بيروت - لبنان

10 تشرين الأول 2020 12:02ص الحريري كسر حواجز الانقطاع فهل يلاقيه الآخرون بمنتصف الطريق؟

حجم الخط
لو لم يكن لديه ما يقوله للبنانيين بعد ثعثر المبادرة الفرنسية واعتذار مصطفى اديب عن تشكيل الحكومة الجديدة وانغلاق آفاق التواصل بين مختلف الاطراف، لما اطل زعيم تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري على اللبنانيين ليقول لهم بصراحة متناهية عما وصل اليه لبنان من خطورة في الوقت الحالي .حمّل جميع الاطراف السياسية مسؤولية هذا الوضع الكارثي، اصدقاء وحلفاء وخصوما،ولم ينكر بالطبع تحمله أيضا جانبا من المسؤولية معهم،مسلطا الاضواء على كل ممارساتهم وسلوكياتهم بالسلطة بكل صراحة ودون مواربة .كلامه كان في منتهى الوضوح عن المبادرة الفرنسية منذ انطلاقتها وحتى تعثرها. كشف مستور المواقف الملتوية منها ورد على كل الاباطيل التي تلطى وراءها المعرقلون ووضع حدا لكل ما نسج من ادعاءات وحجج من قبل الثنائي الشيعي لتبرير تعطيل المبادرة الفرنسية بعدما تبين ان التعطيل لا علاقة له بتشكيل الحكومة بل مرتبط بمصالح إيران الاقليمية على حساب ومصالح اللبنانيين. عاتب الحريري المعرقلين بشدة، ملقيا اللوم عليهم بعدم استغلال فرصة زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان مرتين واطلاقه مبادرة تشكل فرصة ذهبية وخشبة خلاص للبنانيين للمساعدة في الخروج من ازمتهم وانقاذ لبنان قبل فوات الأوان. بعد جردة الحساب هذه ووضع النقاط على الحروف، شخّص الحريري بكل حرفية الداء. لبنان على شفير الانهيار بلا كوابح واللبنانيون من كل المناطق باتوا عرضة العوز والفاقة والاولوية القصوى.علينا كسياسيين تحمل مسؤولياتنا بلا تردد او تلكؤ لأي امر ما او مصالح سياسية او محض شخصية. الوضع دخل في منتهى الخطورة والناس محبطة وفقدت ثقتها بنا وباتوا يكرهوننا كسياسيين. حدد الدواء لوقف الكارثة باعادة تعويم المبادرة الفرنسية وهي متاحة داعيا للاستفاده من مضامينها التي تختزن الاقتراحات والحلول للازمات المالية المتراكمة واعادة انفتاح لبنان على الخارج وامكانية الإستفادة منها للمباشرة بالانقاذ متى خلصت النوايا من حولها، من دون إنتظار صفقة اقليمية من هنا او ترسيخ معادلات سلطوية بالسلاح،لن تحل المشكلة ،بل تزيد من تفاقمها وتنحو بالبلاد نحو منحدرات غير محمودة العواقب، بدأت مؤشراتها بتفلت السلاح غير الشرعي بالعاصمة والمناطق بما ينذر بالحرب الاهلية كما ظهر خلال الايام الماضية. بعد هذه المكاشفة ورده بحدة على كل ما تناوله زورا وبهتانا طوال الاشهر الاخيرة مرة واحدة بلا قفازات او مجاملة لاحد. تناول مواقفه من جميع الاطراف، حلفاء واصدقاء سابقين وخصوما، كسر حواجز المقاطعة مع الاخرين بعد إعتذار مصطفى اديب وفتح الابواب المغلقة وأعلن استعداده للانفتاح والتواصل مع الجميع في سبيل إنقاذ البلد وتحمل المسؤولية. 

حدد موقفه بوضوح. كسر جمود انقطاع التواصل مع الاخرين بكل جرأة . ربط تحمله المسؤولية وتوليه رئاسة الحكومة المقبلة باشتراطه تبني جميع الاطراف متطلبات المبادرة الفرنسية مسبقا وتأليف حكومة انقاذ من اختصاصيين باعتبارها تشكل الفرصة الفريدة والملائمة لمساعدة اللبنانيين لحل ازمتهم. لم يترك موقفه من الترشح لرئاسة الحكومة مؤجلا او مبهما او متروكا للمزايدة او للتمنيين من البعض أو عن قناعة من الاخرين حتى موعد الاستشارات النيابية بعد ايام. ابلغ الجميع بانه المرشح الطبيعي الاول لرئاسة الحكومة المقبلة باعتباره الأكثر تمثيلا من خلال كتلته ومؤيديه.

ولو تطلب الامر منه ان يضحي مجددا لانقاذ لبنان من الكارثة المحدقة به من كل الجوانب طالبا من الآخرين تحمل مسؤولياتهم والتواضع قليلا في مواقفهم وتحديدا حزب الله. 

فاجأ الحريري الجميع بهذا الموقف المتقدم والنوعي ووضع الكرة في ملعب الاخرين بعدما كانوا يراهنون على انكفائه عن الترشح لابقاء الازمة الحكومية تطول والانحدار نحو الهاوية مستمر بلا توقف،فهل يلاقيه الاخرون في منتصف الطريق؟