قلت لصديقي ... لا يُعجبني حالك، أرى هبوطاً مطرداً في معنوياتك!
نظر إلي الصديق بنظرة ملتاعة، وتنهد عميقاً وقال: منذ عدت إلى بيروت بعد غياب طويل وانا أعاني بسبب بحثي عن الـ«بَسّ».
لم أفهم ما يرمي إليه صديقي، وفضحتني نظراتي الحائرة، فهزّ رأسه وعلامات الإرهاق والكآبة بادية واضحة على محيّاه.
قال: لست وحدك في حيرة إذ يُشاركك حيرتك عائلتي والأصدقاء وزملاء العمل.
باختصار، يُمكن للبعض أن يقول ان المدينة الفلانيّة صاخبة ومزدحمة إنما سهراتها ممتعة، ويُمكن لآخر أن يقول عن مدينة أخرى أن مناخها وأحاسيس مواطنيها باردة لكنها شديدة التنظيم وخالية من الفوضى والتلوث، وقد يُشير ثالث إلى مدينة حالها بائس لكن فرص العمل فيها متوفرة بكثرة والحوافز الماليّة مرتفعة.
سكت صديقي وتفرّس في وجهي ملياً ثم قال ... إنني أعيش في بيروت حيث الازدحام والحُفر والفوضى، والفساد والغلاء والتلوث، والطائفية والعشائرية والأنانية... كل هذا مُجتمعاً في مدينة... إنما بدون «بَسّ»!
تلعثم صديقي ثم سكت.
وتابع القول بعد فترة صمت طويلة خلتها دهراً: وماذا عنك أنت؟ هل وجدتَ سبباً يستحقُ من أجله أن يعيش الإنسان في بيروت؟!
فاجئني السؤال ... وما أن تمكّنت بعد حين من أن اتمالك أنفاسي حتى أجبته بصوت مُختنق: أجل ... ليس هناك من مدينة «سيرك مفتوح» على مدى الساعة كبيروت!!