بيروت - لبنان

اخر الأخبار

16 حزيران 2022 07:13ص السنيورة: أسماء لرئاسة الحكومة تجول في خاطري.. واختيار رئيس الجمهورية لن يبقى قراراً مسيحياً

«دردشة» صافية مع رئيس الحكومة الأسبق على خلفية «قوة التوازن وليس توازن مع القوى»

حجم الخط
في قناعة رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن ما تبقى من العهد الحالي سيكون مرحلة تقطيع وقت. لا يبدو متفائلا بإمكان تأليف حكومة في الأشهر الأربعة الفاصلة عن انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لكنه رغم ذلك، لم يتوان عن تأكيد أهمية التزام رئيس الجمهورية بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس لحكومة ما بعد الانتخابات النيابية والأخذ بنتائجها، بما ينهي محاولات الالتفاف على الدستور بفرض أعراف كـ«ضمان التأليف قبل التكليف» فيما هي ممارسات خاطئة تطعن في الصميم الآليات الدستورية والنظام الديموقراطي. يقول: يجب أن يُكلف رئيس جديد للحكومة، وإذا تألفت الحكومة يكون الأمر ممتازاً، وإذا لم تتألف، فهناك انتخابات رئاسة الجمهورية التي لا بد من ان تحصل وتتألف عندها حكومة جديدة.
نسأله في دردشة ضمت مجموعة من الصحافيين عن مكامن الشرعية السنية راهناً في ظل تعليق الحريري العمل السياسي وخفوت دور نادي رؤساء الحكومة السابقين، وهل لدار الفتوى أن تلعب هذا الدور؟ يجيب: هناك من يخطىء بالحسابات السنة ليسوا ارضاً سائبة وشائعة. دار الفتوى لها قيمتها التاريخية والحاضرة والمستقبلية ولكننا لا نقبل بأن نتحول إلى نظام ديني. هناك عند الفرقاء السياسيين محاولات دائمة من أجل إغراء المسلمين السنة كي يتحولوا إلى طائفة ويتقوقعوا. ولكنهم جزء من أمة، وجزء من الوطن يمتلكون ميزات تحمّلهم أعباء استثنائية»، كونهم «أكبر مجموعة تمتد على كامل الجغرافيا اللبنانية، ولها امتدادات في العالم الإسلامي والعربي». يشبههم كالصمغ الذي يجمع حبات الفسيفساء اللبنانية»، فإذا لم يتم تعزيز الصمغ تصبح هذه الحبات متناثرة وتفقد اللوحة الفسيفسائية القائمة على العيش المشترك وفكرة الدولة المدنية. وهنا يكمن دورهم الوطني.
ما يتطلع إليه السنيورة هو العمل على مجموعة جاذبة تشكل عماد العمل الوطني الجامع، ودفع «الأطراف السيادية» إلى تشكيل أغلبية نيابية في ظل نتائج الانتخابات النيابية، والتي أثبتت أمرين أساسيين: الأول أن قرار المقاطعة كان خاطئاً، والثاني والأهم اننا كلبنانيين أثبتنا أننا نستطيع، إذا كانت لدينا الإرادة من أجل ان نتصدى وندافع عن بلدنا.

