بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 حزيران 2020 12:02ص الإعصار المحتمل

حجم الخط
لقد بات الشعار الأميركي الذي يحلِّق في سماء لبنان وسوريا، «ما لم تظفر به في الحرب العسكرية أكسبه بالحرب الاقتصادية والعقوبات». لقد حذر المبعوث الأممي غير بيدرسون بتاريخ 17 حزيران 2020 من حدوث مجاعة جراء فرض قانون قيصر على سوريا، حيث يعاني تسعة ملايين وثلاثماية ألف مواطن سوري من انعدام الأمن الغذائي، وفي الاجتماع عينه أبلغت السفيرة الأميركية لدى الامم المتحدة كيلي كرافت مجلس الأمن إلى أن القانون المذكور يهدف فقط إلى منع نظام الرئيس بشار الأسد من تحقيق انتصار عسكري كي يقبل بدخول العملية السياسية وحرمانه من العائدات ومن الدعم، فيما أكد سفير روسيا في الأمم المتحدة أن الغرض من تطبيق مندرجات قانون قيصر هو الاطاحة بالسلطات الشرعية في سوريا، ويقول الخبير في الشؤون الجيوسياسية رياض عيد لوكالة سبوتنيك الروسية، أن قانون قيصر يستهدف الضغط على الحكومة السورية لطرد ايران وحزب الله من أراضيها.

تجدر الاشارة إلى أن صحيفة «الغارديان» البريطانية نشرت تقريراً بتاريخ 12 حزيران 2020 قالت فيه أن قانون قيصر قد يدمر الاقتصاد السوري المنهك، فاستراتيجية أميركا هذه قد تزيد من مشاكل البلاد والمنطقة بشكل عام، وأشارت في تقريرها إلى خسارة العملة السورية 70 % من قيمتها فيما يعاني أكثر من نصف السكان نقصاً في المواد الغذائية، لكن الصحيفة أوضحت أن الحد من نشاطات ايران يعتبر الهم الرئيسي لصقور ادارة ترامب قبيل أشهر من الانتخابات الأميركية الرئاسية. 

من جهته قال جوليان بارنزديس مدير برامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس الاوروبي للعلاقات الخارجية أن الموقف الاميركي قائم الآن على سياسة لعبة الامم وضرورة منع روسيا      وايران من الفوز في الحرب، أما موقع فرانس 24 فقد قال بتاريخ 17 حزيران 2020 بأن ادوارد ديهينرت وهو من وحدة «ذي ايكونوميس للبحوث والمعلومات» أفاد بانه من الممكن التأكيد بأن قطاعات العقارات والاعمار والطاقة والبنى التحتية ستتأثر بشكل خاص، ويرى ديهينرت بأن قانون قيصر يعد ظاهرياً المحاولة الاخيرة في جهود واشنطن لفرض تسوية سياسية والاطاحة بالرئيس بشار الأسد، لكن ذلك لن يحدث في وقت قريب لأن النظام حالياً يحظى بدعم روسي وايراني ويسيطر على أكثر من 70 % من مساحة البلاد، ويختم ديهينرت قائلاً بأن واشنطن ستنجح عبر قانون قيصر باتخاذ خطوات عقابية كافية لمنع غالبية تدفقات الاستثمارات الخارجية، وعملياً من دون استثمارات ودعم خارجي ستعاني دمشق كثيراً لاطلاق اعادة الاعمار. 

لكن السؤال المطروح كيف سيكون الرد الروسي الايراني السوري على قانون قيصر الذي سيجلب المزيد من الفقر والجوع للشعبين اللبناني والسوري ؟ 

ومن هنا أحيل إلى ما نقلته وكالة تاس الروسية عما سمي بليلة الرسائل الساخنة بتاريخ 19 حزيران 2020 ومفادها أن عقوبات قيصر على  سوريا وخطة ضم أراضٍ واسعة من الضفة الغربية إلى تل أبيب المزمع البدء تنفيذها الشهر القادم أي تموز سيكون لها تداعيات خطيرة جداً على اسرائيل نفسها، لذا دعا السفير الروسي في تل أبيب اسرائيل إلى تجنب أي استفزاز جوي جديد ضد سوريا لأن قانون قيصر وصلت درجة عقوباته على سوريا وحزب الله في لبنان إلى الحد الاقصى وخصوصاً أننا على مقربة من بدء تنفيذ حكومتكم والكلام للسفير الروسي لضم أجزاء واسعة من الضفة ، ويضيف السفير قائلاً ان خطة اسرائيل تلك ستواجه بانتفاضة فلسطينية من العيار الثقيل لا تشبه سابقاتها وأن المحور الداعم للفصائل الفلسطينية أي ايران وسوريا وحزب الله لن يقفوا مكتوفي الأيدي متفرجين عند اندلاع الانتفاضة المرتقبة، خصوصاً أن خطة اسرائيل بالقضم اضافة إلى قانون قيصر يهدفان إلى تكبيل أيادي سوريا و حزب الله في لبنان واشغالهما بأزمات داخلية معيشية خانقة تمنعهما من مدّ يد دعم الانتفاضة الفلسطينية لحظة اندلاع المواجهات رداً على عملية الضم، فضلاً عن أن المطلوب احداث شرخ كبير بين فئات الشعب السوري والرئيس بشار الأسد . 

ويهدف المشهد المتفلت إلى قلب الطاولة على سلاح حزب الله، لكن موقف السيد نصر الله قد أتى حاسماً عندما قال لن نجوع ولن نترك السلاح، وبموقفه هذا فتح مرحلة جديدة باسم محور المقاومة جعلها تنتقل من الدفاع إلى الهجوم، كما أن معلومات نقلت عن شخصية أمنية لبنانية وصفت بالهامة والمصدر دوماً «وكالة تاس»، بأن سوريا وحلفاءها قرروا الرد على حرب التجويع الجديدة بعاصفة صاروخية متزامنة من سوريا وغزة وجنوب لبنان لحظة البدء بقضم أجزاء شاسعة من الضفة الغربية، وهذا ما حذر منه أيضاً تشاك فرايليك النائب السابق لمستشار الامن القومي الاسرائيلي عندما قال أن قرار الضم سيفضي حتماً إلى اندلاع حرب مع اسرائيل على الجبهات الثلاث مجتمعة.

وأشار مرجع دبلوماسي في بيروت إلى أن حلفاء سوريا بدأوا بالالتفاف على قانون قيصر، فضلاً عن أن موسكو وبكين وطهران بتن أشبه بخليات نحل لادارة المواجهة الجديدة إلى جانب دمشق، إلا أن أهم ما ألمح اليه المرجع المذكور يفيد بأن الأسابيع المقبلة ستكون حافلة بالتطورات المفاجئة والمتلاحقة في المنطقة تتوج بانجاز استراتيجي غير مسبوق لسوريا وحزب الله يكون بمنزلة الهدف الذهبي لصالح سوريا ولبنان ويشكل مفاجئة محور المقاومة في الحرب الاقتصادية الجديدة.