قديسٌ لبنانيّ غمر لبنان بعطرٍ نفح من روحه العذبة. حياتُه سهرٌ وسجود أمام القربان الأقدس.رفيقاه الكتاب المقدّس وكتاب أمجاد مريم للقدّيس ألفونس دي ليكوري. وديعٌ هو ، لا يقبل التكريم ولا الوظائف إلاّ بأمر الطاعة، تَهرَّب من تسلّم الرئاسة العامّة، وآثر المرؤوسيّة على الرّئاسة بقوله: "إنّي أسألُ الله ألاّ أموتَ وأنا حاصلٌ على وظيفة". وتابع :"هَيْك هيّي الرّهبانيّة. وهَيْك كانت. وهَيْك بتضلّ. والشَّاطِرْ بيخَلِّص نَفسُو" هو القديس نعمة الله كسّاب الحرديني.
تقدّس من خلال عيشه الحياة الدّيريّة المشتركة و سُمّي"الراهب القانونيّ"، عاش النسكَ والزهدَ والتقشّفَ في المأكل والملبس والنّوم، والصّلواتِ الدائمة، والصّبرَ والتواضع، وتحمّلَ أعباء المسؤوليّة الإداريّة، والمواظبةَ على العلم والتّعليم، وكَسْرَ الإرادة واحتمالَ ضعف الضّعفاء، فكان قلبه مشدودًا دائمًا إلى الكنز السماويّ، في نور وجه المسيح وبهائه.
في قرية حردين- البترون شمال لبنان، أبصر النّور في شهر آذار سنة ١٨٠٨ ونشأ في بيئةٍ جبليّةٍ زراعيّةٍ في بلدةِ الثلاثين دير وكنيسة، في جوٍّ عابقٍ بالتقوى والفضيلةِ والصّدقِ ومخافةِ الرّب. تعلّم في مدرسة القرية ثمّ انتقل الى بيت جدِّه الخوري يوسف رعد في تنّورين سنة ١٨١٦، وبقي هناك حتّى سنة ١٨٢٢، حيث تلقَّن علومَه الابتدائيّة، في مدرسة دير مار أنطونيوس، التابع للرّهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة. وعند بلوغه سنّ العشرين من العمر،سمع صوت الرّبّ في أعماقه يُناديه إلى دخول الدير. دخل الابتداء في الرّهبانيّة اللّبنانيّة المارونيّة، الى دير مار أنطونيوس الكبير- قزحيّا بتاريخ ١/١١/١٨٢٨ . لبس ثوب الابتداء متّخذًا اسم الأخ نعمة الله، وهناك تعلّم صناعة تجليد الكتب والخياطة، في حين كان شقيقه الأب أليشاع يختبر دعوته الى التنسّك في إحدى محابس الدّير. أبرز نذوره الرّهبانيّة عام ١٨٣٠، وتابع دروسه الفلسفيّة واللاهوتيّة في دير مار قبريانوس ويوستينا – كفيفان حتى سِيمَ كاهنًا في دير كفيفان بوضع يد المطران سمعان زوين سنة ١٨٣٥.
علّم الاولاد وساعد في خدمة الرعايا المجاورة الى ان عُيّن مديرًا للإخوة الدّارسين في دير كفيفان كما عيَّنه الكرسيّ الرسوليّ مدبّرًا عامًا للرّهبانيّة.
سنة ١٨٤٨ عُيِّن وكيلاً لدير مار مارون - عنّايا. وبعدها مكث الأب نعمة الله في دير كفيفان، متابعًا تعليم اللاهوت الأدبيّ للإخوة الدّارسين ومن بينهم الأخ شربل مخلوف (القدّيس شربل) من بقاعكفرا. أصيب الأب نعمة الله بمرض ذات الجنب، بسبب الرّيح الشّماليّة، فتوفِّي ودفن في كفيفان سنة١٨٥٨. وفي الليلة التي دُفن فيها حدث أن انبعث من القبر نورٌ ساطع مشعّ، فتقاطر المؤمنون إلى قبره من كلّ صوب طالبين النِّعم والبركات.
اعلنه البابا يوحنّا بولس الثاني على فضائله البطوليّة، مكرّمًا سنة ١٩٨٩ ثم طوباويًّا في ١٠ أيّار ١٩٩٨، بعد تثبيت أعجوبة شفاء الشابّ أندره نجم، من مرضه السرطانيّ. وأُعلن قدّيسًا للكنيسة الجامعة في ١٦ أيّار ٢٠٠٤، بعد تثبيت أعجوبة شفاء السيّدة روز سعد من العمى. تحتفل الكنيسة المارونيّة بعيده في ١٤ كانون الأوّل من كل سنة
وفي الذكرى السادسة عشرةَ لاعلان قداسته نستذكر اقواله:"إنّ الراهبَ في ديرهِ، مَلِكٌ في قصرهِ، دولتُهُ رهبانيّتُهُ، وجنودُهُ إخوتُهُ، ومجدُهُ فضيلتُهُ، تاجُهُ محبَّةُ الله ورهبانيّتِه، صولجانُهُ عفّتُهُ وطهارتُهُ، سلاحُهُ فقرُهُ وطاعتُهُ وصلاتُهُ، و برّهُ تواضعُهُ ووداعتُهُ.
ونستذكر أيضًا جملته الشهيرة"الشاطر اللي بيخلّص نفسو" ، أيها القديس نعمةالله نسألك بشفاعتك خلاص لبنان واللبنانيين.