رأيت من المناسب جداً بل من الضروري أن نطّلع على ما قاله المعلم كمال جنبلاط بشأن الميثاق الوطني لينقله الى الغافلين وبعض الجيل الجديد من اللبنانيين الذي وضع نفسه عن وعي أو غير وعي ضد الوحدة الوطنية، وضد السيادة اللبنانية، وضد النهوض العربي فكان موقفه حاسماً حيث قال:
«فكرة الميثاق ومفهومه لن تموت في نفوس اللبنانيين، لان الميثاق إنعكاس لواقعهم في الحاضر ولنضالهم التاريخي في السابق، وأمل وحدتهم وانصهارهم في الغد المقبل القريب».
هذا الانصهار الذي يحاول البعض بين الحين والآخر أن يعطّله أو يعرقله لغايات محاصصية ومذهبية يبقى هو الأقوى مهما كان حجم هذا البعض.
يقول المعلم كمال جنبلاط أيضاً وكأنه بيننا اليوم فيحسم محاولة الطعن بالميثاق قائلاً:
«ان هذا الاضطراب المؤسسي الذي يتخبّط فيه لبنان اليوم، والذي نأمل أن يكون سطحياً، يتأتى من هذه النزعة الرامية الى وضع الميثاق (43) موضع البحث والجدل، وهو الميثاق الذي يكوّن أساس استقلالنا، وان هذا يهدّد وحدة الشعب وحتى الاستقلال الذي ننعم به».
فيا أيها الطاعنون بأساس استقلالنا عليكم العودة الى الثوابت الوطنية والتمسّك بالروح التي أدّت الى انتصارنا، وعليكم أيضاً تصحيح أفكاركم بما يخدم السيادة لا بما ينتهكها، ويخدم وحدة الشعب ولا يفرّقه.
كما من الضروري أيضاً أن تطّلعوا وتدركوا أيها الغافلون على تاريخنا وعن حقيقة ما مثله المغفور له رياض الصلح في تلك الحقبة النضالية ومنها ما جاء على لسان الزعيم كمال جنبلاط:
«كان له فضل كبير في تخطيط النهج وقيادة الصف النضالي، وتوجيه الجهود، وإحباط مؤامرات الانتداب آنذاك، بما فطر عليه من دهاء سياسي ورباطة جأش».
فما جاءت به الحركة الاستقلالية التي قادها بشارة الخوري ورياض الصلح في الأربعينات من انتصارات لا تصيبها مثل هذه التوجهات التهديمية التي تهدف الى ضرب الفكرة العربية المناضلة في لبنان التي مثّلها رياض الصلح ورفاقه حيث جاء الاستقلال تحت شعار الوحدة الوطنية والسيادة اللبنانية والنهوض العربي، الذي تمثل بفكرة إنشاء جامعة الدول العربية والذي كان لبنان أحد مؤسسيها، لكن المتربصين بالأمة العربية عملوا على إضعافها والسيطرة على قرارها، فبدل أن تكون مجمعة للطاقات وموحّدة للأهداف عاملة للحفاظ على تنمية الروح المقاومة ضد كل ما ينتهك السيادة والاستقلال والحرية للأمة، وبدل أن تتبنّى ثقافة المقاومة في كل المجالات الدبلوماسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والتربوية، وضد كل أشكال الجهل والفقر والبطالة والفساد، وتحقق السوق العربية المشتركة والدفاع العربي المشترك، نرى كل دولة منها مختلفة مع الأخرى حيث يسود بينهم التنافر والتنابذ بدل الوفاق والوئام، وهذا بفعل ضعاف النفوس بيننا، تلبية لتوجيهات أعداء الأمة لعرقلة تقدّمها.
وأخيراً فالميثاق الوطني، والميثاق العربي هما الطريق الوحيد للانتصار، ففي ميثاقيتكم نجاتكم وفي خلافاتكم هلالككم.
* الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب
* محامٍ بالاستئناف