بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 تشرين الثاني 2019 12:03ص الاستعصاء اللبناني يعاكس حوارات الإقليم لكن الحل قد يكمن في خرم الإبرة!

محادثات غير مباشرة إيرانية - عربية - أميركية ترمي إلى خفض معدلات التوتر في المنطقة

حجم الخط

من الجائز توقع انفراج لبناني جزئي بانتظار الانتهاء من رسم الحلول الإقليمية الكاملة


لا تعكس الأزمة المستفحلة لبنانيا ما يجري تلمّسه من ملامح انفراج إقليمي ودولي في العلاقة بين محوريّ الإقليم، وإمتدادهما الشرقي والغربي. فالمؤشرات اللبنانية، خلافا للحوارات الكواليسية القائمة في الإقليم، تنطوي على إستعصاء حكومي، وعلى مزيد من الإستنفار السياسي والعصائبي والمذهبي مرشح الى التمدد حتى الخطوط الحمر، حال تعثّر محاولات إحتوائه القائمة على قدم وساق. فيما يساهم بعض القوى السياسية، عمدا أو قسرا أو صاغرا، في تزكية الإستعصاء وتعقيد الحلول، تنفيذا لدفتر شروط واضح المعالم، خارجي الهوى والتأثير، جلّه يرمي الى تثبيت لبنان ورقة على مائدة المفاوضات الدولية، لن يُفرج عنها إلا مع تحقيق الغرض من الحوارات الحاصلة عبر القناتين السويسرية (تبادل الرهائن بين إيران والولايات المتحدة) والعُمانية (خفض معدلات التوتر العربي – الإيراني). 

أ- في المعطيات الديبلوماسية أن سويسرا تقود حوارا غير مباشر بين إيران والولايات المتحدة يتناول بشكل أساسي حلول تؤدي الى تبادل الرهائن والسجناء، علما ان في رأس القائمة الإيرانية العالم مسعود سليماني الذي اعتقل في شيكاغو عام 2018 للاشتباه في محاولته تصدير مواد بيولوجية إلى إيران، فيما للولايات المتحدة قائمة طويلة من السجناء لإطلاق سراحهم في أي مبادلة. ويعوَّل على نجاح المفاوضات للتأسيس لتعاشق Engagement أميركي - إيراني أوسع.

ب - وفي المعطيات الديبلوماسية أيضا أن سلطنة عُمان عبّدت تواصلا سعوديا وإماراتيا غير مباشر مع إيران - لا يزال في منزلة من الخفر - يرمي الى خفض التوتر في المنطقة بعدما جرى التيقّن العربي – الخليجي من موقف أميركي مائع في الصراع القائم، الأمر الذي أنتج بدءا محادثات سرية بين المملكة العربية السعودية والحوثيين برعاية عُمانية للوصول الى تفاهم يؤدي الى إنهاء الحرب في اليمن. 

ولا تخفى الزيارات القائمة الى السلطنة المؤسسِّة لاستمرار الحوار بالوكالة، وأبرزها الزيارتان المنفصلتان لكل من مستشار الأمن الوطني في دولة الإمارات طحنون بن زايد آل نهيان نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان. 

وتصرّ الرياض على أن تلتزم طهران بلا مواربة بأنها ستوقف نهائيا تصدير ثورتها وتحترم سيادة الدول العربية، كمقدمة لأي حوار مباشر. وهي قد أبلغت القيادة الإيرانية بهذا الشرط اللازم في رسالة مباشرة الى المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي. لكنها على ما يظهر، لم تتلقَ بعد التطمينات المطلوبة.

واللافت في سياق الديبلوماسية الطائرة، ما كشفته «وول ستريت جورنال» عن زيارة أولى من نوعها لوزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني للسعودية في تشرين الأول فيما وُصف بالرحلة غير المعلنة، حيث إلتقى المسؤولين السعوديين الكبار، لإنهاء الخلاف مع كل من الرياض وأبوظبي. 

وذكرت الصحيفة الأميركية ان الوزير القطري قدّم عرضًا قوامه إستعداد بلاده لقطع علاقاتها مع جماعة «الإخوان المسلمين» في مبادرة تهدف إلى تلبية مطلب سعودي - إماراتي بشكل أساسي، طرح قبيل قطع العلاقات بين الدوحة من جهة والرياض وأبو ظبي والمنامة من جهة أخرى. وتضمنت مطالب الدول الخليجية دعوة إلى قطر إلى التوقف عن تمويل الإرهاب، وإغلاق شبكة الجزيرة الفضائية، وقطع العلاقة مع إيران وأيضا مع «الإخوان». وذكرت الصحيفة أن السعودية تدرس الاقتراح القطري. 

وسبقت الزيارة القطرية جولات ديبلوماسية مكثفة، توسطت الكويت في الكثير منها، وأعقبتها هذا الأسبوع زيارة وزير خارجية سلطنة عُمان يوسف بن علوي إلى الولايات المتحدة الأميركية.

تأسيسا على هذا المشهد، قد يكون جائزا توقّع إنفراج لبناني جزئي يشكل الى حدّ ما إنعكاسا مرآتيا للحوارات الإقليمية والدولية. وربما على المسؤولين التسلل من هذه الزاوية الحوارية الضيّقة، من خرم الإبرة، لتحقيق خروق تؤدي الى بعض الحلحلة في إنتظار الانتهاء من رسم الحلول الإقليمية الكاملة.