بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 تموز 2018 12:16ص الخطة الروسية لعودة النازحين قيد الدرس الأميركي لكنها لن تتعثّر

واشنطن في ظلام دامس نتيجة حرص ترامب على إبقاء قمة هلسنكي في الظل

حجم الخط

ترتيبات لإنسحاب القوات الأميركية من شرق سوريا وتسليمها إلى النظام  في مقابل انسحاب الموالين لإيران


غداة قمة هلسنكي، يظهر مدير الاستخبارات الوطنية الأميركية دان كوتس، في التاسع عشر من الجاري من منبر منتدى أسبن الأمني في كولورادو ذات الصيت الذائع، وهو يطلق العنان لرشاقات من النكات معطوفة على موجة عارمة من الضحك!
ما حصل أن منسقة حلقة النقاش آندريا بيتس من شبكة «إن بي سي» أثناء حديثها مع كوتس أعلنت على الهواء مباشرة نبأ دعوة دونالد ترامب فلاديمير بوتين إلى الولايات المتحدة عبر تويتر!
لم يفلح كوتس في إخفاء الصدمة التي بدت عليه، فمال بجسده الى الأمام، ونظر بغرابة إلى بيتس، معلقاً: «كرري ذلك؟ هل سمعتك؟». ثم تنتابه موجة من الضحك أرادها للتغطية على جهله بالأمر.
ووسط ضحكات الحاضرين، يواصل كوتس تعليقه: «حسناً.. هذا الأمر سيكون له طابع خاص».
لم يكن هذا المشهد السوريالي – الكوميدي سوى للتعمية على حقيقة أن الإستخبارات الأميركية لا تفقه شيئا لا عن سير القمة الأميركية – الروسية ولا عن نتائجها والملاحق المرفقة بها. 
وتبيّن في جلسة النقاش ذاتها أن المحادثة الثنائية بين ترامب وبوتين في القمة، لم تُسجل، وأن مدير الإستخبارات ليس على دراية بتفاصيل حديثهما، وأنه «نصح ترامب بعدم لقاء بوتين على انفراد، لأن لقاء من هذا القبيل كان له أن يثير القلق لدى الأجهزة المختصة، حيث لا يجري تسجيله ويحضره مترجمان اثنان فقط». ولم يستبعد كوتس أن يكون الجانب الروسي «سجل اللقاء بشكل سري لأن مثل هذا الاحتمال قائم دوما».
من الواضح أن لا معطيات واضحة في واشنطن عن قمة هلسنكي وسط إرباك أميركي واضح في مقاربة التقارير الروسية المتسارعة عن النتائج السورية للقاء الرئاسي، وتحديدا إعلان وزارة الدفاع الروسية أنها «تتطلع قدماً لتنفيذ مقررات القمة بشأن سوريا».
وكان لافتا أن هذه السرية المطلقة التي تقصدها الرئيس الأميركي، دفعت الحزب الديموقراطي الى السعي الى إصدار مذكرة تجبر المترجمة الأميركية، التي حضرت القمة، إلى المثول أمام الكونغرس للإدلاء بشهادتها. لكن هذا السعي إصطدم بممانعة المشرعين من الحزب الجمهوري، مما أتاح لترامب غطاء قانونيا لإبقاء محادثات القمة في الظل.
قد تكون موسكو عنَتْ بالمقررات السورية، على الأرجح، ترتيبات إنسحاب القوات الأميركية من شرق سوريا وتسليمها الى الجيش النظامي السوري، في مقابل انسحاب كل المقاتلين الموالين لإيران من سوريا، وخصوصاً حزب الله، الى جانب عودة الجنوب السوري إلى ما كان عليه قبل سنة 2011 (وهو مطلب إسرائيلي)، أي خاضعاً لسيطرة نظام الرئيس بشار الأسد وتحت مسؤوليته، بمعنى أي انتشار عسكري للمجموعات الموالية لإيران، أو أي محاولة لإقامة بنية تحتية عسكرية إيرانية في الجنوب، خصوصاً قواعد إطلاق صواريخ ضد إسرائيل، أمر يتحمل مسؤوليته الأسد. وبكل الأحوال تحمل كل هذه الترتيبات إعترافا واضحا ببقاء الأسد في الحكم، وإنهاء لمرحلة دامية في الصراع السوري على الأرض والسلطة.
أما الخطة الروسية لعودة النازحين الى سوريا فلا تزال محط نقاش في أروقة الإدارة الأميركية، وهو ما يفسّر الغموض في موقف واشنطن العلني منها، وبعض الإرتباك الذي ظهر على مسؤولين لبنانيين غداة كشف موسكو تفاصيل هذه الخطة وإيفادها وفدا رفيعا لمناقشتها مع دول الجوار السوري، وهي الدول الأكثر إستضافة للنازحين.
ويسجل لرئاسة الجمهورية والديبلوماسية اللبنانية أنهما تلقفتا على وجه السرعة هذه الخطة كما التحرك الروسي العاجل في إتجاه الدول المستضيفة، كي تقطعا الطريق على أي ألغام أو أفخاخ محلية أو إقليمية قد يجري وضعها في سبيل إجهاض العودة المتدرّجة لكن المستدامة، وخصوصا أن أفرقاء كثراً سبق أن تقاطعت مواقفهم على رفض حتى مجرد البحث في العودة بذريعة ممانعتهم رمي النازحين العائدين في أتون النظام السوري وعدم رغبتهم في الإعتراف به.