بيروت - لبنان

اخر الأخبار

22 كانون الأول 2020 12:04ص الإسلام هو العدل والمساواة والحرية ومَنْ خرج على ذلك فهو كافرً

حجم الخط
هل جاء وقت مناقشة: هل الأخلاق أهم من الدين؟ وما هي علاقة الدين بالأخلاق؟ وهل يمكن للإنسان أنْ يحقّق أخلاقه عن طريق الضمير بدل الإيمان؟ 

هذه الأسئلة تطرح نفسها بعد المجازر التي تُرتكب في العالم بإسم الدين والدفاع عن الدين! 

كان غاندي يقول بأنّه كانت له آراء جامحة ضد الدين يوماً من الأيام، ثم تعلّم أنّ حياته تصبح عبئاً عليه وحده إذا لم يرفع الدين بعض اثقالها عنه! 

المشكلة الآن، وقد بدأ الذبح بإسم الدين، المشكلة هي نفس المشكلة القديمة: إنّ قوة الإنسان سبقت يقظة ضميره، ونمو عضلاته جاء قبل نمو تفكيره!

في هذه الأيام الصعبة التي تمر بها الإنسانية، تُطرح اسئلة تقضّ المضاجع: هل التاريخ الإنساني هو حكاية فرص ضائعة، فرص كانت سانحة لصنع السلام بمعناه الأوسع والأشمل، ولكن سلطان العقل تخلى عنها ونوازع السيطرة استولت عليها، وكانت النتيجة ان اصبح التاريخ الإنساني صراعات طويلة ومستمرة، دامية ومنهكة. وظهرت الطبيعة البشرية صراع بقاء للأقوى وللأقدر! 

إنّ الأعاصير جرفت دور رعاية الفكر. ذهب الأمير وتبعثرت بورجوازية ملاّكي الأرض، ولم تتمكن المؤسسة، ولا استطاعت الجامعة، وانتقل الزحام الى ايدٍ لا تعرف ولا تريد فكراً او فناً. ولقد وجد الناس - خاصتهم  وعامتهم - انفسهم، في حال غريب ضاعت فيه المسؤولية الإجتماعية والانسانية، ولم يبق الا المطلب الفردي (ممثلاً في الغنى الشخصي)، وحين اصبح كل ونفسه، وكل واحد في مقابل الآخر (لغياب الضمان الاجتماعي)، وجد الفكر نفسه وحيداً امام الرياح الهوجاء وعليه تدبير امره. 

وتاهت حقائق، وضاعت رؤى، وانكسرت اعلام: من الشيشاني الذي ذبح استاذ التاريخ في باريس، الى الداعشي الذي قتل ثلاثة مصلين في الكنيسة في مدينة «نيس»، الى الداعشيين الذين انقضّوا بإطلاق النار وقتلوا اربع نمساويين من المارّة، الى... الى... الى كل ما يدل على ان هناك مؤامرة دولية تُعدّها دول لإشعال حرب اسلامية مسيحية. 

هنا يأتي دور الجواب على سؤال: هل الأخلاق اهم من الدين؟ إن كثيرين عندهم اخلاق وضمير وهم ملحدون، فالإنسان يمكن ان يحقق اخلاقه عن طريق الضمير بدل الإيمان! 

إنّ الدين ليس غاية في حد ذاته، انما هو وسيلة لتعليمنا الفضيلة، فالله تعالى لا يحتاج الى صلاتنا وصيامنا، نحن نصلي ونصوم من اجل تربية انفسنا. الإسلام ليس مجرد شكل وعبادات كما يظن السلفيون، ولا هو وسيلة للإستيلاء على السلطة كما يعتقد الإخوان المسلمون واردوغان. ان لم يجعلنا الإسلام اكثر انسانية فلا فائدة منه ولا منا. الدين تمرين على فعل الخير، وما قيمة اداء الشعائر اذا لم تنعكس على اخلاقنا. 

الإسلام يجب فهمه باعتباره مبادئ انسانية عامة: العدل والمساواة والحرية والكرامة. الشريعة الإسلامية يجب ان تحقق العدل، لأن الشريعة إلهية والفقه جهد انساني، يجب ان يكون الفقه تقدُّميّاً يساير العصر. فالإسلام سمح بشراء الجواري للمتعة، فهل نتصوّر عرض بنات المسلمين للبيع في الساحات مثلاً، كما فعلت داعش؟ وبإسم الدين وبإسم الشريعة!

في القرن الواحد والعشرين هذا غير جائز وغير مقبول أن تقطع يد أي انسان او نجلده او نرجمه!

عقوبات «التعزيز» هذه، كانت مفيدة من ألف سنة، لكن الآن لا يمكن تطبيقها، وبيع الجواري لا يمكن تطبيقه. ولا يصحّ أخذ جزء وترك جزء، بل لا بدّ من التطوير والتغيير الشامل ومسايرة العصر.

فكل ما هو خارج عن العدل والحق والحرية وكرامة الإنسان، خارج عن الإسلام، يجب ان تنتهي مسرحية «الأذن والعين»، فنحن نسمع شيئاً ونرى أشياء أخرى تناقضه.

إنّ الحقيقة المرّة والمؤلمة، أفضل الف مرة من الأكذوبة المريحة.

أن نسمع عما يجري في باريس والنمسا ونيس وغيرها.. ونرى بيان الأزهر والموقف المصري والسعودي النبيلين! ولكن آن الأوان أن نرى ونسمع نفس الشيء..

حان موعد ثورة ثقافية فكرية أخلاقية إسلامية، تعيد الإسلام الى الإسلام، فيكون الدين وسيلة لتعليمنا الفضيلة. ثورة تؤكد أن الله لا يحتاج الى صلاتنا. نحن نصلّي ونصوم من أجل تربية أنفسنا. 

الإسلام ليس مجرد عبادات كما يدّعي السلفيون، ولا هو وسيلة للإستيلاء على السلطة كما يفعل الإخوان المسلمون واردوغان.

الإسلام هو العدل والمساواة والحرية وكرامة الإنسان، وكل ما ينافي ذلك ليس من الإسلام، بل هو الكفر بعينه.