فرنجية وباسيل وجعجع لا يملكون صفات الرئيس الجامع المقبول من الجميع

يعود الى مرحلة الانتخابات النيابية التي مرّ شهر على اجرائها. لا يشعر مطلقاً بخيبة من نتائجها. فقرار انخراطه في الانتخابات جاء قبل 45 يوماً من اجرائها، بعد قرار الرئيس سعد الحريري تعليق عمله السياسي. يومها عرض السنيورة جملة اقتراحات لعدم ترك الساحة فارغة، فلم تلق استحوذاً، فقرر من موقع مسؤوليته الوطنية وتجربته في الشأن العام أن عليه المبادرة، ومن غير اللائق ومن غير الاخلاق أن يترك اللبنانيين الذين وقفوا إلى جانبه في أحلك الظروف وأصعب المراحل، حين يكونون في حاجة إلى من يقف إلى جانبهم في تحدي استعادة الدولة، إذ يرى أن مشكلة لبنان في الفساد السياسي بعدما أصبحت الدولة مستتبعة نتيجة دخول المليشيات إليها، فبدل أن تتخلق المليشيات بأخلاق الدولة، تخلقت الدولة بأخلاق المليشيات ما أفسد النظام البرلماني والديموقراطي.
لا يرى ان الناس خذلته في الانتخابات. كان همه منذ البداية ألاَّ تحصل المقاطعة وتتكرر تجربة المسيحيين في لبنان والسنة في العراق. نتيجة مساهمته المباشرة، تم ايصال سبعة نواب الى الندوة البرلمانية في بيروت وجزين والبقاع الغربي وزحلة والمنية، إضافة إلى اسهامات أخرى مع الحلفاء. ما كان يهدف إليه منذ البداية في تحالفه مع رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ليس حجم المقاعد التي سينالها كل منهما بل حجم المقاعد التي سينالونها سوياً. وقد أفضت الانتخابات إلى انتقال الأكثرية من مكان إلى آخر، وإن كانت متناثرة اليوم، فهي لا بد من أن تشق طريقها نحو الاجتماع والائتلاف في الاستحقاقات القادمة.
هو يؤكد أنه كان ولا زال في خضم العمل السياسي وسيتسمر بمعزل عن المنصب الذي لا يطمح إليه. فالقضية عنده قضية لبنان واستعادة كرامته وكرامة الانسان اللبناني واستعادة هوية لبنان وعلاقاته مع محيطه العربي والعالم.
نعود إلى السؤال عن الاستشارات النيابية وإمكانية اتفاق « الخط السيادي» على اسم رئيس الحكومة. فيجيب ان هناك ثمة أسماء تجول في خاطري، يتم مشاركتها مع حليفيه جعجع وجنبلاط وشخصيات سيادية أخرى، ولكن لا شيء قد حُسم على الإطلاق.
ليس متيقناً من أن الرئيس الذي سيُكلف سيستطيع تأليف حكومة جديدة، بفعل التجاذبات السياسية. وبالتالي، لا يمكن للبلد أن ينهض الا باستقامة المؤسسات الدستورية الثلاث- او الرئاسات الثلاث. والمدخل سيكون باستقامة رئيس السلطة في البلاد والمتمثلة برئيس الجمهورية، والذي لا بد من أن يكون هناك انسجام بينه وبين رئيس الحكومة كي تسير عجلة البلد، خلافاً لما تسير عليه الامور في هذا الوقت.
وتصحيح المسار يبدأ من اختيار رئيس للجمهورية يحظى بالإجماع عليه. ما عاد ممكناً الاستمرار في نهج تخريب العقول. وأول تخريب كان اعتبار اختيار رئيس الجمهورية بأنه قرار مسيحي. وقد صعد إلى بكركي في ضوء حديث البطريرك عن لائحة المرشحين الأربعة (ميشال عون وسليمان فرنجية وأمين الجميل وسمير جعجع) من أجل أن يقول جملة واحدة وحيدة وهي أن انتخاب رئيس الجمهورية قرار وطني وليس قراراً مسيحياً. فرئيس البلاد هو الرئيس الجامع، «الرئيس القوي» بحكمته وعقله وسعة صدره ورؤياه وقبوله من الآخرين. فموقعه في الدستور يختلف عن موقع رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة الذي يمكن أن يكون طرفاً لأنه رئيس السلطة التنفيذية بفعل كونه يمثل الأكثرية. وموقفه هذا يسري اليوم على من يعتبرون أنفسهم مرشحين طبيعيين: فرنجية وجبران باسيل وسمير جعجع. هؤلاء لا يملكون مواصفات الرئيس الجامع المقبول من الجميع.
دعوته إلى اجراء انتخابات رئاسية مبكرة تأتي من منطلق كونها وسيلة لخفض آلام اللبنانيين. ولكن هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، إن حصلت الانتخابات قبل شهر ايلول. أما بعد ذلك، فنكون دخلنا في المهلة الدستورية.
بالنسبة للسنيورة، فإن الوقت قد حان كي يدرك الجميع أنه لا يمكن أن يقوموا بنفس الممارسات ويتوقعوا نتائج مختلفة، وأن البلاد وصلت إلى نقطة ما عاد ممكناً أن تسير بالممارسات السابقة، وأن لبنان -وهذا الأهم- قائم على «قوة التوازن وليس توازن القوى»، ومبدأ قوة التوازن هو العودة إلى فكرة العيش المشترك وتطبيق الدستور، فيما مبدأ توازن القوى هو استجلاب واستيلاد للأزمات، بحيث كل فريق سيسعى إلى تحسين قوته كلما سنحت له الفرصة، وسيكون هذا على حساب الآخرين.