بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 آب 2019 12:01ص الحسنية: باسيل طائفيّ ينبش القبور وقانونه الإنتخابي للفتنة

الدستور والطائف: محاولات الإنقلاب ومسارات المواجهة (4)

المحامي نشأت الحسنية المحامي نشأت الحسنية
حجم الخط
في إطلالةٍ عامة على النقاش الدستوري الدائر يقول عضو مجلس القيادة في الحزب التقدمي الإشتراكي المحامي نشأت الحسنية إنه بعد إتفاق الطائف تمّ نقلُ بعض الصلاحيات التي كانت لرئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء مجتمعاً على إعتبار أنه هو السلطة التنفيذية، وبقيت صلاحياتٌ أخرى أساسية بيد رئيس الجمهورية، وتحوّل دورُه من رئيس السلطة التنفيذية إلى راعٍ لكل اللبنانيين، وبالتالي، هو حامي الدستور ما يجعله فوق المصالح الحزبية والفئوية والمذهبية، بل بموقع الراعي لمصالح كل اللبنانيين، وهو بهذا المعنى حَكَمٌ بالصفة المعنوية، وبما له من صلاحيات دستورية يستطيع ممارستها، سواء من خلال ردّ القوانين أو المراسيم التي تصدر عن مجلس النواب.

قانون الإنتخاب: المشاركة وحسن التمثيل

يُعتبر قانون الإنتخاب منطلقَ صناعة السلطة وعلى أساسه يتم تحديدُ الأحجام والأوزان وتتشكل الخرائط السياسية والتحالفات وتظهر التوازنات والتباينات، وهو في لبنان أحد الملفات الإشكالية المعقدة الذي طالما شكّل هاجساً لدى القوى السياسية التي حاولت دوماً صياغة قانون يضمن مصالحها الإنتخابية.

ساد نقاشٌ طويل حول قانون الإنتخاب الأمثل والأنسب للبنان والذي يضمن صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب والمشاركة الوطنية الفاعلة للجميع.

كانت هناك مآخذ على القانون الأكثري رغم أن مؤيديه يعتمدون منطق الديمقراطية الذي يستند إلى رأي الأكثرية، في المقابل كان هناك من يرى الظلم الواقع على «الأقلية» غير الفائزة، فكان التوجه نحو النسبية بعد سلسلة طويلة من الضغوط السياسية الساخنة للوصول إليه.

لكن أي نسبية تم إعتمادها؟ وأيّ قواعد تم إعتمادُها للوصول إلى القانون الإنتخابي الحالي وقد جاءت بنتائج معاكسة لمقاصد الدستور والعيش المشترك؟

يُجمع الخبراء الدستوريون أن الطائف قال بمشاركة المسيحيين والمسلمين في الحكم وفق مبدأ الإنتخاب المختلط، فالمشاركة تنتفي إذا كان الإنتخاب طائفياً. وهذا يضرب وحدة الشعب.

أهداف قانون الإنتخاب

الغاية من قانون الإنتخاب تحقيق هدفين متكاملين:

 صحة التمثيل السياسي لشتى فئات الشعب.

 المشاركة في الإنتخاب وتكوين السلطة.

وبموجب المادة 27 من الدستور، فإن النائب بمثل الأمة جمعاء، وفي حال قامت الطوائف بإنتخاب نوابها، لا يعود ممثلاً للأمة بل للطائفة.. والقانون الذي يجعل كل فئة تنتخب نوابها يضرب الوحدة والوفاق الوطني ويخالف جوهر إتفاق الطائف هو قانون طائفي. 

يتشكّل مجلس النواب مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، والدستور يقول بمبدأ المشاركة في الحكم، فكيف تتحقـّق المشاركة إذا جرى فرز الناس في أهم إستحقاق يقومون به وهو إنتخاب ممثليهم في الندوة البرلمانية.

إن هذا النوع من المشاريع سيقود إلى العودة لمنطق العدد وإعادة لغة الأكثرية والأقلية.. ويضرب الوحدة والوفاق الطني، وهذا ضربٌ للصيغة اللبنانية من أساسها.

