بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 كانون الثاني 2021 12:02ص الشروط العربية والدولية صارمة: حكومة اختصاصيين وإصلاحات

لا مفر أمام عون والحريري إلا التعايش من أجل مصلحة الناس

حجم الخط
تنذر عودة الاحتجاجات الشعبية انطلاقاً من عاصمة الشمال طرابلس، رفضاً لاستمرار الإقفال الشامل وما تركه من تداعيات اقتصادية واجتماعية، بتجدد انتفاضة السابع عشر من تشرين، بعدما كفرت الناس بالوضع المزري الذي وصل إليه البلد، غير آبهة بالحظر المفروض خوفاً من ازدياد حالات الإصابة بوباء «كورونا». وهذا بالتأكيد سيعيد الاعتبار إلى انتفاضة الشارع على نحو قد يكون أوسع وأكبر مما حصل بعد الثورة على زيادة الستة دولارات على «واتساب». وهذا يظهر بوضوح من خلال تطور أعمال العنف في المواجهات بين الجيش والثوار في طرابلس وبعض مناطقها.

وتشدد مصادر سياسية على أنه «عندما تجازف الناس بحياتها في ظل جائحة «كورونا» التي تحولت إلى مجزرة إنسانية بشرية، بحيث أن أعداد المتوفين تنافس أعداد المصابين، فهذا يؤكد بوضوح أن البلد أمام كارثة اجتماعية معيشية حقيقية»، مشيرة إلى أن «أحداً ليس مستعداً للتفريط بحياته في ظل وضع استشفائي بالغ الصعوبة، بعدما وصلت أرقام الضحايا إلى مستويات قياسية، وبالتالي فإن لا أحد مستعداً للمجازفة بروحه، لولا أنه بدأ يشعر حقيقة بأنه يموت جوعاً وفقراً، ما جعله يعتبر أن المجازفة بالنزول إلى الشارع، تبقى أسهل من الموت جوعاً في حال بقائه في المنزل».

وتضيف: «كأي حراك يبقى هناك جانب مطلبي محق وجانب إنساني، خصوصاً وأن لبنان ما زال في خضم أزمة بدأت منذ أكثر من سنة، ما يعني أن هذه التحركات الاحتجاجية هي طبيعية، ولكنها قد تستخدم في السياسة من قبل البعض من أجل تحقيق أهداف سياسية. وقد يكون أحد أهداف هذه التحركات في المرحلة الحالية، هو الضغط لإمرار الحكومة، مستبعدة، وجود نوايا لتقويض الاستقرار، فإنها تعتبر أن لا مصلحة لـ«حزب الله» باعتباره الطرف الأقوى على الأرض، في أن تخرج الأمور عن السيطرة».

جهود فرنسية متوقعة لردم الهوة بين الرئيس المكلف وباسيل لإعادة ترتيب الأمور

وتكشف المصادر، أنه «بعد الاتصال المطول الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالرئيس الأميركي جو بايدن لتهنئته، فإن باريس تسعى أن تأخذ الضوء الأخضر من واشنطن، من أجل أن تواصل قدماً مبادرتها في لبنان بعيداً من أي عوائق يمكن أن تستجد، على صعيد عقوبات أو غيرها»، مشيرة إلى أنه «بدا واضحاً من خلال هذا الاتصال ان فرنسا تريد تجديد التفويض لدور ما في لبنان، بانتظار ما سيتضح في الأسابيع المقبلة وتبيان ما إذا كان الرئيس الفرنسي سيوفد مبعوثاً شخصياً إلى بيروت لمتابعة الجهود التي كان بدأها في مرحلة سابقة وتوقفت مع تجميد مبادرته، وعدم قدرته على المجيء إلى لبنان بسبب إصابته بكورونا».

وتشير إلى «جهود فرنسية متوقعة لردم الهوة بين الرئيس سعد الحريري والنائب جبران باسيل، من أجل إعادة ترتيب الأمور، لأنه لا مفر من ذلك. فطالما أنه وكما يقال أن الرئيس عون لا يريد الرئيس الحريري، وطالما أن الأخير لا يريد الاعتذار، فإن لا خيار أمامهما إلا التعايش من أجل مصلحة البلد، على أساس تنازلات مشتركة. ولهذا فإن الرئيس المكلف ينتظر في مكانه مبادرة ما أو مسعى ما، سعياً من أجل تقريب المسافات مع رئيس الجمهورية»، مشددة على أن «أي زيارة خارجية للرئيس الحريري يمكن أن تكون مفيدة للبنان، لكن الأساس يبقى في تشكيل حكومة أولاً، ووضع خطط إصلاحية من أجل إنقاذ لبنان، باعتبار أن الأزمة لا تتوقف عند شبكة علاقات خارجية، لأن الخارج ليس في وارد مساعدة لبنان إلا في حال التزامه بآلية واضحة وخطة عمل تشكل خارطة إصلاحية».

وتضيف: «إذا لم يتم ذلك وعلى أسس واضحة، فإنه لن يكون بمقدور لبنان أن يخرج من هذه الأزمة، أو أن يلقى أي مساعدة من الدول المانحة. ولذلك فإن الأولوية يجب أن تكون لأمرين: تشكيل حكومة وبسرعة لأن البلد لم يعد يحتمل التأخير، وتحقيق الإصلاحات المطلوبة. وبالتأكيد فإنه بعد ذلك، ستساعد شبكة العلاقات الخارجية على توفير الدعم الذي يحتاجه لبنان في المرحلة المقبلة، لمساعدته على الخروج من هذا المأزق، سيما وأن الشروط العربية والدولية صارمة لناحية تنفيذ هذين الأمرين، وإلا لن تكون هناك مساعدات للبنان، هو بأمس الحاجة لها في ظل ظروفه الراهنة. والأهم من كل ذلك أن تكون الحكومة المقبلة، عبارة عن مجموعة من الاختصاصيين القادرين على ترجمة الخطة الإصلاحية بحذافيرها، بما يمكن لبنان من سلوك طريق التعافي».