للأسف الشديد، وكما هو حاصل في كلّ شيء في لبنان، تلطخت التشكيلات والمُناقلات القضائيّة بشوائب التسويات والمُحاصصات، والتجاهُل لمبدأ المداورة المُعتمد لدى الطوائف في معظم المراكز، وعدم الأخذ بالإعتبار بمعايير الكفاءة والعلم والخبرة في الإختيار.
وهكذا قضى «التفاهم والتوافق» بتعيين القاضي بيتر جرمانوس مفوضاً للحكومة لدى المحكمة العسكرية وبالقاضية غادة عون في منصب المدعي العام لجبل لبنان، وكذلك حافظ المحامي العام في جبل لبنان القاضي وليد المعلم على المركز الذي يشغله منذ أكثر من عشر سنوات، وغيرها من التسويات.
ومن باب «النكايات» في عهد الإصلاح والتغيير، الإقدام على تصفية الحسابات مع بعض القضاة، فتمّ إقصاء القاضي شكري صادر عن مهماته في رئاسة مجلس شورى الدولة ونقله الى رئاسة غرفة في محكمة التمييز قبل سنة وأربعة أشهر من بلوغه سن التقاعد، من باب إحراجه لإخراجه، فتقدم باستقالته!
كذلك وُضع القاضي محمد صعب جانباً بمنصب إستشاري، وحصل تراجع عن تعيين القاضية ريما شبارو في منصب رئيسة محكمة التمييز فنشرت عبر حسابها على فيسبوك تعليقاً جاء فيه: «حصل استبدال اسمي بفعل تدخل لربما من خارج مجلس القضاء الأعلى الذي كان بالإجماع قد وافق على تعييني رئيسة لمحكمة التمييز»!
ومن ضمن الضغوط الحاصلة على قضاة المجلس الدستوري، اُنزل «العقاب الكيدي» بالقاضي باسم تقي الدين، بسبب قرار والده في المجلس الدستوري أحمد تقي الدين الذي وافق على الطعن بقانون الضرائب.
كذلك أزيح القاضي الياس عيد، وكشفت مصادر قضائية لـ«اللــواء» أنه قدّم استقالته من القضاء احتجاجاً على تعيينه مستشاراً في محكمة التمييز، بعدما كان يشغل منصب المدعي العام في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
الكيدية التي رافقت عملية الإطاحة بالقضاة، فاقت الحدود، لكن الأفظع هو الصمت المُستهجن والمُريب الذي رافقها!