بيروت - لبنان

اخر الأخبار

29 تشرين الأول 2020 06:07ص «8 آذار» مرتاب من هذه الخطوة لأنها تضرب دوره وتقلص نفوذه

حجم الخط
إذا صدقت النوايا ولم تظهر شياطين التفاصيل في اللحظات الأخيرة، فإنه يرجح تصاعد الدخان الأبيض آخر الأسبوع وإعلان تشكيلة الحكومة الجديدة، بعد التفاهمات التي حصلت بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري، والتي قطعت شوطاً كبيراً على صعيد التوافق على التشكيلة العتيدة، على أن يتم الدخول بتفاصيل توزيع الحقائب وإسقاط الأسماء عليها في الساعات المقبلة إذا سارت الأمور وفق ما هو مرسوم لها.

وإذا كانت عملية تأليف الحكومة قد أثارت انتقادات، من حيث كونها لا تختلف عن سابقاتها، فإنه من الطبيعي وفق مصادر سياسية، كما تقول لـ«اللواء»، «انتظار الإعلان رسمياً عن الحكومة، على أن تتقدم ببرنامجها الوزاري إلى مجلس النواب لنيل الثقة على أساسه، تمهيداً للبدء بعملها حيث تنتظرها استحقاقات داهمة تتطلب منها جهوداً استثنائية. لكن ما جرى حتى الآن يظهر أن الأمور تحصل على قاعدة توزيع موازين القوى، من حيث توزيع الحقائب الوزارية، الأمر الذي يجعل الحكومة الجديدة أمام تحديات كبيرة تستوجب تعاملاً غير عادي مع هذه الاستحقاقات التي لا تنتظر التأخير مطلقاً»، مشددة على أن «تحدي الإصلاح سيشكل أهم استحقاق يجب أن تتعامل معه هذه الحكومة، ومن خلال خطة عمل جديدة تختلف اختلافاً جذرياً عن خطة الحكومة المستقيلة التي تثار أسئلة عديدة عن عدم قدرتها على تحقيق الإصلاح المرجو. وبالتالي لماذا فشلت الحكومات السابقة، وهل بمقدور الحكومة الحالية تحقيق الإصلاح ؟».

في خلفيات نداء البطريرك الراعي المشكلة مالية وليست طائفية ومذهبية

وتشدد المصادر، على أن «نجاح الحكومة في عملية الإصلاح مرتبط بمدى ما ستقدمه القوى السياسية لإنجاز هذا الأمر، وهل أن مكونات الحكومة مستعدة لتأمين الظروف الملائمة التي تسمح للرئيس الحريري وحكومته، بتنفيذ الإصلاحات المطلوبة التي يشترطها المجتمع الدولي لإخراج لبنان من المأزق؟ إذ لا يمكن تقديم أي نوع من المساعدات دون إصلاحات. ويعلم الجميع أن لبنان لا يستطيع أن ينقذ نفسه من أزمته الكبرى دون مساعدات خارجية»، لافتة رداً عن سؤال حول مصير المبادرة الفرنسية، إلى أن «كل طرف يفسر هذه المبادرة على طريقته بشكل مختلف عن الطرف الآخر»، لكنها تؤكد أن «الأساس يبقى رهن إرادة القوى السياسية إذا ما كانت تريد إنقاذ لبنان أم لا. وإذا ما كانت الحكومة الجديدة جادة في إنقاذ برنامج إصلاحي، وهذا سيوفر لها دعماً شعبياً ويرفع من رصيدها لدى الرأي العام. لكن إذا فشل الإصلاح فإن لا مساعدات وسيصبح الوضع أكثر صعوبة على مختلف الأصعدة».

وترى المصادر، أنه «وعلى أهمية وجود الرئيس الحريري على رأس الحكومة الجديدة، وبالنظر إلى علاقاته العربية والدولية، فإن الأمور مرتبطة بمدى قدرة أي حكومة على تحقيق ما هو مطلوب منها، وتحديداً في ما يتصل بالإصلاحات التي تشكل مدخلاً لأي مساعدات عربية أو دولية، باعتبار أن الأنظار ستتجه إلى مدى استجابة القوى الممثلة في الحكومة، لشروط الدول المانحة الإصلاحية، وهل يمكن أن تآزر الرئيس الحريري في مساعيه الإصلاحية لإنقاذ البلد؟ فإذا لم تفعل ذلك فإن الرئيس الحريري لن يكون بمقدوره فعل أي شيء»، مؤكدة أن «المجتمع الدولي متشدد للغاية وهو يردد هذه المعزوفة التي لا ييأس من تكرارها، بأن لا مساعدات دون إصلاحات».

ولا تخفي مخاوفها من أن «قوى الثامن من آذار تبدو أبعد ما يكون عن ولوج طريق الإصلاح، ولذلك من المستبعد تحقيق أي إصلاحات تتعارض مع طبيعة تركيبة هذا الفريق الذي يتحمل مسؤولية وصول البلد إلى ما وصل إليه في كافة المجالات، باعتبار أن الإصلاح يؤدي إلى ضرب دورهم وتقليص نفوذهم. وهو أمر سيصعب مهمة الرئيس الحريري كثيراً ويجعله عاجزاً عن تحقيق مراده في ظل وجود هذه المجموعة التي وضعت مصلحتها أولوية على ما عداها».

وفي قراءتها لخلفيات نداء البطريرك بشارة الراعي للرئيس الحريري، لا ترى المصادر أن «هناك أبعاداً سياسية أو دينية وراء هذا النداء، بقدر ما تؤكد أن المشكلة في لبنان هي ذات طابع مالي تطال كل مواطن لبناني على مساحة الوطن، ما ينفي وجود أي مشكلة لها أسباب طائفية أو مذهبية، وإن كان هناك من يعمل لحرف الأنظار، وبالتالي على الحكومة الجديدة أن تجهد لحل هذه المشكلة التي تتهدد البلد بالزوال في ظل استمرار هذه العقلية الموجودة»، مشددة على أنه «من الصعب جداً على العهد أن ينقذ نفسه في آخر سنتين من حكمه، في ظل اعتماد نفس التكتيك الذي اعتمده في السنوات الأربع الماضية، لناحية الحفاظ على المكتسبات والحصص والمغانم. ولذلك لا يمكن الرهان على قدرة هذا العهد على إخراج لبنان من هذه الأزمة. وهذا ما ظهر بوضوح من خلال مسار تأليف الحكومة العتيدة».