هذا المقال نُشر في جريدة «اللواء» بتاريخ 15-9-2015، وبتاريخ 19-4-2017، وأعيد نشره لربما وعسى، وفي الوقت ذاته ألفت إلى أن دولاً عدّة تدّعي حماية حقوق الإنسان والشواذ واختلاق الأعذار والتبريرات لتخفيف الأحكام عن الجرائم، ومع ذلك لا تزال تُطبّق أحكام الإعدام، بينما هناك في لبنان من يستنكره ويطالب باستمرار وقف تنفيذ أحكامه، علماً أن الآية {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (البقرة - 179)، واضحة ومنصوص عليها في القرآن الكريم الذي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} (فصلت - 42).
وهذا نصّ المقال، دون أي تعديل:
عرفت المجتمعات عقوبة الإعدام منذ فجر التاريخ، ولبنان بلد يعتمد هذه العقوبة، والجرائم المُعاقب عليها بالإعدام هي القتل عمداً، محاولة القتل، التعامل مع العدو، الإرهاب والجرائم الواقعة على أمن الدولة، وإثارة الفتن والحروب الأهلية. وقد حصل وقفٌ غير رسمي لتنفيذ أحكام الإعدام من عام 1984 لغاية 1993، واستؤنف التنفيذ بعدها في عام 1998، وكان تاريخ آخر تنفيذ للإعدام هو في العام 2004 حيث انتهجت الحكومات اللبنانية المتعاقبة منحىً يرمي إلى عدم تنفيـذ الأحكام التي تلحظ عقوبة الإعدام.
ونتيجة لحراك مدني طالب بإلغاء عقوبة الإعدام، تبنّت وزارة العدل في العام ٢٠٠٨ اقتراح قانون لإلغاء عقوبة الإعدام تقدّم به عشرة نواب، لكن غياب التوافق السياسي أدّى إلى دفن المشروع في أدراج اللجان النيابية.
ومؤخراً أصبحنا نشهد موجة جرائم عارمة تكاد تقع يومياً يقوم بها أيضاً غير اللبنانيين، كما أن أنواع الجرائم تجاوزت ما كان معروفاً في لبنان وهي جرائم السرقة والشرف والثأر والخلاف في الرأي، فحصل العديد من جرائم الإرهاب وعمليات التفجير والجرائم العائلية (وخصوصاً قتل الزوجات) وجرائم الإغتصاب، وجرائم عاملات المنازل، والخلاف على أحقية مواقف السيارات وأفضلية المرور، وبسبب نظرة أو تعليق استفزازي... وحتى بسبب كوب «نسكافيه»! إضافة إلى جرائم تقشعرّ لها الأبدان وتبعد كل البُعد عن تقاليد ومفاهيم مجتمعنا!
الروح رخيصة جداّ في بلد لا قيمة للإنسان فيه، ولا أحد يعبأ بالأنظمة والقوانين من المواطنين ومن المقيمين من غير اللبنانيين على حدّ سواء، ولا أحد يتحرك لتنفيذ القوانين بصرامة، وفي الحالات التي تنفّذ فيها يكون ذلك لسبب عجائبي وبطريقة استنسابية!
نُطالب بشدّة بالعودة فوراً إلى تنفيذ عقوبة الإعدام (حبذا لو يتم تنفيذه على الملأ وفي موقع الجريمة) وخاصة بسبب ارتفاع موجة الإجرام بشكل مُلفت وبوتيرة لا سابق لها، والإنتشار الواسع والمُقلق للأسلحة بين الناس، وتدخًّل بعض المتنفذين بشكل سافر لتغطية الجرائم والمُجرمين. ونرى أن الإعدام هو أقوى رادع وعبرة لمن اعتبر، وهو الحلّ الآني السريع والناجع والحاسم لحالة التفلّت الأمني في البلد.. وكل تدبير سريع عداه هو مُجرّد تنظير و«طقّ حنك»!