بيروت - لبنان

اخر الأخبار

12 تشرين الثاني 2022 12:00ص الجزائر تستحضر فكرة مؤتمر حواري يخرج بسلّة حلول .. وباريس لم تجد سبيلاً بعد .. الاستحقاق الرئاسي أسير الانسداد الداخلي والتغافل الخارجي

حجم الخط
تتباطأ المشاورات المحلية في الملف الرئاسي مع تسليم مختلف الأفرقاء بغياب القدرة على التوصل الى إتفاق أو توافق على اسم الرئيس العتيد، نتيجة التعقيدات السياسية وتشتّت موازين القوى في مجلس النواب غير القادر على الحسم أو حتى المبادرة، ما خلا جلسات استعراض القوة والمراوحة.
ويتجلّى القصور الحواريّ في أكثر من إتجاه ومستوى، مع تسجيل سابقة الذعر الذي تظهر عليه قوى سياسية من مجرّد التلفّظ بكلمة حوار. فالقوات اللبنانية، على سبيل المثال، تعارض أي حوار مسيحي ترعاه بكركي بذريعة أن المبادرة في هذا السياق تستهدف تعويم التيار الوطني الحر، فيما لم يخرج حزب الله بعد من دائرة المراوحة في الدعم غير المعلن لترشيح زعيم تيار المردة سليمان فرنجية، مع علمه المسبق بصعوبة توفير نصاب انتخابه نتيجة معارضة التيار الوطني الحر من جهة ورفض الإسم عربيا وحتى خارجيا. أما رئيس مجلس النواب نبيه بري فسبق أن رمى في التداول مبادرة الثنائي فرنجية – نواف سلام، على أساس رئيس للجمهورية من قوى 8 آذار ورئيس للحكومة من قوى 14 آذار، علّ ذلك يرضي الخارج القريب والبعيد. لكن المتداول أن مبادرة بري إصطدمت بالرفض الخارجي لأي تطبيع سياسي مع حزب الله.
ولا يخفى أن هذا الخارج يأخذ على فرنجية إرتباطه الوثيق بالحزب وبالقيادة السورية، إلى جانب النظر إليه على أنه يشكّل إمتدادا لماضٍ سحيق وجزءا من المنظومة السياسية – المالية التي أنهكت لبنان وأوصلته الى الإنهيار البنيوي والإصطدام الكبير. ولا يجد الخارج ضمانة في أن يمتنع فرنجية، حال تبوئه الرئاسة، عن ضخّ دماء جديدة في شرايين المنظومة، كركن من أركان الـEstablishment  اللبناني المكروه والمبغوض دوليا، والمطلوب تفكيكه كعنصر رئيس في الترياق اللبناني.
في أي حال، يظهر الخارج غافلا نسبيا عن الإنخراط في حلول لبنانية، مكتفيا بالدعوات الملحّة إلى إنهاء حال الفراغ الرئاسي والانتقال الى تثبيت ثنائية جديدة في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وهي دعوات، على إلحاحها، لا تسمن ولا تغني من جوع بالنظر الى أن عوامل الضغط الفعلية لا تزال غائبة، ربما بانتظار صفقة ما أو تسوية كبرى، أميركية – إيرانية على سبيل المثال، يكون لبنان جزءا منها.
فرنسا وحدها هي أكثر المهتمين في ترتيب الوضع اللبناني. لكن اهتمامها الوجدانيّ والعمليّ على حد سواء لم يجد بعد السبيل إلى تكريسه حلا مستداما يبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية واختيار رئيس للحكومة قادرين على الفصل تماما بين المنظومة والمستقبل المرتجى.
هي سعت الى إقناع المملكة العربية السعودية بالانخراط في مسعى إختيار الرئيس العتيد على قاعدة أي رئيس يبقى أفضل من الفراغ، الأمر الذي لم تتقبّله الرياض الرافضة تماما لأي تطبيع مع حزب الله تعتقد أنه سيتيح له الحفاظ على المستوى نفسه من السطوة والتأثير في العهد المقبل.
عربيا، تنأى الرياض عن أي تسمية علنية، وتتمسّك بالعناوين الرئاسية العريضة كالتشدّد في المواصفات العامة (سياديّ، غير متورط في فساد مالي أو سياسيا، يعيد توثيق العلاقة مع العرب...)، فيما تتحرّك القاهرة بخفر مع تسجيل لقاءات واجتماعات تشاورية بعيدا من الصخب الإعلامي.
وكان لافتا في هذا السياق أن القيادة الجزائرية تداولت مع الرياض والقاهرة في فكرة استضافتها مؤتمرا حواريا، بصفتها رئيسة للقمة العربية في دورتها الحالية، يجمع القيادات اللبنانية للخروج بسلة حلول متكاملة تنهي الفراغ القائم وتقي لبنان مشقّات ما هو آتٍ في حال استمر الاستعصاء. لكن هذه الفكرة لم تتحوّل بعد إلى خطيطة قابلة للتحقق، ربما ربطا بمستتبعات إقليمية ستنتج أو ترافق أي حل لبناني لا تبدو العواصم العربية المعنية راغبة بها راهنا أو متقبّلة لها.