بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 حزيران 2021 12:00ص العلماء في ظل الأزمات المتلاحقة في مجتمعنا: التغيير ضرورة حتمية لتحقيق الإصلاح المطلوب منّا

حجم الخط
توالت علينا الأزمات والويلات وبتنا على مشارف انهيار اجتماعي, اقتصادي وأمني... لا حليب للأطفال الرضّع، لا دواء للمرضى، طوابير السيارات أمام محطات البنزين ترسم واقع الذلّ الذي نعيشه... لا كهرباء.. لا مياه.. فوطننا للأسف الشديد أصبح أشبه بغابة منكوبة.. كل ذلك بفضل حكّام فاسدين، ربما نتحمّل نحن أيضاً مسؤولية ما وصلنا إليه لأننا من قمنا بانتخابهم.

الوضع مزرٍ لا يُحتمل أبداً، النّاس بدأت تئنّ من الجوع والفقر والمرض... ماذا نفعل هل نقف مكتوفي الأيدي؟ ما هو واجبنا كمسلمين في هذه الأحوال؟ كيف نتصرّف؟! هل نرضى بالخنوع ونسكت؟ هل ما يحدث لنا نتيجة بلاء أم نتيجة فساد؟ وكيف نواجهه؟.. هذا ما سنكتشفه في تحقيقنا التالي:

الكردي

بداية، قال القاضي الشيخ أحمد درويش الكردي، إن ما نمرّ به في هذا البلد الحبيب من مصائب اجتماعية واقتصادية وسياسية تدعونا جميعاً إلى استعمال الفكر والعقل وعدم التبعية والخنوع لأحد والرجوع إلى الله تعالی، فهو سبحانه وتعالى خالق كل شيء، فالخير من الله تعالى والشر والبلاء من كسب أنفسنا وتقصيرنا في طاعة أوامر ربنا.


وأضاف: فإننا حينما قبلنا بالظلم والسكوت عن المطالبة بالحقوق وصلنا إلى ما وصلنا إليه، فالسياسيون يبتزّون الشعب اللبناني في كل وقت وحين وهذا شأنهم منذ عشرات السنين، والتجار أكلوا الأخضر واليابس، وحاكم مصرف لبنان وهذه الدولة اخترعوا فكرة الدعم للمواد الغذائية والأدوية وغير ذلك حتى ضاعف التجار أرباحهم على حساب المواطن اللبناني.

وأضاف: ونحن نطالب هذه الدولة الفاشلة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنی لتصحيح وضع العملة الوطنية ورفع الانهيار عنها، فإن ما دفعوه من أجل دعم السلع الغذائية والعلاجية كان كافياً لوقف تدهور العملة اللبنانية، ثم مع كل هذا البلاء وهذه المحن يتخاصمون بكيفية تأليف الحكومة، وهذا أكبر دليل على ان الدولة قد انهارت معالمها وأصبح السياسيون يفكّرون كيف يستمرون بحكم هذه البلاد حتى ولو مات الشعب جوعاًً، ولذلك، لا بدّ من عصيان مدني يقوم على طلب التغيير الشامل وتصحيح الوضع الاجتماعي والاقتصادي. أين هذه الدولة ورجالاتها ان كانوا رجالاًَ من انقطاع حليب الأطفال؟! وأصبح اللبناني مثالاً للفقر والعوز والحاجة بدل أن يكونوا شعلة مضيئة في الوطن العربي.

علينا جميعاً كمواطنين أن نتعاون لتغيير هذا الواقع المهلك وكل واحد بحسب موقعه، مدنياً كان أو عسكرياً، رجلاً أو امرأة، وحتى رجال الدين بكل طوائفهم، أن تكون لهم كلمة واحدة، وهي إسقاط النظام، هذه الزمرة الفاسدة ومحاسبتها على جرائمها بحق الوطن والمواطن، فبعدما كان لبنان لؤلؤة المشرق أصبح اليوم بلداً فقيراً دولة وشعبا، وسرق هؤلاء السياسيون خيرات البلد، ولا همّ لهم سوى انهم يفكرون بحكومة من 24 وزيراً وما سيكون لهم من حقوق مادية ومعنوية وكأن البلد بألف خير، يكفينا حكومة من 4 وزراء فقط حتى تحمل هذه المسؤولية وتحاسب المجرمين على إجرامهم.

