بيروت - لبنان

اخر الأخبار

23 تموز 2022 12:00ص البلديات.. ست انتخابات ومشروع تحويلها إلى إدارات محلية قيد الانتظار

79 عاماً من الاستقلال.. عشرة قوانين انتخابية والوعد بقانون أكثر تمثيلاً مستمر

حجم الخط
على مدى 79 عاما من عمر الاستقلال، بقي وعد الحكومة الاستقلالية الأولى منذ العام 1943 بإصلاح وتطوير وتحديث قانون الانتخاب، والإدارات المحلية والعامة حبرا على ورق ومجرد وعد ليس إلّا، حتى انه لم يجرِ حسب وعد الحكومة الاستقلالية الأولى إحصاء لعدد السكان، إذ أن الدول تجري إحصاءات دورية لعدد السكان عادة كل 3 سنوات أو 5 سنوات أو أكثر، لكن لبنان​ هو إستثناء عن هذه ​القاعدة​ الأساسية والمهمة في أية دولة، إذ أن أول وآخر إحصاءات للسكان اللبنانيين كان في العام 1932 ووصل عددهم آنئذ إلى 1,046,164 نسمة، ولأسباب طائفية ربما لأسباب أخرى منها الفشل والعجز​، لم يجرِ أي إحصاء للسكان، وأصبح عدد اللبنانيين لغزاً من الألغاز اللبنانية.
أما بشأن قانون الانتخاب فقد عرف لبنان بين 1943 و2022 عشرة قوانين انتخابية، لم يعكس أي منها صحة التمثيل الشعبي، حتى ان العهدين الاستقلاليين الأوليين، قدّما أسوأ انتخابات عرفها لبنان، ففي العهد الاستقلالي الأول كانت انتخابات 25 أيار 1947 التي ذاع صيتها الواسع في التزوير وتعطيل إرادة الناخبين، علما ان الانتخابات في دورتي 1943 و1947 كان تقوم على أساس خمس دوائر انتخابية وفق المحافظات الخمس التاريخية وعلى مرحلتين بحيث يفوز في المرحلة الأولى من يحصل على أكثر من نصف المقترعين، ويتنافس في الدورة الثانية من حصل على أكبر قدر من المقترعين في الدورة الأولى (أي نظام البالوتاج)، وفي انتخابات 1951 تم تعديل قانون الانتخاب الذي قسّمت فيه محافظة جبل لبنان الى ثلاث دوائر انتخابية، وكذلك الحال مع محافظة لبنان الشمالي، كما تم رفع عدد النواب في هذه الدورة الى 77 نائبا بدلا من 55 نائبا.
أما في العهد الاستقلالي الثاني (عهد كميل شمعون 1952-1958)، فقد خفض في قانون 1953 عدد النواب من 77 نائبا الى 44 نائبا، بحجة رفع مستوى التمثيل الشعبي، واعتمد الدائرة الفردية المصغّرة التي بلغ عددها 33 دائرة، وبهذا ضعف الولاء الوطني واستفاقت الغرائز والمصالح الطائفية والعائلية، وقد اعتبر هذا القانون أول خطوة في عملية التفكك السياسي والوطني على مستوى التمثيل الشعبي في لبنان.
وفي الانتخابات النيابية التي جرت في السابع من آب 1957 حاول الرئيس شمعون في ظل التطورات التي كان يمرّ بها لبنان والمنطقة، وفي ظل المعارضة المتنامية لعهده أن يجمّل بعض الشيء من قانونه الانتخابي، فرفع عدد النواب من 44 نائبا الى 66 نائبا وأجرى تعديلات على الدوائر الانتخابية، التي جعله 27 دائرة انتخابية. وقد تميّزت هذه الانتخابات بتزوير وضغوطات واسعة، ولم يفز من أقطاب المعارضة سوى الرئيسين صبري حمادة في بعلبك - الهرمل، ورشيد كرامي في طرابلس وحميد فرنجية في زغرتا، ومعروف سعد في صيدا، فيما سقط صائب سلام، أحمد الأسعد، كمال جنبلاط، عبدالله اليافي وغيرهم.
