بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 كانون الثاني 2023 12:00ص التلكؤ الرئاسي: رئاستا المجلس والحكومة في مرمى المسيحيين!

الثنائي يبحث عن مخرج قسري.. و«الحزب» مُلتزم عدم تنصيب رئيس بخلاف رغبة «التيار»

حجم الخط
لم يحدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الى الآن، جلسة انتخاب جديدة للأسبوع المقبل، وهو قد لا يفعل ربطا بالإستقصاء الحاصل والإنشطار النيابي داخل البرلمان، وتمدد الأزمة السياسية الى القضاء حيث لرئيس المجلس حصة وازنة في الصراع مع المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.
استبدل بري جلسة انتخاب الرئيس منتصف هذا الأسبوع بجلسة للجان النيابية المشتركة أول من أمس الخميس، وسط استياء من الخطوة.
ثمة مَنْ ربط هذا الأمر بالضغط الذي يتعرض له رئيس البرلمان الذي كان هدفا لتصويب الكثير من القوى، وخصوصا المسيحية منها، فيما أزعجه من دون أدنى شك اعتصام النواب في حرم المجلس، وهو خطوة اعتراضية غير مسبوقة لم تنزل بردا وسلاما عليه.
وكان لافتا أن أياً من المعنيين لم يكن يتوقع خطوة بري تعليق الجلسات الرئاسية الى حين، فيما الإدارة المجلسية بكل أجنحتها وقفت عاجزة عن تبرير ما حصل، إما لعدم علمها بما كان يخبّئ رئيس المجلس، وإما لغياب أي قدرة لديها على مناقشته في قراره.
ولعلّ أقسى ما ينزل ببري هو موقف الكنيسة المارونية المتدحرج، وقد بات ينطوي على ما يفوق الغضب من العقم النيابي الحاصل في مسألة انتخاب رئيس للجمهورية.
ومن المرتقب أن تبقى مقامات البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ونسقه على حالها من التصعيد، مع توقع صليات عنيفة من الإنتقاد والشجب اعتراضا على إيغال المجلس النيابي في التلكؤ والمناورة، وبعدما ثبت له تباعا أن هناك من يسعى بدلا من واجب انتخاب الرئيس الى التطبيع مع الفراغ الرئاسي وتطويع المؤسسات وجعل رئاسة الحكومة الحاكم - الواجهة، بذريعة الالتفات الى حاجات الناس ومصالحهم.
ويظهر أن الراعي كشف بنفسه وبالعين المجرّدة النيات المبيّتة لدى القوى التي تطبّع مع الفراغ الرئاسي، بعدما كان يفترض لدى هؤلاء حسن النية. وليس أبلغ من موقف الاساقفة الموارنة الحاد من أداء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي تعرّض للتقريع القاسي والمباشر في بيانهم الشهري. ولن يستطيع بالتأكيد أن يتجاوز الموقف الكنسي غير المسبوق تجاهه وتجاه موقع رئاسة الحكومة، حتى لو بادر، كما يدأب اخيرا، الى استجلاب الغطاء الطائفي، وصولا الى اتهام مقربين منه الكنيسة بـ«تغذية الانقسامات السياسية والطائفية»، على حد زعم هؤلاء.
وكان لافتا في الأيام الأخيرة ان الراعي ما عاد يميّز بين حزب الله وحركة أمل في أدائهما في مسألة انتخاب الرئيس. إذ سأل الوفدَ المشترك للقاء سيدة الجبل و«المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان» الذي زاره قبل يومين، عن موقف رئيس مجلس النواب من مسار الاستحقاق الرئاسي، فقيل له إنّه مساير لحزب الله، فعلّق قائلاً: «إذاً نحن تحت سيطرة سياسية وعسكرية معاً». وبذلك أراد البطريرك القول بوضوح إن الثنائي متكامل سياسيا (أمل) وعسكريا (حزب الله) في تعطيل انتخاب الرئيس، وربما في إنتاج رئاسة فاقدة الإحتضان المسيحي.
لا ريب أن هذه الحشرة التي يواجهها الثنائي دفعته الى البحث عن مخارج قسرية لإنتخاب الرئيس، منها التلويح بإمكان الإستغناء عن الغطاء المسيحي الوازن (كتلتا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، والاكتفاء بأكثرية نيابية بسيطة في الدورة الثانية، هي فعليا عبارة عن 65 نائبا يطغى عليهم حكماً اللون المسلم، مع تلوينة مسيحية طفيفة لزوم الشكل لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.

حزب الله ليس مستعداً بعد للخروج من ترشيح فرنجية والبحث عن أسماء توافقية

الى الآن، يقول الحزب إنه لن يمشي برئيس يخالف، على الأقل، إرادة التيار الوطني الحر، حتى لو اضطرّه الأمر إلى تأخير ترئيس سليمان فرنجية. لكن هذا الإلتزام يعني في مكان ما، أنه ليس مستعدا بعد الى الخروج من الترشيح الأوحد الى رحاب البحث عن أسماء توافقية تؤّمن له من جهة ظهرانية المقاومة، وتتيح من جهة أخرى إنتاج رئيس قادر على تنفيذ برنامج إصلاح سياسي واقتصادي واسع، هو فعليا ورشة إنقاذية غير مسبوقة في التاريخ اللبناني الحديث.
والى حين أن يقرر الحزب الولوج الى رحاب التوافق على غير فرنجية، ستبقى رئاسة الجمهورية شاغرة، وستزيد تباعا الهواجس المسيحية من مساعي قضم الجمهورية وتفريغ مواطن قوّتها ومقوماتها الكيانية والوجودية.