بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 كانون الأول 2017 12:14ص الخلاف السياسي حول مرسوم الضباط يتفاقم وحلّه فقط بيد مرجعية محايدة

هل يتحرك الحريري وجنبلاط لترتيب العلاقة المتأزمة بين عون وبري؟

حجم الخط
 تحول الاختلاف بين رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري حول مرسوم منح اقدمية سنة لضباط دورة العام 1994، الى سجال إعلامي مباشر بينهما شخصياً على امور دستورية وقانونية وإجرائية، بات من الصعب تجاوزها من دون الاحتكام الى مرجعية اخرى سياسية او دستورية، اولاً لبت الخلاف وثانياً لإعادة انتظام العلاقة الودية التي طبعت المرحلة السابقة خلال ازمة استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري، وما تلاها من تفاهمات داخل الحكومة على امور كثيرة وكبيرة ليس اقلها إقرار ملف النفط. 
ويبدو ان الرئيس الحريري بات هو المؤهل الوحيد لمعالجة الخلاف ووضعه في نصابه، فيما امتنع نواب تكتل «التنمية والتحرير» عن الادلاء بأي موقف حول الخطوات الممكن ان يلجأ اليها وزير المال علي حسن خليل، ومنها ما تردد عن عدم توقيعه مراسيم ترقية الضباط من رتبة عقيد الى عميد لا سيما الضباط المستحقين من «دورة عون» الذين منحوا سنة اقدمية، لكن الخوف هو ان يشتمل عدم التوقيع كل المراسيم التي تصدر وتحمل توقيعي رئيسي الجمهورية والحكومة، ما يعني شل عمل الدولة فعلياً. إلاّ ان شيئا من هذه المعلومات لم يُعلن بشكل رسمي أو ضمني لا من الرئيس بري ولا من الوزير خليل ولا من اي نائب في الكتلة، حيث ان النواب «يضربون كفاً بكف» ولا يجدون كلاما يقولونه بعد كلام الرئيسين في بكركي وفي عين التينة. 
 ومع ان مشكلة الضباط المعنيين بالموضوع تبقى صغيرة حتى لو لم يوقع الان وزير المال على مراسيم ترقيتهم وصرف مخصصاتهم الجديدة، لأنه يمكن صرفها لاحقاً بعد ترقية المستحقين منهم اول السنة الجديدة أو في حزيران المقبل وبعد حفظ حقوقهم المالية، إلا ان المشكلة الاكبر هي تردي العلاقة بين رئيسي الجمهورية والمجلس، بينما يلوذ رئيس الحكومة بالصمت وكأنه غير معني بالموضوع، مع ان توقيعه اساسي في المرسوم موضع الخلاف، والرئيس بري يأخذ عليه انه لم يتشاور معه قبل التوقيع لربما كانا وجدا مخرجاً له قبل ان تتوتر العلاقة بين عون وبري. 
ولكن ثمة من يراهن على ان المشكلة بين الرئيسين لا بد وان تجد لها حلاً عبر وسطاء الخير عاجلاً ام آجلاً، إذ انه ليس من مصلحة الرئيسين ان يستمر الخلاف ويكبر وتتدحرج نتائجه وانعكاساته السلبية على كامل الوضع السياسي والاداري، وثمة من يراهن على دور لاحق للحريري وللنائب وليد جنبلاط في معالجة الازمة المستجدة لا سيما اذا تفاقمت، لأنها ستؤثر حكماً على أداء الحكومة وعلى كثير من الامور الاجرائية الاخرى وبصورة خاصة في مرحلة التحضير للانتخابات النيابية، التي تحتاج الى عدد من المراسيم والاجراءات والقرارات. 
 والسؤال المطروح: مَن هي المرجعية المحايدة الدستورية او القانونية التي يمكن ان تبت بالمشكلة، لا سيما بعد قول الرئيس بري امس عن اللجوء الى القضاء: «عندما تصبح وزارة العدلية غير منتمية أذهب. الضعيف يذهب الى القضاء». وهو يقصد هنا ان القضاء الآن بيد وزير من «التيار الوطني الحر». وبهذا الموقف تفاقمت المشكلة اكثر لأنه يعني عدم الثقة بمرجعية القضاء. 
وترى مصادر رسمية متابعة للموضوع ان المشكلة دخلت نفقاً مجهول النهاية، ولا يبدو انه سيكون لها حل في الايام القليلة المقبلة قبل حلول العام الجديد، بانتظار عودة وزير المال من الخارج (يُفترض انه عاد ليل امس)، لمعرفة الخطوات الممكن ان يلجأ اليها وهل تقع في باب الرد التصعيدي ام التريث للمعالجة؟ لكن المصادر تؤكد ان المشكلة اخذت منحى مزعجاً ومضراً ولا بد من تدخل ما لمعالجتها سريعاً.
وتؤكد مرجعية دستورية في هذا الصدد، ان المجلس الدستوري لا صلاحية له للبت بشرعية او قانونية المراسيم بل القوانين الصادرة فقط عن مجلس النواب، وان المرجع الصالح القانوني هو مجلس شورى الدولة فقط، وقراراته من حيث المبدأ ملزمة، ولو أن عدداً كبيراً من قراراته لم تحترمها السلطات المعنية لأسباب مختلفة سياسية وإجرائية، لكن المشكلة هنا حول المرسوم موضع الخلاف هي سياسية تتعلق بتوزيع السلطة ولا يمكن لأي مرجع قانوني حلّها، لأنها اكبر وأعمق من مسألة مرسوم وتوقيع وزير.