بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 آب 2021 08:08ص اللامركزية الموسعة في الإدارة والمال تلوح في الأفق كحل أخير

الفيتوات تسقط الحلم بدولة قانون وتجهض توق اللبنانيين إلى التحرّر

حجم الخط
تتحضّر قمة جوار العراق التي تنطلق اليوم الى مواكبة واحتضان التغيرات والديناميات السياسية المتوقعة في الإقليم نتيجة بدء تطبيق ادارة الرئيس جو بايدن استراتيجيتها الخارجية القائمة بشكل أساس على تصفير الحضور الأميركي في المنطقة، والانتقال للتركيز على الخطرين الداهمين الروسي والصيني.

وإذ شكل الإنسحاب الأميركي من أفغانستان وما حمله من التباسات ليس أقلها تنصيب طالبان حاكما مطلقا في سياق عودة واشنطن الى عقيدة أوباما القائمة على تفعيل الإسلام السياسي السني في مقابل الإسلام السياسي الشيعي، والإثنين معا على تخوم الصين وروسيا، فإن هذه الإستعادة الأميركية لا شك ستشكّل أحد أبرز التحديات العربية في المرحلة الآتية، وستشتدّ حتما متى أعيد إحياء الاتفاق النووي الإيراني.

هذا العنوان سيكون في صلب مشاورات قمة جوار العراق بالنظر إلى موقعيته وحساسيته، وتلقّفه من أكثر من عاصمة عربية سارعت قبل أشهر إلى فتح باب لحوارات جانبية (سعودية - سورية وسعودية – ايرانية على سبيل المثال)، بفعل إدراك حجم التحولات المرتقبة لا سيما مع المتوقع من انسحاب أميركي كامل من المنطقة من البوابة العراقية.

ولم يعد خافيا أن الإستعادة الأميركية لعقيدة أوباما باتت أمرا واقعا وتنفّذ بإطّراد، تحقيقا لاستراتيجية القيادة من الخلف التي تقوم على تلزيم واشنطن تدرّجاً إدارة المنطقة الى الثلاثي التركي - الإيراني – الاسرائيلي، أي الى الثنائي الذي يشكّل رمز استنهاض الإسلام السياسي سنيا وشيعيا، جنبا الى جنب مع تل أبيب، وفي ذلك مفارقة ليس مثلها أو بعدها مفارقة.

العودة إلى عقيدة أوباما في تفعيل المواجهة بين السنّة والشيعة تسيطر على اجتماع بغداد

إذن، تغلي المنطقة على نار تصغير الحضور الأميركي الى حده الأدنى، وتتوالى الحوارات الصغيرة والكبيرة للتحوط من الانعكاسات المتوقعة لإعادة الزخم الى الإسلام السياسي الذي يشكّل في نواحيه الكثيرة التحدي الأبرز للأنظمة العربية، فيما يتلهى سياسيون لبنانيون بترهات الفيتوات المذهبية، غائصين في إزدواجية المواقف الشعبوية الرامية الى استنهاض قبلي – مذهبي منعا للمحاسبة.

وذلك من حسابات، برزت على مستوى الوزراء والقيادات الأمنية.. في مواجهة اتهامات لرئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزراء سابقين، فضلاً عن الأمنيين وبعض القضاة والاداريين، استجوبت انقسامات وخلافات كبيرة قد تؤثر على تأليف الحكومة.

كما ليس خافيا، أن العودة الى استثارة العصبية القبلية عند كل استحقاق امام القضاء، وصولا الى التدقيق الجنائي، فزع كل السارقين ومنظومة المافيا والميليشيا، يرمي إلى هدف واحد وحيد: القضاء على أي محاسبة بتغييب الحقائق والمسؤوليات، لا بل بتعميم المسؤولية على الجميع. وهو سلوك إجرامي في حد ذاته، لأنه تضييع للمسؤولية وحجب للعدالة.

يواجه اللبنانيون، هذا الواقع المقرف، بالإيغال في البحث عن نظام جديد يدير الإختلافات في ما بينهم وينظم التشعبّات على أساس بدء تطبيق اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، تلك التي حرص أمراء الحرب على وأدها 32 عاما بالتمام والكمال، رغبة في تأبيد النظام الشديد المركزية. هذا النظام طوِّع لكي يكون الحامي لمكتسابتهم الميليشوية، موفّرا أنظمة التمويل السياسي الزبائني: من المحروقات الى الفيول، من المطار الى المرفأ، من التهريب الى التهرّب، من الإتصالات الى مولدات الأحياء، بإختصار من كل قرش خزينيّ سرقوه من فجر جمهورية الطائف حتى أيامنا العصيبة هذه، حتى خلت الخزينة من فلس الأرملة.