تؤكد المادة 27 من الدستور أن النائب يمثل الأمة جمعاء. وفي حال إعتماد إنتخاب النواب من طوائفهم، يصبح النائب ممثلاً لطائفته فقط، ولا يمثل الشعب اللبناني، ويؤكد أن دستور الطائف حمى المسيحيين بالشراكة الوطنية الحقيقية من خلال قانون الإنتخاب والمناصفة في التمثيل السياسي ومجلس الشيوخ. متسائلاً: ما هي الخدمة التي يؤديها حاملو طرح الإنتخاب الطائفي للمسيحيين إذا صار التصويت طائفياً؟

ينص إتفاق الطائف على مجلس نواب خارج القيد الطائفي وتالياً مجلس شيوخ يحفظ التوازنات للطوائف، والإرتكاس إلى قانون الإنتخاب الطائفي يضرب مكوّنات الطائف الأساسية.

السؤال الهام هنا لمن يعمل على الهدم: ما هو البديل عن الدستور وإتفاق الطائف سوى تهديد السلم الأهلي، ونتائج القانون الإنتخابي الهجين تلقي اليوم بظلالها، من خلال التوترات والإحتقانات الناجمة عن تداعياته التي أحيت العصبيات وشجعت منطق الإنعزال.

طرح الدائرة الواحدة: لم يعد صالحاً

المحامي الحسنية قال إن طرح الحزب التقدمي الإشتراكي تاريخياً أن يكون لبنان دائرة إنتخابية واحدة، لكن هذا الطرح كان قبل الحرب وقبل الفرز السكاني الذي جرى خلالها، فلم يعد هذا الطرح صالحاً الآن بعد كل هذه المتغيرات، ونظراً لغياب الأحزاب الوطنية المختلطة طائفياً. وفي حال تم إعتمادها نصبح أمام خيار الأكثرية العددية.

وأضاف: خلافاً لكلّ ما يدعيه بالوحدة الوطنية والمشاركة، فإن جبران باسيل شخص مذهبي، طائفي، بدأ مسيرته في نبش القبور ودفن الديمقطراطية منذ قانون الإنتخاب الذي فرضه على اللبنانيين، ولم يكن همه صحة التمثيل ولا المشاركة، إلا إذا كان يعتبر أن صحة التمثيل هي حصوله على أكبر عدد من النواب.

كل الصيغ التي كان يحملها باسيل تضمنت الطرق التي تؤمن له تحصيل أكبر عدد من النواب، وبالتالي إمتلاك كتلة نيابية أوسع.

والقانون الإنتخابي الأخير هو قانون أورثوذكسي مـُـقـَنـّع من خلال الصوت التفضيلي الذي تحوّل صوتاً طائفياً، لذلك أصبح كل مرشح هو كتلة بذاته بالصوت التفضيلي، لافتاً إلى أن الحزب التقدمي الإشتراكي يدعو إلى إعتماد الدائرة الفردية التي لا تعتمد على التصويت الطائفي، بل تكون الأقرب إلى الناس وهمومهم.

الأمن خاضع للسلطة التنفيذية

المحامي الحسنية قال: قبل إتفاق الطائف كان الجيش يتبع رئيس الجمهورية كونه كان القائد الأعلى للقوات المسلحة . لا يزال رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، إنما ينفذ قرارات السلطة السياسية، والرئيس من موقعه كحامٍ للدستور بقي قائداً عاماً للقوات المسلحة، لكنه أيضاً يلتزم تنفيذ سياسات مجلس الوزراء.

يختم الحسنية: مجلس الدفاع الأعلى هو مجلس إستشاري يلتئم بحالات معينة، يقدم تقارير عن وضع أمني أو أمني سياسي بصفةٍ إستشارية، وهو مثل أي جهاز في الدولة ينفذ سياسة الحكومة، والجيش في المواضيع الأساسية مثل الحرب والسلم، يتم تكليفه بمهما تخضع للقرار السياسي، ووزير الدفاع ينفذ سياسة الحكومة.  

زراعة التفرقة

لم تكن أحداث الجبل والتوترات التي سبقتها وستليها سوى تداعياتٍ تلقائية لقانون إنتخابٍ أنتج إنقساماً غير مسبوق بين اللبنانيين وأعاد لغة الحرب الغابرة ونكء الجراح وأيقظ العصبيات وهدّد الصيغة والعيش المشترك.. بينما كان حرص رجال الطائف على تأمين حسن التمثيل والشراكة وتعزيز العيش المشترك، فهل أوشكنا على معاصرة دفن صيغة لبنان الرسالة على وقع الزلازل الكبرى في المنطقة تحت وطأة مفاعيل حلف الأقليات، أم أن هذا الوطن سيقوم من جديد على قاعدة الثنائية الإسلامية– المسيحية المستمرة منذ قرون رغم كل الأثمان الباهظة التي قدمها اللبنانيون على مرّ تاريخهم.