مزوق



أما رئيس دائرة الفتاوى في دار الفتوى الشيخ وسيم مزوق قال: نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرفع البلاء عن أمة محمّد  صلى الله عليه وسلم بكل مكان وخاصة في وطننا الحبيب لبنان حيث لا يوجد أي أمن غذائي واقتصادي واجتماعي. ما نعيشه في هذه الأيام في هذه الأحوال هي ابتلاء عظيم ونتيجة فساد، لكن لا بدّ أن نذكر واجب المسلم في هذه الأحوال، فحكامنا اليوم  في غيبوبة عن الأزمات التي نعيشها، فالمسلم عليه في هذه الأحوال والأوضاع أن يعود إلى منهج قويم وإلى صراط الله عزّ وجلّ وإلى هدى الحبيب  صلى الله عليه وسلم، لماذا؟ لأن البعض ربما أصابه القنوت واليأس من رحمة الله، وليس من هدى حبيب الله وأخلاقه وليس من أخلاق المسلم أن نيأس ونستسلم، ولو كما ذكرنا كل أنواع الأمن غير موجودة، ولذلك قال الإمام الشاطبي «أهم ما تكون عليه حياة النّاس هو الأمن»، فالأمن مقصود به سلامة النفس والمال والعرض والدين والعقل وهي ضروريات لا بدّ منها لقيام مصالح الدين و الدنيا، وعلی كل مسلم أن يتفكّر في هذه الأمور: كيف نحقق هذا الأمن؟ كيف نواجه هذه الأزمات؟.. أولاً علينا عدم اليأس وعدم الاستسلام وعدم القنوط من رحمة الله تعالى، لان لو استسلمنا أو يأسنا أو أصابتنا الكآبة، فنحن مواطنون ضعفاء لا نستطيع مواجهة الأزمات، وهذا الفساد من الحكّام الذين نعيشه اليوم علينا أن لا نسكت عنه بل التكلم بالحق ونشر العدل والأمن والأمان، وكله يحتاج الی قوة إيمانية وعقلية وفكرية وثقافية، فكلها من الواجبات التي يجب على المسلم أن يتعلّمها ليستطيع الثبات أمام هذه الأزمات والموجات التي نعيشها اليوم حيث لا كهرباء ولا بنزين ولا دواء وسلاح متفلّت، كل هذا الذي نعيشه اليوم إذا استسلمنا ويأسنا نكون قد سقطنا في الامتحان أمام هؤلاء الحكام الفاسدين، وكذلك على المؤمن أن يلتجأ إلى الصلاة والدعاء وأن يكون صادق في عبادته ليتخطّى الأزمات، ان الإنسان المسلم المـؤمن يلجأ إلى ربه سبحانه وتعالى، وعليه أن يقف أمام هذه الأزمات بعقيدة ثابتة راسخة وعن يقين لعلمنا ان الله سبحانه وتعالى هو الذي يغيّر الأحوال إلى الأحسن.

وأضاف: وعلينا أن نغيّر تصرّفاتنا، فإذا كان الشخص موالياً لزعيم أو رئيس ويعلم ان هذا الشخص هو من ضمن الطبقة الفاسدة، عليه أن يقول لهؤلاء الفاسدين، وعلينا ترك هذه الطبقة الفاسدة بماذا تتكلم هل ترضى بالخنوع والسكوت، لا يجوز لنا أن نبقى صامين ساكتين لا بدّ من وجود وسائل لإظهار حقيقة هؤلاء الفاسدين وأن نجهد بقول الحق..

وأضاف ان ما يحدث هو نتيجة بلاء وفساد وكل ما يجري في هذا الكون بقضاء الله وقدره ولكن له أسباب «ربما بما كسبت أيدينا»، وهذه البلاءات إما عقوبات أو رفعاً للسيئات. وقال الله سبحانه وتعالى {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ}، قد يسلّط الله علينا حكاماً فاسدين نتيجة تصويتنا لأناس غير كفوئين من أهل الاختصاص والثقة، وما يحصل الآن نتيجة من باع صوته مقابل 100 دولار أميركي أو مقابل زيت أو حصة غذائية، فلننظر ماذا حصل لنا وللمجتمع.

الفساد لا بدّ أن يُحارب، يجب علينا جميعاً أن نحارب الفساد وأن نواجهه وهذا عبر الاعتراف بالخطأ وان لا نعاود الكرّة في انتخاب أشخاص غير صالحين وغير مصلحين.