطلّع إلى استكمال التحرير لأراضي العرقوب ومزارع شبعا وتحرير كل شبر محتل أو معتدى عليه في البر والبحر.