25 شباط 2021 12:10ص الحروب المقبلة ستكون حول المياه

حجم الخط
ما زالت نيران الصراعات الإقليمية والعربية - العربية مستعرة بشدة. صحيح أن وجود الذهب الأسود قد لعب دوراً هاماً وما زال في استمرار اندلاعها، لكن ما هو متواجد في الوقت عينه والذي من الممكن أن يطيل أمد الصراع ويؤجج لهيبه هو موضوع المياه إذ ان أقدم الانهار العربية تواجه حالياً مصيراً مجهولاً من دول الجوار كأثيوبيا وتركيا فضلاً عن أن مياه لبنان والأردن وفلسطين ما زالت تتعرض للسرقة العلنية من دولة الكيان الصهيوني، وتجزم مصر بالقول بأنها متأكدة أن حل الأزمة تقف خلفه أطراف أخرى تخطط للاستفادة من مياه النيل وعلى رأسها اسرائيل. 
أما مشروع تعطيش الدول العربية فقد بزغ فجره يوم تشييد سدود ضخمة في تركيا على منابع نهر الفرات أدى إلى انخفاض حصة العراق وسوريا المائية إلى أقل من النصف بكثير وذلك يخالف بوضوح نصوص الاتفاقات الدولية. 
إن الرأي العام العالمي يستمر بغض الطرف عن سرقة كميات ضخمة من مياه اليرموك ونهر الأردن ونهر الليطاني في لبنان وجرها إلى الداخل الإسرائيلي. ومن المعلوم أن أول رئيس وزراء لاسرائيل دايفيد بن غوريون قال عام 1955 بأن الحروب القادمة ستكون حروب على المياه، لذا فإن الحلف بين اسرائيل وتركيا وأثيوبيا يصب في خانة جعل الأزمة المائية تتفاقم في الدول العربية ولم يخطئ الكاتب الأميركي توماس ستوفر عندما أكد ضمن أعمال الندوة الدولية عام 1984 بأن المياه العربية التي استولت عليها اسرائيل عقب انتهاء حرب عام 1967 تعتبر غنائم حرب علماً أنه أيضاً وأيضاً وفي مؤتمر المياه والبيئة الذي عقد في مدينة دابلن عام 1992، عمدت الوفود المشاركة حينها إلى التحذير من أن الدول العربية ستكون الاكثر تعرضاً لخطر النزاعات والصراعات حول المياه، وقال الوفد الاميركي آنذاك بأن المياه سوف تستخدم كأدوات وأهداف للحرب. 
وبتاريخ 29 تموز 2018 حذر تقرير نشر في صحيفة «نيوزويك» من أن البنادق والأسلحة المتطورة عندما تختفي أصواتها في سوريا والعراق، ستبصر التوترات الجديدة النور فوراً، وهي توترات ستتحول إلى منازعات بين سوريا والعراق من جهة وتركيا من جهة أخرى جراء مشكلة المياه. 
وبالمناسبة فإن مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك هو من ابتكر فكرة مشروع جنوب شرق الاناضول الداعية إلى بناء 22 سداً و19 محطة لتوليد الطاقة وهو مشروع سينجح على الأرجح في أن يحد من تدفق المياه نحو سوريا بنسبة 40% ومن تدفقها إلى العراق بنسبة 80%، والرئيس التركي الحالي أردوغان يسعى إلى تعزيز استكمال مشروع أتاتورك وهذا يشكل قنبلة موقوتة يمكن ان تفجر حرباً ضروساً بين المستفيد والمتضرر. 
ويذكر بأن تقريراً كان قد صدر عن الامم المتحدة عام 2011 يؤكد بأن 47% من سكان بعض الدول العربية سيحيون في مناطق خاضعة للاجهاد المائي عام 2030، وستنبثق عن ندرة المياه في بعض المناطق القاحلة آثار سلبية كالهجرة ومن المتوقع أن ينجح ما بين 24 و700 مليون نسمة جراء ذلك. 
وفي شباط 2020 قال تقرير أميركي أنه بعد العام 2022 سيكون استخدام المياه كأحد أسلحة الحرب خصوصاً في جنوب آسيا والشرق الاوسط وشمال أفريقيا. وأضاف التقرير قائلاً على سبيل المثال فإن النزاع ما زال مستمراً على مياه نهري الحاصباني والوزاني بين اسرائيل ولبنان، وعلى شط العرب بين طهران وبغداد رغم الاتفاقات التي كانت قد أبرمت بينهما في عامي 1937 و1979، كما لا يمكننا أنكار الصراع الرباعي بين مصر والسودان والتشاد والنيجر حول خزان الحجر الرملي النوبي، والذي يحتوي على أضخم مخزون للمياه الجوفية الأحفوري في العالم. 
أما موقع GLOBAL VILLAGE SPICE فقد نشر بتاريخ 10 آب 2020 تقريراً يوضح فيه أن شح المياه الصالحة للشرب يهدد بظهور موجة جديدة من الصراعات العالمية التي ستسعى من خلالها دول العالم إلى احتلال خزانات المياه، ويضيف التقرير وبما أن الماء يمثل عاملاً هاماً وحاجة ماسة وملحة للحفاظ على الوجود البشري، وندرته ان استمرت تعرض الجنس البشري للخطر، فإن الصراع عليه سيرغم قوى عالمية على خوض غمار معارك وحروب طاحنة لأنه يمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة للانسان، ووفقاً لبعض الخبراء سيحل الذهب الازرق في القرن الحادي والعشرين ضيفاً ثقيلاً وخطيراً على قسم من أنحاء المستديرة لأنه سيتحول إلى مادة تناحر وتقاتل بين قوى إقليمية وعالمية إن بقي الصراع مستمراً على الذهب الأسود أو في حال انتهى.