وفي العهد الاستقلالي الثالث، أي في عهد الرئيس فؤاد شهاب، تخلّى عن الدائرة الفردية التي اعتمدها شمعون والتي أدّت الى إثارة النعرات الطائفية، لكنه لم يرجع الى الدائرة الكبرى نظرا لمعارضة الأحزاب لها، فاختار الدائرة الوسطى على أساس القضاء، فلم يؤثر هذا القانون على التقليدية إلا قليلا، ولكنه حافظ على مبدأ تعددية الطوائف في انتخاب النائب، كما أدخلت بعض الإصلاحات على عمليات الاقتراع مثل الاقتراع السري والغرفة العازلة وغيرها.. وهكذا استمر هذا القانون في عهدي الرئيسين شارل حلو (1964-1970) وسليمان فرنجية (1970-1976) حيث كانت آخر انتخابات أجريت على هذا القانون عام 1972. ليندلع بعدها لهيب الحرب الأهلية اللعينة في 13 نيسان 1975. ويستمر لبنان بلا انتخابات نيابية حتى 1992، كان خلالها يتم التمديد للمجلس النيابي.
انتخابات ما بعد الطائف
بعد اتفاق الطائف كانت أول انتخابات أجريت عام 1992 وفق قانون جديد اعتمدت فيه المحافظات في دوائر (بيروت، لبنان الجنوبي، ولبنان الشمالي) وأقضية في دوائر أخرى في جبل لبنان وفي البقاع وفق تقسيم قانون 1960.
وبعدها كان ست دورات انتخابية اعتمدت فيها قوانين مختلفة كان آخرها القانون في حزيران 2017، حيث وافقت القوى السياسية اللبنانية على قانون انتخاب جديد يقوم على النظام النسبي، وجرت بموجبه الانتخابات في السادس من أيار 2018، ثم انتخابات 2022. لكن في الحقيقة أن هذا القانون نسبي بين قوى السلطة أو بين الأكثريات، لأنه يعتمد الحاصل الانتخابي الذي يقوم علي تقسيم عدد المقترعين في كل دائرة على عدد نوابها، وليس وفق حد أدنى من نسبة التمثيل كما في كل الدول التي تعتمد التمثيل النسبي، كمثل تحديد خمسة بالمئة أو عشرة بالمئة، علما ان هناك دولا تعتمد نسبة 2 أو 3 بالمئة لتمثيل اللائحة.
الانتخابات البلدية والاختيارية
هذا الحال على مستوى الانتخابات النيابية، أما على مستوى الانتخابات البلدية والاختيارية فان لبنان في مرحلة الاستقلال، لم تنظم الانتخابات البلدية إلا في العام 1952 الذي تميّز بانضمام النساء إلى المجالس البلدية، بعدما تم تعيين ثلاث نساء في المجلس البلدي لبيروت، هن: ابتهاج قدورة، لور ثابت وإيلين ريحان، علماً أن النساء لم يحصلن على حقهن بالتصويت والترشح للانتخابات إلا في العام 1953. على أن عدم تطور العملية الانتخابية نفسها، رغم صدور قانون البلديات رقم 63 في العام 1963، رافقه تطوّر في توظيفها أو استغلالها. إذ شكّلت البلديات ركيزة أساسية وقاعدة شعبية للانخراط في العمل السياسي ومؤسسات الدولة، وتأكيداً على النفوذ الشعبي للزعامات السياسية الساعية للوصول إلى النيابة أو الوزارة.
ومنح القانون البلدي الجديد آنئذ صلاحيات أوسع للبلديات وصارت تُعدّ شخصية معنوية تتمتع بـ«الاستقلال المالي والإداري». ومن الصلاحيات الجديدة تخطيط البلدة وإنشاء الشوارع والساحات العامة، الشؤون الصحية وشؤون النظافة العامة، مشاريع المياه والإنارة، تنظيم وسائل النقل، إدارة أموال البلدية والإشراف عليها، وضع موازنة سنوية، وحصولها على مساعدة في المشاريع التي تتعلق بالمدارس الرسمية والمهنية والمستشفيات والمتاحف والمكتبات ودور السينما والأسواق العمومية وغيرها. وقد وصل عدد البلديات، في العام 1966 إلى 607 بلدية.
على أن التطور التدريجي للممارسة الانتخابية، المترافق مع الزيادة في عدد البلديات، لم يستمر، بعد تعليقها لمدة 35 سنة، لتجري في العام 1998 انتخابات بلدية واختيارية واسعة في كل لبنان. وهكذا كانت أيضا انتخابات بلدية واختيارية في أعوام: 2004 و2010 و2016.