كانت الإنتخابات في 15 أيار فرصة، ولكنها أخرجت لنا نفس المجموعة الحاكمة وعلى أسوأ، و«التغييريين» كانت المفاجأة التي تؤكد انهم أسوأ من الباقين وأن الشعب اللبناني قد تغيّر تغييراً جذرياً منذ أيام فؤاد شهاب الى أيامنا هذه مع ميشال عون.
لم يعد الشعب هو نفسه..
صار شعب الفرص الضائعة.
لو أطلّ من شرفة بكركي مع البطريرك الماروني المفتي عبد اللطيف دريان إطلالة وطنية منذ أيام وأطلّ معهما فؤاد السنيورة وأشرف ريفي، يومها لو تحققت هذه الفرصة، لأسقطوا ميشال عون في اليوم ذاته وأسقطوا سلطة حزب الله في إطلالة وطنية، كانت عاصفة اقتلعت من جذورها طبقة الفساد التي قضت على البلد وجاءت بآخرته.
ولكنها الفرص الضائعة.
الحقيقة أن الشعب تغيّر، تغيّر كثيراً من أيام فؤاد شهاب الى أيام ميشال عون.
كيف يحلم الذين يحلمون بالتغيير وبمجيء رئيس للجمهورية يكون من مدرسة فؤاد شهاب وريمون اده وصائب سلام ورياض الصلح، هذه المدرسة زالت من الوجود وحلّت محلها مدرسة عونية انتخبوا جبران باسيل والحزب العوني على العتمة، على وعود باسيل بإعادة الكهرباء.
ولكن من سرق الكهرباء؟ ومن أقفل المدارس؟ ومن استولى على الجامعة اللبنانية؟ ومن قضى على هيكل القضاء الذي كان مفخرتنا أمام العالم؟ من قضى على المال العام وسرق أموال الدولة؟
الكل يعرفونهم والكل أعادوا انتخابهم في 15 أيار.
و«التغييريين»، مضحكة القصائد التي يضعها التغييريون في مدح نبيه بري، وما تغيير؟
لقد تغيّر الشعب كثيراً، لم تعد له علاقة بموارنة أيام زمان حين كانوا حراس الهيكل، ولا السُّنَّة الذين اسقطوا الوصاية السورية ورفعوا شعار «لبنان أولا»، حتى الشيعة تغيّروا، كان ثمانون بالمئة منهم بين الحزب الشيوعي وزعامات العائلات، وبدأ الإنهيار حين أسقط أمين الجميل كامل الأسعد ليقدّمه هدية لحافظ الأسد.
لم يعد في الساحة الشيعية سوى رجال الدين ووصاية إيران والخضوع لولاية الفقيه.
ذاهبون الى نظام ثلاثي في الشكل، ولكنه محكوم فعلياً من إيران والميليشيا الإيرانية.
كل الفرص التي سُنحت ضاعت.
الإنتخابات كانت فرصة، فجاءت بعكس المأمول منها.
إطلالة البطريرك بشارة الراعي كانت فرصة لتكون الإطلالة وطنية وليس طائفية.
حقوق المسيحيين التي وضعها جبران باسيل أمانة في يد الشيخ حسن نصرالله، صارت إيرانية، حقوق المسلمين ذهبت مع صائب سلام ورياض الصلح، ولن يستطيع فؤاد السنيورة وأشرف ريفي الصمود وحدهما ومنع سقوط الهيكل. سقط الهيكل، وإلى نظام مثالثة شكلياً وشيعي إيراني فعلياً.
ضاعت الأحلام، لأن كل الفرص التي أُتيحت لنا ضاعت أو أضعناها بحكم التخلّف الذي أسقط الثقافة من الشهابية الى العونية.
ليس أمامنا سوى أن نتطلّع الى رحمة من الله حتى لا نذهب الى تشاوتشيسكو، أبعد من حزب الله والعونية.
وكل الخيبات صارت ممكنة وكل الفرص ضاعت والأحلام لم تعد سوى أحلام وألعاب الأطفال من عند قيصر عامر.
لبنان الحقيقي كان في الماضي وهو في الإغتراب! والخلاص الوحيد لن يأتي إلاّ من المغتربين والإغتراب.