جمهورية منهارة، حكامها خُرس منافقون كذبة دجّالون يستميتون في سبيل إعلاء مصالح الغريب على حساب مصلحة شعب لبنان ومؤسساته الشرعية. إننا نعيش أسوأ أيامنا، شبابنا يُهاجرون، أطفالنا محرمون من لقمة العيش، مرضانا محرمون من الطبابة، أهلنا يموتون على الطرقات التي هندسوها بأوراق الشر والنعي، تاريخنا أصبح أضحوكة بين أيدي لعبة الأمم. إدارات الجمهورية منهارة والمسألة تتفاقم ومعقّدة ولا أحد من هؤلاء «الزعران» يملك جواباً واحداً على تساؤلاتنا. نعم «زعران» وهل هذا التوصيف يليق؟ أدبياً لا ولكن ليس بالإمكان إنكار الحقيقة الساطعة... إنّ من يُمارس هذه الشنيعة السياسية لحقٌ أنْ يُنعتْ بذاك النعت.
جمهورية محتّلة سيادتها منتهكة أجهزتها الأمنية بخبر كان، لا موازنات، عسكر يجوع، مواقع مهملة، عتاد «شحادة» طائرات من أيام الحرب الهتلرية، ماذا بعد... عن أي سيادة تتكلّمون؟ ألا تخجلون من هذا الواقع المُر الذي وضعتمونا فيه؟ عن أي سيادة تتكلمون والحدود سائبة والدويلات منتشرة وسيادتها تامة بينما سيادة الجمهورية منتهكة لا بل منكوحة... أيّها الحُكام الصوريّون إنّ السيادة مبدأ مكوّن للدولة وملازم لوجودها وهذا مبدأ يحدده علم السياسة. هل تعلمون أنّ أغلب البعثات الدبلوماسية التي نلتقي بها دورياً هنا في فرنسا والتي يلتقي بها مكتبنا في بيروت تؤكد وتكّرر على مسامعنا «إنّ لبنان ليس دولة حقيقية وهو بلا سيادة على أراضيه، وأنتم جمهورية قابلة للتجزئة...» نعم نحن في دولة منتقصة السيادة والأمر فيه دلالات على خطورة ما يحصل، فاعلموا أنّ لا شيء يقوم مقام الدولة... فلا أحزابكم ولا سلاحكم، ولا انتخاباتكم بإمكانها أن تُعوّض مبدأ السيادة، واعلموا أنكم السبب في ما نحن وصلنا إليه.
زارني كالعادة أحد الدبلوماسيين الأجانب التابع للاتحاد الأوروبي وتناقشنا في أمور جمهوريتنا المترنّحة، وأفضنا في درس وتحليل واقع جمهوريتنا المأزومة. بادر الدبلوماسي الصديق لطرح سؤال عليّ من ضمن النقاش الدائر طارحاً سؤاله على الشكل التالي: «أستاذ، بالرغم من أنّ إتفاق الطائف لحظ جلاء القوات الإسرائيلية إنطلاقاً من تطبيق القرار 425، وبالرغم من القرار 1559 الذي ألزم الجيش السوري بالخروج من لبنان في العام 2005، لا تزالون في دولة معطّلة في تكوينها وسيادتها ألم تفكّروا في الأسباب التي جعلتْ دولتكم في هذا الاتجاه الإنحداري؟» أجبته بصراحتي المعتادة: أولاً سعادة السفير في لبنان لا يوجد رجال سياسة بل سماسرة كذبة وتجار بشر، حيث لا همّ لديهم سوى الجلوس على كراسي المسؤولية وسرقة أموال الناس وتضليل القسم الأكبر منهم والمؤسف أنّ شعبنا يفتقر إلى التثقيف السياسي وبالتالي نحن في هذه الحالة المأساوية. ثانياً إنّ السبب الرئيسي في ضرب السيادة الوطنية هو في عدم تسليح القوات الشرعية اللبنانية وفقاً للأصول لكي تتمكن من القيام بمهامها الأمنية على طول الحدود اللبنانية، وهذه المهمة من المفترض دستورياً أن تقوم بها الحكومة ومجلس النواب ولكن لغاية اليوم لم نلحظ هذا الأمر وهذه مخالفة دستورية ومخالفة للنظام الداخلي لمجلس النواب. ثالثاً بقاء منظومة السلاح المخالفة لمندرجات إتفاقية الطائف وهذه منظومة تحتل لبنان بكامل أجهزتها الأمنية - السياسية - المالية - الإجتماعية والمؤسف أنها محمية من سياسيين يتقاسمون وإياها مغانم الجمهورية. لهذه السباب نعم نحن في دولة معطّلة في تكوينها وللأسف...
تقاسمت الحديث مع سعادة السفير لنخلص إلى مبدأ أساسي يمكن الركون إليه إذا صدقت النوايا الحسنة ألا وهو التدويل Internationalization، وعلمياً وفق العلوم السياسية أن يوضع ملف معين بين يدي الأمم المتحدة لحل معضلة عجز الكل عن إيجاد المخارج لها... والمطلوب وفق وجهة نظرنا ي نصل إلى الغاية المرجوّة حركة سياسية - دبلوماسية - إعلامية، ندعو من خلالها المجتمع الدولي للتحرك بإجاه حـــل للمعضلة اللبنانية التي تتفاقم يوماً عن يوم... إنني أطالب بإسمي وبإسم مكتبنا في بيروت صاحب الغبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وسائر الأساقفة مؤازرتنا في طلبنا هذا لأنّ الجمهورية اللبنانية في وضع حرج والوضع بات يتطلب مخرجاً دولياً، فهلمّوا أيّها السادة لنشبك أيدينا لنصرة هذا الحــل الإنقاذي.
* سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، المودّة