برغم أنها لم تتعد الأيام الثلاثة، إلا أنها
كانت معركة قاسية في قطاع غزة خاضتها "حركة الجهاد الإسلامي" لوحدها
تقريباً مطلقة مئات الصواريخ، نحو 1000، في اتجاه غلاف غزة والمستوطنات وتل أبيب.
من الواضح بالنسبة الى الحركة أن الإسرائيلي
حاول استفرادها ومن ثم القضاء عليها في وقت مستقطع في المنطقة، وتبين أن ذلك لا
يتعدى سوى التقدير الخاطىء.
يشدد قياديو الحركة ومن بينهم مسؤولها في لبنان
إحسان عطايا، على تحقيق إنجاز مهم في المعركة: أولا لقد حشرنا الإسرائيلي ومعه
طبعا الأميركي الذي كان يقود الضغط من أجل التفاوض ووقف إطلاق الصواريخ منذ
اللحظات الأولى، وكان أول اتصال على هذا الصعيد من قبل نائب مبعوث الامم المتحدة
لعملية السلام في الشرق الاوسط ينقل استعداد العدو لدرس مطالب "الجهاد"
منذ إطلاق أولى الصواريخ.
ويؤكد ان الحركة كانت غير جاهزة للرد على أي
وساطة في البداية، علما ان هدفها لم يكن بلوغ اي صيد ثمين في معركة غير متكافئة
عسكرياً فالحركة لا تملك صواريخ دقيقة، "بل هدفنا كان خوض معركة استنزاف للعدو،
وتلقينه درساً قاسياً، وتعريته وتهشيم صورته امام كل العالم، ودفعه الى حال العجز
عبر تلقي الضربات ومسارعته للاستنجاد بالوسطاء وإطلاق صرخته لوقف اطلاق النار".
والحال انه كان من المفيد عدم مشاركة حركة
"حماس" في المعركة فبدت "الجهاد" قادرة على خوض معركة لثلاثة
ايام متواصلة، وجاهزة أن تستمر اكثر، وظهرت قادرة على خوض وادارة المعركة عسكريا
وسياسيا على رغم استشهاد قائدين كبيرين ميدانيين لها، "وحصلنا على تضامن كبير
حولنا على مستوى الشعب الفلسطيني وعلى مستوى الشعب العربي والاسلامي وعالمياً في
الاطار الرسمي وغير الرسمي".
ماذا عن قدرة الردع لدى الحركة؟
يستعيد عطايا شريط الأحداث منذ استنفار الحركة
لاعتقال الشيخ بسام السعدي: لقد بقي الإسرائيلي اربعة ايام على "نُص
رِجِل" خشية ردنا وقد شللنا حركتهم في المستوطنات وغلاف غزة واضطروا الى نشر
القبة الصاروخية قبل اطلاقنا لصاروخ واحد، ولجأوا الى الاستنفارات الكبيرة واقفال
مناطق.
يتابع: بقي الحال هكذا اسبوعاً كاملاً بين
استنفار ومعركة. وبدا الاسرائيلي مربكا ومأزوماً فذهب الى معركة كسر عظم هارباً الى
الامام باغتيال الشهيد تيسير الجعبري. كانت تقديراته خاطئة، واعتقدوا أنها فرصة ليكسروا
قوة الحركة وينهوا وجودها، خاصة أنها لم تذهب الى معركة عسكرية يوم مسيرة الاعلام
في رمضان الماضي نزولا عند رغبة "حماس" وبسبب ضغوط دول عديدة على غزة،
ولرغبتنا بعدم المزايدة على بعضنا البعض في موضوع القدس الذي يعني كل الفلسطينيين،
فظن الاسرائيلي ان "الجهاد" لن تتجرأ على خوض معركة منفردة.
كان هذا الرأي الإسرائيلي منسقاً مع الادارة
الاميركية في ظل ترتيب الرئيس جو بايدن لخطة في المنطقة كلها، بينها لمشروع كبير
لفلسطين بدا في وثيقة "إعلان القدس" ويهدف الى تصفية القضية الفلسطينية،
وتهويد القدس وفلسطين، وتوطين اللاجئين، وشطب حق العودة، إضافة إلى تطبيق مشروع "السلام
الاقتصادي" وهدنة طويلة الأمد في غزة، وبتنا نحن الفصيل الوحيد الذي يعيق هذا
المشروع بتقديرهم.
ويشير الى أنه خلال المفاوضات رفعت الحركة السقف
لتطالب ليس فقط بالسعدي، بل بالأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، ما أشعر الإسرائيلي
بالرغبة بالضغط والاستفراد بنا، وهو بذلك أراد الهروب الى الأمام أيضا من مشكلة
داخلية تواجهه.
ولكن ماذا لم لم يتم تسليم السعدي؟
"ستُسأنف المعركة حتماً"، بحسب
"الجهاد"، إذا نكثت الحكومة الاسرائيلية بعهدها الذي جاء بناء على
تعهدات الأمم المتحدة والمصريين، "فالصواريخ لدينا ونستطيع العودة وهذا يعلمه
الوسطاء والعدو".
ولكن هل نحن أمام أفق حرب في المنطقة بناء على
ما حصل؟
يستبعد عطايا ذلك مشيراً الى ان "الاسرائيليين
والأميركيين اليوم لا يريدون معركة عسكرية، وهم معنيون بالتهدئة واستخراج الغاز،
ولا يتحملون إطلاق الصواريخ على كيان العدو".